السؤال: جاء في الحديث عن علاقة ليلة القدر بإمام العصر، عن داود بن فرقد، قال: حدّثني يعقوب، قال: سمعت رجلاً يسأل أبا عبدالله عليه السلام عن ليلة القدر، فقال: أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كلّ عام؟ فقال عليه السلام: «لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن». وهنا يقول بعض العلماء بأنّه إذا كانت ليلة القدر لا تنقطع بقبض النبي، بل هي باقية إلى يوم القيامة، وإذا كان الإمام هو قرين القرآن الذي لا يفترق عنه، وإذا كان النزول لم ينقطع عن السماء الدنيا، ولم يقتصر على سنة دون أخرى، نفهم جيّداً أنّ الأمر الإلهيّ في ليلة القدر لابدّ له من متعلّق يعرض عليه أولاً، وبهذا نعرف الارتباط القائم بين ليلة القدر وإمام العصر. هل تتفقون مع هذا الربط؟ (يوسف، الكويت).
أ ـ أمّا هذه الرواية بخصوصها فهي ضعيفة السند جداً؛ لأنّه رواها السيّاري، وهذا رجل ضعّفه العلماء، ووصفوه بالغلوّ، وهو أحد مصادر روايات تحريف القرآن الكريم، قال فيه النجاشي (450هـ): «أحمد بن محمد بن سيار، أبو عبد الله الكاتب، بصري، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمد عليه السلام. ويعرف بالسيّاري، ضعيف الحديث، فاسد المذهب، ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد الله. مجفوّ الرواية، كثير المراسيل» (رجال النجاشي: 80)، واستثناه ابن الوليد من روايات نوادر الحكمة ولم يأخذ بأحاديثه (رجال النجاشي: 348)، وقال الشيخ الطوسي: «أحمد بن محمد بن سيار، أبو عبد الله الكاتب، بصري، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمد عليه السلام، ويعرف بالسياري، ضعيف الحديث، فاسد المذهب، مجفوّ الرواية، كثير المراسيل» (الفهرست: 66)، كما ضعّفه العلامة الحلّي في (خلاصة الأقوال: 424). فضلاً عن أنّ السياري ينقل هذه الرواية هنا عن (بعض أصحابنا) دون أن يسمّي هذا البعض، فيكون في سند الحديث انقطاع أيضاً، ولهذا وصف العلامة المجلسي في (مرآة العقول 16: 386) هذا الحديث بأنّه ضعيف من حيث السند، وتوجد أحاديث أخرى قريبة من مضمون هذا الحديث.
ب ـ إنّ سورة القدر والدخان ونحوهما تدلّ على نزول الملائكة والروح، لكنّها لا تدلّ على لقياها أحداً من المعصومين، أو نزولها عليهم حتى لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، في غير تنزيل القرآن عليه فيها، فالآيات تقول بأنّ هذه الليلة التي نزّل الله فيها القرآن الكريم على رسول الله هي ليلة حافلة بالتنزيل، وفيها تتخذ القرارات الحاسمة، لكنّ هذا لا يعني أنّ كلّ ما قرّر فيها أو نزل فيها مرتبطٌ بالنبي في غير تنزيل الكتاب العزيز، فلعلّ لنزولها مهمّات أخرى لا نعرفها، فما وجه الربط بين نزولها ووجود معصوم؟! وبين نزولها وكون هذا النزول على شخص المعصوم؟! فهي تعني أنّ هناك تنزيلات من السماء إلى الأرض في هذه الليلة، أمّا كيف تتمّ هذه التنزيلات؟ وهل تنزل على إنسان أم تنزل على عالم التكوين كلّه؟ فهذا شيء لا وجود له في الآيات الكريمة، إن لم يكن الأقرب أن يكون المراد بالتنزيل هو بداية تنفيذ القوانين الإلهيّة في هذا العام بناءً على استمرارها.