• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
38 ما هي حدود سلطة الشيطان على الإنسان؟ وهل يتلبّس الجنّ بالإنسان ويتحكّم به؟ 2014-05-12 0 2532

ما هي حدود سلطة الشيطان على الإنسان؟ وهل يتلبّس الجنّ بالإنسان ويتحكّم به؟

السؤال: نرجو منكم إفادتنا حول حدود سلطة الشيطان على الإنسان. وهل صحيح أنه يستطيع (أي الشيطان) أو الجنّ أن يتلبّسوا الإنسان، أي أن يدخلوا جسده ويتحكّموا في تصرّفاته؟ مع جزيل الشكر (مصطفى كركي، لبنان).

الجواب: عندما تحدّث القرآن الكريم عن الشيطان ذكر أنّه يأمر بالفحشاء، مقابل الله الذي لا يأمر بالفحشاء، كما دلّ على ذلك قوله تعالى: (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إنّ الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) (الأعراف: 28)، وأمرُ الشيطان بالفحشاء بيّنته لنا الآيات الأخَر؛ وأوضحت أنه ليس على نحو السلطنة على المأمورين أو القهر أو إعمال القوّة أو الغلبة، وإنما عمدة أساليب الشيطان في الأمر بالفحشاء والانحراف هو ما ذكرته الآيات القرآنية على الشكل التالي:
أ ـ التخويف وخلق القلق، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: 175).
ب ـ الوعد وخلق الأماني، قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً﴾ (النساء: 120).
ج ـ تزيين الأفعال القبيحة في نظر الإنسان، قال تعالى: ﴿… وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ (الأنعام: 43)، وقال سبحانه: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ..﴾ (الأنفال: 48)، وقال تعالى: ﴿تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليَوْمَ..﴾ (النحل: 63) و..
فليس أمر الشيطان بالفحشاء عن سلطنة وتصرّف في الإنسان المأمور والموسوس له، وقد قال تعالى: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم..﴾ (إبراهيم: 22). فالشيطان دعا الإنسان للضلال تماماً كما يدعو الصديق صديقه لذلك، ويخلق له الأماني ويبث في ذهنه أنّ اختلاس هذا المال شيء جيّد ويحقّق لك طموحاتك، وأنّ دفع الحقوق الشرعية من أموالك ومساعدة الفقراء والمحتاجين سوف يجعلك فقيراً والمستقبل سيكون قاتماً أمامك. إنّ جهود الشيطان في الحديث مع الإنسان هي نفس جهود الإنسان المنحرف أخلاقياً مع صديقه الذي يريد منه أن ينحرف مثله، والفرق هو أنّ طريقة بث الشيطان للفكرة المنحرفة وللميل الانحرافي عند الإنسان فيها شيء من الخفاء أو الصمت التكويني، ولهذا سمّيت بالوسوسة؛ فإنّ الوسوسة هي الكلام الخفي والهمس في الأذن وما شابه ذلك، وهناك بعض العلماء يذهبون إلى أنّ الشيطان مخلوق غيبي غير مادّي، لكنّ علماء آخرين ـ مثل العلامة الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي حفظه الله تعالى ـ يرون أنّه موجود مادي، غاية الأمر أنّه من الموادّ التي لا ترى بالعين المجرّدة في العادة، بل هي أشبه شيء بالأثير وما تبثه أجهزة الاتصالات والأقمار الصناعية، فتكون قدرته على بثّ الفكرة فيها نحوٌ من التطوّر التقني إذا صحّ التعبير. ولا تعني قدرته التقنية المتطوّرة هذه أنّه يسيطر على الإنسان أو يتحكّم في تصرّفاته، فإنّ هذا خلاف الآيات القرآنية الكريمة التي نصّت على مخاطبة الشيطان للكافرين يوم القيامة بأنّه لم يكن له عليهم من سلطان، وتعبير (من سلطان) ـ مستخدماً أسلوب التنكير في كلمة (سلطان) ـ يعني أنّه لم يكن يملك أيّ سلطنة عليهم.
أمّا بالنسبة إلى الجنّ، بصرف النظر عن الشياطين منهم، فهم مخلوقات ثبت وجودها بنصّ القرآن الكريم، وهم يقدرون على التواصل مع الإنسان بمقدارٍ لا نعرف حدوده، فقد تحدّث القرآن الكريم عن علاقتهم بالنبي سليمان عليه السلام وأنّه كان زعيماً عليهم، ونفى القرآن الكريم علمَ الجنّ بالغيب، خلافاً لما يعتقده الكثير من الناس، فقال تعالى ـ متحدّثاً عن خدمة الجنّ لسليمان وعن قصّة وفاته أمامهم ـ: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) (سبأ: 12 ـ 14)، كما تحدّث القرآن عن اتصال من طرف الجنّ مع النبي محمد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ، حيث ذكر أنّهم سمعوا رسول الله يقرأ القرآن، قال تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) (الجن: 1 ـ 2). وقال سبحانه: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (الأحقاف: 29 ـ 30)، وهذا يعني أنّ لديهم ـ من حيث المبدأ ـ فرصاً للتواصل مع الإنسان، وإذا كانوا مخلوقات ماديّة مثل الأثير فإنّ هذا الأمر يصبح أكثر منطقيّة وطبيعية، ولا يوجد شيء يمنع عن أن يتركوا أثراً في المحيط الذي يعيش فيه الإنسان، بأن يحدثوا صوتاً أو يصدروا حركةً ما توجب خوف الإنسان أو فرحه، أو يؤثروا في طاقات الجسد وما شابه ذلك ما دامت مخلوقات ماديّة تخضع لمنطق الوجود المادي وقوانين الطبيعة حتى لو لم يستطع العلم الحديث اكتشافهم بعد.
نعم، يوجد حديثٌ مرويّ عن الإمام علي عليه السلام، في حديث قدسي يتكلّم فيه الله سبحانه وتعالى فيقول: (..وأنقل مردة الجنّ العصاة عن بريّتي وخلقي وخيرتي، وأسكنهم في الهواء، وفي أقطار الأرض، لا يجاورون نسل خلقي، وأجعل بين الجنّ وبين خلقي حجاباً، ولا يرى نسل خلقي الجنّ ولا يؤانسونهم، ولا يخالطونهم، ولا يجالسونهم…) (الشيخ الصدوق، علل الشرائع 1: 105)، فهذا الحديث يدلّ على انقطاع الصلة بين الإنس والجنّ، حتى أنّ بينهم حجاباً، رغم وجود الجنّ على وجه الكرة الأرضيّة، وإذا صحّ هذا الحديث فإنّه ينفي كلّ أشكال الارتباط بين الجنّ والإنس، لكنّ هذا الحديث لا يمكننا الاعتماد عليه ولا الوثوق بصدوره عن الإمام علي عليه السلام؛ لعدّة أمور منها أنّ سنده ضعيف، ففي سند الحديث جاء عمرو بن أبي المقدام، وهو رجل لم تثبت وثاقته ولا صدقه ولا عدالته.
ومن الممكن أن تقول بأنّ نفي الله سبحانه لسلطنة الشيطان على الإنسان يعني أنّ الجنّ لا يقدرون على التلبّس بالإنسان والسيطرة عليه؛ لأنّ الشيطان من الجنّ، بشهادة القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) (الكهف: 50).
ولكنّ هذا التحليل غير صحيح؛ لأنّ الشيطان سلبت عنه قدرة التصرّف في البشر في الإطار الذي يؤدّي إلى جبرهم على المعاصي، بحيث تصبح جميع انحرافاتهم الدينية والأخلاقية ناتجة عن عملية جبر شيطانية متفرّعة على سلطانه الثابت عليهم، والآيات القرآنية تنفي سلطان الشيطان في عملية الوسوسة على الناس، وهذا غير وجود مخلوقات جنيّة غير شيطانية قد يكون لديها قدرة السيطرة ـ أو أن يكون للشيطان نفسه قدرة السيطرة ـ من غير ناحية فعل المعاصي والخروج عن السلوك السويّ؛ لأنّ الآيات التي تنفي سلطنة الشيطان تنظر إلى موضوع الوسوسة والانحراف ولا تنظر إلى سائر القضايا التكوينية، فقد يسيطر الجنّ أو الشيطان على بدن الإنسان فيحدث فيه مرضاً، وهذا الجانب لم تتعرّض له تلك الآيات المتحدّثة عن نفي سلطنة الشيطان على بني آدم، ولهذا لمّا نفى الشيطان سلطانه على الناس قال: (إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم)، فالحديث عن دائرة السلطنة في إطار العلاقة مع الله والانحراف عن هذه العلاقة لا في كلّ الأطر التكوينية.
ومن هذا المنطلق، فكما تسيطر الظروف التكوينية في الجسد الإنساني نتيجة عوامل قهريّة على الإنسان، فتفقده قدرة السيطرة على نفسه وكأنّه محكوم لنظام قهري، كما لو وقع صوت انفجار ضخم بالقرب منه فأصيب بمرض عصبي مزمن، كذلك يمكن أن يكون للجنّ مثل هذه التأثيرات، لكن لا يوجد عندنا أيّ دليل ديني على إثبات وقوع مثل هذا الشيء، كما لا يوجد ـ بحسب قراءتي ـ دليل ديني على نفي وقوع هذا الشيء، ومن هنا عندما نواجه ظواهر ادّعاء قضايا من هذا النوع، فليس من يجيبنا عن هذا الموضوع هو عالم الدين فقط؛ لأنّ هذه الأمور ليست دينيةً فقط، بل هي مما يستطيع الدين والعلم معاً أن يعطيا تصوّراً فيها، فربما كانت الكثير من هذه الأمور أمراضاً عصبيّة، وربما استطاع علماء النفس والمعالجون النفسيّون والأطباء أن يفسّروا بعض هذه الظواهر بطريقة عادية دون حاجة لافتراض وجود جنّ، لكن ينبغي أن لا نكذّب الأمر لمجرّد أنّه لم يثبت لدينا.
وخلاصة القول: إنّني لا أرى دليلاً ـ على المستوى الديني ـ يثبت أو ينفي مطلق أشكال تأثير أو تلبّس الجنّ بالإنسان وأمثال ذلك، فلابدّ من الرجوع إلى العلوم الأخرى لكي تساعدنا في تحصيل المزيد من المعلومات حول علاقة الجنّ بالإنسان سلباً أو إيجاباً. والعلم عند الله تعالى.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36679613       عدد زيارات اليوم : 3505