الجواب: من حيث المبدأ لا مانع لكلّ هذه الأعمال أن تكون مشمولةً لبعض العمومات إذا صارت عرفاً في التعبير عن الحزن وإحياء الأمر، ولم يقف دون ذلك مانعٌ من عنوان أوّلي أو ثانوي، لكنّه لا يكون حينئذٍ مستحبّاً بعنوانه. وعندما يثير بعض الحوزويّين والمثقفين والعلماء جدلاً في عدم وجود هذه الشعيرة أو تلك، فهو ينشأ من أحد أمور أربعة هي مرجع الخلاف اليوم:
1 ـ إنّ هذا الفعل أو ذاك (المشي على النار أو التطبير أو الزحف نحو المراقد أو غير ذلك) ليس مستحبّاً بعنوانه الأوّلي، حيث إنّ بعض العلماء يحاولون إثبات استحباب بعض هذه الأفعال بالعنوان الأوّلي، كما يُستوحى من كلماتهم أو يحاولون نسبتها للدين بعنوانها، وهذا ما يلاحظ أو يُستوحى من كلمات بعض العلماء أمثال السيد محمد الشيرازي رضوان الله عليه، والسيد صادق الشيرازي حفظه الله وغيرهما، كأن نجد عندهم الاستدلال على التطبير ببعض الروايات الخاصّة أو بفعل السيدة زينب عليها السلام أو بغير ذلك.
2 ـ إنّها مرجوحة بالعنوان الثانوي، حتى لو كانت مشروعة بالعنوان الأوّلي، وهذا هو مرجع الكثير من المواقف الرافضة لبعض التصرّفات في المظاهر العزائيّة الحسينيّة، وإليه يرجع موقف تيار خطّ الإمام الخميني اليوم، وهو المنهج الذي يلاحظ في كلمات السيد علي الخامنئي حفظه الله.
3 ـ عدم ثبوت عنوان الشعيرة عليها حتى لو ثبت شمول العمومات لها؛ لأنّ البعض يحاول خلع عنوان الشعيرة على ما يشتهر ولو مؤخّراً، كما هو منهج بعض المعاصرين، وما قصدتُه بالعمومات ليس عمومات البكاء فقط، فإنّه قد يُدّعى انصرافها عن غير المتعارف، بل هي عمومات إحياء الأمر والتذكير بمصابهم والجزع لو تمّ الأخير.
4 ـ إنّها محرّمة بالعنوان الأوّلي، وهذا هو منهج السيد محمّد حسين فضل الله رحمه الله في مثل قضيّة التطبير، حيث يدرجه ضمن الإضرار المحرّم بالنفس والجسد.
إذاً فالخلاف بين المجيزين والمانعين يرجع إمّا إلى نفي استحباب هذه الأفعال بالعنوان الأوّلي، أو إلى تحريمها بالعنوان الثانوي، أو إلى تحريمها بالعنوان الأوّلي، أو إلى نفي عنوان الشعيرة عنها ما دامت غير موجودة في عصر النصّ ولا منصوصة في الكتاب والسنّة.
وأمّا حديثكم عن التناسب مع كرامة المؤمن وغير ذلك، فهذا من ضمن البحث في عدم وجود مانع أوّلي أو ثانوي، ومن هنا فالطرف المثبت للشرعيّة لا يرى منافاةً لحقّ المؤمن وكرامته في كلّ هذا ما دام فتح باب شرعيّة الجزع من جهة، وباب كون المحزون عليه هو مقام أهل البيت الذي يرخص دونه المقام الشخصي من جهة ثانية، فيصعب الدخول معهم في مثل ذلك على مستوى البحث الإقناعي.