السؤال: ما هو منشأ اختلاف الفقهاء حول مسألة نكاح المرأة من الدبر؟ أرجو الردّ، مع اﻻعتذار. (أياد).
الجواب: اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أقوالٍ أبرزها: الجواز مطلقاً (وبعضهم مع كراهة)، والحرمة مطلقاً، والجواز بشرط إذن الزوجة. ومنشأ الاختلاف هو:
أ ـ فهمهم لبعض النصوص القرآنية، مثل قوله تعالى: (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ واتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين) (البقرة: 223)، حيث فهم منها بعض الفقهاء جواز المقاربة من أيّ موضعٍ شاء الرجل، وناقش آخرون في هذا الفهم على أساس مناقشات تفصيليّة في دلالة كلمة (أنّى) في اللغة العربية، وأنّ المناسب للسياق هو الإشارة إلى الزمان لا الموضع، أي فأتوا نساءكم في أيّ زمان شئتم عدا الحيض الذي ذكرته الآية السابقة، بل بعض الفقهاء فهم من الآية السابقة أنّ الله أذن بالمقاربة في موضع محدّد، وليس إلا الموضع المعروف، قال تعالى: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة: 222)، فإنّ الأمر بالإتيان من حيث أمرنا الله معناه أنّ هناك موضعاً محدّداً شرّع للناس المقاربة فيه. وهذا الفهم خضع أيضاً لمناقشات عديدة.
ب ـ موقفهم من الروايات من حيث سندها ودلالتها، بل وجود تعارض بين الروايات، وقد اختلفوا في أيّ من هذه الروايات المتعارضة ينبغي الأخذ به، ففي خبر عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَرْأَةَ فِي دُبُرِهَا. قَالَ: لَا بَأْسَ إِذَا رَضِيَتْ… (تهذيب الأحكام 7: 414)، فهذا الخبر فيه قيد رضاها، وفي خبر صفوان بن يحيى، قال: قُلْتُ لِلرِّضَا عليه السلام: إِنَّ رَجُلًا مِنْ مَوَالِيكَ أَمَرَنِي أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ هَابَكَ وَاسْتَحْيَا مِنْكَ أَنْ يَسْأَلَكَ. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: الرَّجُلُ يَأْتِي امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا. قَالَ: ذَلِكَ لَهُ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَأَنْتَ تَفْعَلُ؟ قَالَ: إِنَّا لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ (الكافي 5: 540)، حيث فهم بعضهم منها أنّ ظاهر إطلاقها أنّه حقّ له ولو لم تأذن. وفي النبوي قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: (مَحَاشُّ نِسَاءِ أُمَّتِي عَلَى رِجَالِ أُمَّتِي حَرَامٌ) (كتاب من لا يحضره الفقيه 3: 468).
ولعلّ من أجود الآراء هنا ـ بعد الفراغ عن التحريم لو كان وطء الدبر موجباً لضرر الزوجة أو الزوج ـ هو رأي كلّ من السيد علي السيستاني حفظه الله (منهاج الصالحين 1: 83) والشيخ فاضل اللنكراني رحمه الله (الأحكام الواضحة: 55)، حيث يرى كلّ منهما أنّه مع رضاها يجوز ذلك على كراهة، وأمّا مع عدم رضاها فالأحوط وجوباً تركه. ولو ضممنا إليه رأي السيد محمد حسين فضل الله في أنّ المطلوب من المرأة الاستجابة للرجل في الاستمتاعات المتعارفة، فلا يجب عليها الاستجابة في مثل وطء الدبر عندما يكون أمراً غير متعارف (فقه الشريعة 3: 503)، لو ضممنا إليه وجهة النظر هذه يصبح الاحتياط الوجوبي الذي طرحه السيد السيستاني والشيخ اللنكراني قويّاً أكثر.
هذه نظرة موجزة للغاية حول المشهد القائم بينهم في هذه القضيّة، وعلى كلّ مكلّف العمل بوظيفته الشرعيّة وفقاً لاجتهاده أو تقليده.
الله اعلم ان هذا الامر محرم شرعا لاننا يجب ان نعتمد القران اصح من الروايات وانا مع الراي الذي يحرم ذلك لان الله ذكر في القران كلمات الفرج والحافظات فروجهن وغيرها في الايات و لم يقول حافظات ادبارهن، اذن الاتيان في الدبر غير مقبول