السؤال: ما هو مراد الكاتب مصطفى ملكيان في كتابه العقلانية والمعنوية من العبارة أدناه والتي كرّرها في غير موضع في هذا الكتاب، وبنى عليها عدّة نتائج معرفيّة: (حيث تبيّن، منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر، عدم إمكانية إثبات المزاعم الميتافيزيقيّة لأيّ دين من الأديان)؟
الجواب: يؤمن ملكيان بالنظريّة (أو الاتجاه) التي ترى أنّ القضايا الميتافيزيقيّة (ما وراء الطبيعة) لا يمكن إثباتها بالعقل النظري، ويعتقد بقوّة بفكرة تكافؤ الأدلّة التي طرحها أمثال الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط، لهذا فهو واضحٌ جداً في كتاباته بأنّ الله لا يمكن إثباته فلسفياً، ومن هنا يرى أنّ الله إنّما نتعامل معه معنوياً وروحيّاً وبالعقل العملي والوجداني، وهذه نظريّة كبيرة جداً، لها أنصار كثر في ما يعرف بالمدارس الإيمانية في الديانة المسيحية، وكذلك عند أنصار اللاهوت الجديد في الغرب، وهي تجمع بين المدرسة الوضعيّة في الفلسفة بمقدارٍ ما وبين الإيمان الديني، وترى أنّ الله يمكن التعامل معه بالوجدان والروح لا بالعقل والتفكير.
ولمزيد من التفصيل، يمكنكم مراجعة محاضراتي حول الدين والحداثة (10 محاضرات) من سلسلة محاضرات علم الكلام الجديد (وهي في 75 محاضرة)، والتي تعرّضتُ فيها لعدّة نظريّات، بينها نظريّة الدكتور طه عبد الرحمن من المغرب، ونظرية الدكتور مصطفى ملكيان (من إيران) حول الدين المعنوي، وقد قرّر القسمَ المتعلّقَ بملكيان بعضُ الأعزّة من طلابي الكرام، وهو الأخ العزيز الأستاذ عماد الهلالي حفظه الله، ونُشر على شكل مقالة بحثيّة في مجلة الكلمة، العدد 65، خريف عام 2009م، تحت عنوان: (الحداثة والاتجاه المعنوي في الدين عند مصطفى ملكيان)، وقد قام الأستاذ الهلالي بوضع بعض الإضافات، واستخراج المصادر والتوثيقات العلميّة، بما يتناسب مع جعلها مقالة بحثيّة، كما ذكر هناك، فجزاه الله خيراً.