• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
20 ما هو الموقف من انتقال إرث المرجعيّة إلى الأقارب والأبناء؟! 2014-05-12 0 2338

ما هو الموقف من انتقال إرث المرجعيّة إلى الأقارب والأبناء؟!

السؤال: في وُدّي أن أسألكم عن ظاهرة لها قدر كبير من الحساسية والأشكلة، ربما بدأت الحوزة العلمية ترزح تحت وطأتها منذ تسعينيّات القرن الماضي أو ربما أبكر، ألا وهي انتقال التراث المرجعي من البعد المعرفي إلى المسلك الوراثي، وبعبارة أخرى: تحوّلت المرجعية في حالات عديدة إلى إرث شخصيّ، إذ يستمرّ أولاد المرجع المتوفّى في إدارة الأمور وكأنّ شيئاً لم يكن، فهل هذه ظاهرة صحيحة؟ أليست المرجعيّة في النيابة عن المعصوم عليه السلام، وبالتالي يجب أن ينتقل كلّ ما يتعلّق بالمرجع المتوفّى إلى الأعلم الحيّ؟ (محمد هاشم البطاط، بغداد).

الجواب: هناك فرق بين حالتين يجب التمييز بينهما:

الحالة الأولى: انتقال المرجعيّة إلى الأبناء، بحيث يُدفع الابن أو الأخ أو الصهر للتصدّي للمرجعيّة كي يتولّى الشأن العام تبعاً لتأثير والده الروحيّ على الناس (أو أخيه أو والد زوجته)، وهذا أمرٌ مرفوض جملةً وتفصيلاً ما لم يكن الابن أو الأخ أو الصهر يستحقّ فعلاً منصباً من هذا النوع، فلا نستطيع حرمانه من هذا المنصب بحجّة أنّ والده أو أخاه أو والد زوجته هو المرجع السابق المتوفّى، لكن لو لم يكن أهلاً لتولّي مثل هذا المنصب فلا يجوز له التصدّي أساساً، ولا يجوز للآخرين أن يؤيّدوا تصدّيه هذا وينضووا تحت لوائه في هذا المجال.

وفي بعض الأحيان يُصار إلى تغليف هذه العمليّة بأغلفة تحاول إقناع أصحابها بها، مثل القول بأنّ عدم تصدّي الابن أو الصهر أو الأخ لمقام المرجعيّة الدينية والإفتاء سيعني أنّ مشروع الوالد الفكري أو الاجتماعي أو السياسي أو النهضوي أو الدفاعي سوف يتلاشى، فعلينا أن نرتكب خطأ صغيراً لأجل حفظ المشروع، وهذا ما يُرتكب اليوم في غير وسط ومجال، حيث بحجّة نصرة المشاريع الكبيرة يصار إلى التلاعب بمثل مقام الإفتاء والمرجعيّة والقضاء وغير ذلك، وهذا في تقديري تصرّف قد تكون فيه بعض المصالح الآنيّة، لكنّه على المدى البعيد سوف يؤدّي إلى خلق قواعد جديدة للتنصيب المرجعي أو القضائي أو الإفتائي أو غير ذلك، وهي قواعد نراها تخضع للتوازنات وليس للجوانب العلميّة أو الفكريّة أو لمدى كون هذا الشخص أو ذاك قد قدّم خدمةً للأمّة في هذا المجال أو ذاك، تعطيه مثل هذا الحقّ.

إنّني أبدي تشدّدي حيال تقديم شخص لمقام المرجعيّة، لا لأنّ هذا المقام هو منصب خيالي لا يرقى إليه أحد، بل تحذّراً من أن يصير حال الشيعة الإماميّة حال بعض المذاهب الأخرى التي كثُر الإفتاء فيها وذهبت هيبته وصار يتنطّع له الصغير والكبير، فكلّ من درس بضعة سنوات أو بضعة أشهر قدّم نفسه مفتياً على الهواء في قضايا خطيرة للأمّة، فيُشغل الساحة بتهريجه وهزالة معرفته. إنّني أدعو إلى ضبط عملية الإفتاء والتشدّد في شروط المتصدّين لها، على مستوى منصب المرجعيّة أو شبهه، لا بمعنى الضرب والتنكيل بهذه الشروط عندما نريد تصفية حساب مع شخص أو جهة، أو الكيل بمكيالين فيها، بل بمعنى أن تظلّ لهذه الشروط العلميّة والعمليّة هيبتها ومكانتها؛ لتحول دون تجرّؤ بعض الصغار على منصب الإفتاء، الأمر الذي سيتسبّب بفوضى إفتائيّة قد تخلق لنا مشاكل كثيرة في المستقبل. وكلامي هذا غير الدعوة إلى مركزيّة المرجعيّة، فأنا لا أؤمن بنظريّة تقليد الأعلم، لكنّ عدم هذه النظريّة لا يعني فوضى عمليّات الإفتاء وادّعاء الاجتهادات، فليلاحظ جيداً.

الحالة الثانية: انتقال إرث المرجعيّة إلى الأبناء ونحوهم، وأقصد بإرث المرجعيّة هو التركة الماليّة المنقولة وغير المنقولة التي كانت للمرجع المتوفّى بوصفه مرجعاً لا له لشخصه وذاته، مثل مؤسّساته وما يلحق به من موقوفات وحقوق شرعيّة ومساجد وحسينيات وحوزات علميّة، وغير ذلك، بحيث يحظى الأقارب بإدارتها ولو لم يحظوا بتملّكها الشخصي.

وهنا تارةً نتكلّم في الجانب الشرعي، وأخرى نتكلّم في الجانب الاجتماعي والثقافي العام:

أ ـ أمّا الجانب الشرعي، فبإمكان أقارب المرجع الحصول على إجازات شرعيّة من بعض المراجع الآخرين الأحياء، وتكون هذه الإجازات بمثابة المبرّر الشرعي لإدارتهم هذه الأموال، وهذا ما حصل بعد وفاة عدّة من المراجع خلال العشرين سنة الأخيرة في غير بلد مسلم، وفي هذه الحال لا يوجد أيّ إشكال شرعي، ما دامت عمليّة إدارة هذه الأموال والمؤسّسات تخضع لإجازة من له الولاية على هذا المال، بناءً على انحصار ولاية هذه الأموال بالمرجع الديني، فكما يعطي المراجع اليوم إجازات بقبض الحقوق لبعض المشايخ الذين لا يملكون أيّ مستوى علمي أو اجتماعي مميّز ويكون لهم بذلك حقّ الصرف والقبض ضمن إطار الإجازة المعطاة، كذلك الحال في أقارب المرجع ـ وقد يكون فيهم بعض أهل العلم والفضل ـ حيث يعطي المرجع الحالي لهم هذه الإجازة، إن في الأموال المتبقّية بعد وفاة مرجعهم أو في الأموال الجديدة التي يمكن أن تصير إليهم من الناس، فأيّ ضير في ذلك؟! وأين هي المشكلة الشرعيّة؟! نعم، المرجع الديني الحيّ عليه أن يدرس الأمور بشكل دقيق قبل إعطائه هذه الإجازة أو غيرها، حتى لا يعطي هذه الإجازة ويضعها في مكان غير صحيح، فهو المسؤول أمام الله سبحانه.

ب ـ وأمّا الجانب الاجتماعي والثقافي، فمن حيث المبدأ يجب أن تصير هذه الأموال لمن هو الأكفأ في إدارتها، سواء كان عالماً دينيّاً أم غيره، ومن خلاله تصبح هذه الأموال في خدمة الصالح العام، سواء كان من تصير إليه هذه الأموال هم أقارب المرجع المتوفّى أم غيرهم، فلا يوجد عندنا شيء اسمه وراثة تركة المرجع لأقاربه، وهذه أمور لا أصل ولا أساس لها في الدين ولا القيم ولا الأخلاق، حتى لو فعلتها بيوت المراجع كلّهم، ونحن على معرفة بأنّ بيوت بعض المراجع المتوفّين قد حاولوا إحالة الأمر إلى غيرهم، لكنّ الآخر لم يقبل فصار الأمر إليهم.

أمّا من يتحمّل مسؤوليّة هذا الوضع؟ فإنّني أعتقد أنّ المسؤوليّة تقع على عاتق مجموعة المرجعيّات الدينية، والعناصر النافذة في الحوزات العلميّة، والتي هي مسؤولة عن خلق وضع اجتماعي آخر تصير فيه الأموال والمواقع إلى حيث ينبغي بعد وفاة المرجع الديني، كما أنّ المرجع المتوفّى نفسه يلعب دوراً كبيراً في هذا الأمر، من خلال سياسته التي يقوم بإنفاذها في حياته، بما يخلق وضعاً من هذا النوع أو يتجاوز بمرجعيّته مثل هذه الحال، فهم من يتحمّل المسؤوليّة أكثر من غيرهم. وحواشي المرجعيّات والعناصر النافذة في البيوت لها القدرة الكبرى ـ كما يعرف أهل المعرفة ـ على خلق وضع مختلف، لكن تارةً توجد قناعة بإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، وأخرى لا توجد قناعة بخلق وضع مختلف، وثالثة توجد قناعة بالتغيير لكن لا توجد إرادة، ورابعة توجد القناعة والإرادة لكن لا توجد القدرة عندما تكون لوحدك حيث اليد الواحدة لا تصفّق. كما أنّ عموم المؤمنين لهم دور أيضاً في ممارسة مهمّة الدعوة إلى الخير وإشعار المرجعيّات الدينية ومن حولها بخطورة الوضع وبرفض هذا النهج، مستخدمين أسلوباً سليماً من الناحية العلميّة والاخلاقيّة، فلا يستخفّنّ أحدٌ بدوره وتأثيره.

إنّنا نأمل وندعو ونطالب ـ من حيث إنّنا من عموم الناس ـ بأن تُقدم المؤسّسة الدينية على تغيير نظامها الداخلي، وتتخذ خطوات جريئة في هذا الصدد، ولا يكفي أن يكون هذا المرجع أو ذاك على قناعة، بقدر ما المطلوب أن يبادر إلى فعل شيء وفق ما يستطيع، ولا أقلّ أن يقول ويتكلّم ليصنع وعياً آخر ولو في الأجيال القادمة. إنّ استمرار هذه الحال في الأمور المالية للمؤسّسة الدينية قد يفضي في يوم من الأيام إلى جفاف منابع الدعم والتأييد والضخّ، وإلى فقدان الثقة بهذه المؤسّسة بشكل تامّ ونهائي بعد أن فقدت ثقتها بشكل موضعي وجزئي ليس بالبسيط، وعلينا دوماً أن نبرز التجارب المرجعيّة الناجحة ـ ولو نسبيّاً ـ في هذا السياق، لتكون أنموذجاً للآخرين.

وأشير أخيراً، إلى أنّه لا يجوز لنا اتهام أيّ من أقارب المراجع بأيّ إدانة ما لم يكن لدينا دليل يثبت إدانته، فليس كل انتقال لإرث المرجعيّة إليه دليل سوء أبناء المراجع أنفسهم، بل علينا التمييز، فتارةً ننتقد الظاهرة والمناخ والجوّ العام، وأخرى ندين ـ أخلاقيّاً أو شرعيّاً ـ هذا الشخص أو ذاك، وفي الحالة الثانية يجب التدقيق حتى لا نقع في المحاذير الشرعيّة والأخلاقيّة.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36778026       عدد زيارات اليوم : 3512