السؤال: ما هو رأيكم بطباعة أو إعادة طباعة وتصحيح كتب التراث المذهبي التي تحوي تطرّفاً طائفيّاً ومذهبيّاً؟ وسؤالي لا يختصّ بمذهب معيّن، بل يستوعب كلّ المذاهب (يُسري، من مصر).
الجواب: من الناحية المبدئيّة ليس هناك مانع من الاشتغال على هذه الكتب، بل لا يصحّ طمس التراث مهما كان الأمر، فهذا تراث ثقافي إسلامي ينبغي أن يظلّ متوفّراً بنسخه المصحّحة في أيدي الباحثين والمؤرّخين وأهل العلم والتحقيق، ولست مقتنعاً بالرأي الذي يذهب إلى حظر هذه الكتب وطمرها ونسيانها؛ لأنّ في ذلك جناية على التاريخ والتراث. لكنّ القضيّة تتصل بطريقة نشر هذه الكتب، والجهة التي تقوم بنشرها فيما يُعرف عنها وعن سياستها وأفكارها وموقعها بحيث يفهم نشرها لهذه الكتب بمعنى سلبي أو غير سلبي، وكذلك لابد من النظر في توقيت النشر، أو الاشتغال الإعلامي عليها، أو محاولة استغلالها، فهذا هو الذي لا يصحّ، بل ينبغي مراعاة هذه الأمور لاسيما في ظلّ ارتفاع منسوب التوتر الطائفي في العالم الإسلامي. ولابد من نشر وعي ثقافي يؤكّد أنّ كتب التراث لا تعبّر كلّها بالضرورة عن واقع اعتقادات المذاهب اليوم، وأنّ هذه الكتب هي محلّ نقاش حتى عند أبناء المذهب الواحد في العادة، وأنّه ينبغي محاكمة المذاهب وفقاً لما تعتقده اليوم؛ لأنّ أغلب المذاهب الإسلامية حصل على معتقداتها وآرائها تحوّلات وتغيرات ينبغي أن تلاحظ لمحاكمة أبناء كلّ مذهب وفق الآراء التي يختارها أبناؤه اليوم، لا وفق الآراء التي اختارها علماؤه قبل ألف عام ثم هجروها فيما بعد.