السؤال: ورد استحباب الوقوف عند ذكر لقب (القائم) للإمام صاحب الزمان ولم يرد في غيره, ولكن نجد الكثير من المؤمنين يقومون ويضعون أيديهم على رؤوسهم في كلّ مورد يذكر فيه الإمام. فهل مخالفتي لهذه الأفعال التي لم يرد استحباب بها يوقعني في محذور ما؟ وأحبّ أن أسألكم أيضاً حول مخالفتي لجميع العادات والمتوارثات التي يقوم بها المؤمنون، والتي ليس لها أيّ أصل شرعي, فهل هذه المخالفة أيضاً مطلوبة أم لا؟ أشكر حسن إجاباتكم على جميع أسئلتي, وفّقكم الله لكلّ خير.
الجواب: مخالفة العادات والتقاليد الدينية إذا ثبت ـ عدم صحّة مستندها ـ قضيّة لها حالات وظروف، ويمكنني توضيح ذلك باختصار على الشكل التالي:
أولاً: إنّ قولكم بأنّ هذه العادات ليس لها أصل شرعي، مفهومٌ يحتمل شيئين: أحدهما أنّه لا أصل شرعيّ لها على الإطلاق، والثاني أنّه لا أصل شرعيّ صحيح لها من وجهة نظركم أو نظر فريق من العلماء والباحثين، ففي الحالة الأولى يمكن أن نواجه الأمر بأنّ هذه العادات هي مخترعات شعبيّة لا أصل لها، ونحارب هذه الظواهر التي يتفق الجميع من العلماء والباحثين على عدم وجود أصل لها. أمّا في الحالة الثانية فلا يصحّ أن نقصي اجتهادات الآخرين التي ترى أنّ هذه العادة أو تلك لها أصل صحيح عندهم، ويكون الموقف هنا هو الدخول في حوار علمي حول صحّة المستند الذي يعتمده الطرف الآخر الذي يدّعي وجود أصل شرعي لهذه العادة أو تلك. ما أريده هو التنبّه للفرق بين الحالتين.
ثانياً: إنّ مخالفة العادات تارةً تكون مسألةً شخصيّة ذاتية لا تترك أثراً على المسيرة الدينية، وأخرى تدخل هذه المخالفة في سياق عملية إصلاح ديني، أمّا لو صدرت هذه المخالفات من شخص لا تشكّل مخالفته أيّ صدى في الأوساط الدينية لا سلباً ولا إيجاباً، فهنا يمكن القول بأنّ القضية ستكون شخصيّةً بامتياز، فما دام غير مقتنع ـ لمبرّر شرعي ومنطقي ـ فمن حقّه أن يترك هذه العادة أو تلك، وليس من حقّ الآخرين سوى الدخول في حوار هادئ معه. وأمّا لو وقعت هذه المخالفات في سياق عملية رفض وتمرّد على الانحراف السلوكي في المجتمع الديني من وجهة نظر صاحبه، فهنا يجب دراسة المصالح والمفاسد، فقد يكون التمرّد سلباً على مسيرة الإصلاح الديني في المنظورين القريب والبعيد، وقد يكون إيجابياً على المدى البعيد سلبيّاً في المنظور القريب، وقد يكون إيجابيّاً في المنظورين معاً، فتتبع القضيّة القراءة المتأنّية للأمور في هذا المجال، وفي أغلب الأحيان يكون التمرّد ظاهرةً صحيّة في لحظات تاريخية محدّدة ينبغي التربّص بها لمن يريد الإصلاح الديني.