• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
130 ما هو المراد بالعقل الذي إذا خالفه متن الحديث الشريف سقط عن الاعتبار؟ 2014-05-12 0 4412

ما هو المراد بالعقل الذي إذا خالفه متن الحديث الشريف سقط عن الاعتبار؟

 

السؤال: يقول غير واحد من العلماء أن الحديث إذا خالف وعارض العقل القطعي فهذا يثبت أن الحديث غير معتبر متناً وإن صحّ سنداً مثلاً, فما هو المراد بالعقل القطعي وما هي ضابطته؟ (علي عباس).

 

الجواب: يطرح علماء الحديث معياراً لمحاكمة متن الحديث، وهو نقده بمخالفة مضمونه لواضحات العقول والبديهيّات التي لا تحتاج إلى نقاش، بل للعقل عموماً (انظر: الصالح، علوم الحديث: 284 ـ 285؛ والفضلي، أصول الحديث: 207؛ وتدريب الراوي 1: 233؛ ومقباس الهداية 1: 404)، ويمثلون لذلك عادةً بخبر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في المصادر السنّية، حيث قيل له: حدّثك أبوك عن جدّك أنّ رسول الله قال: mإنّ سفينة نوح طافت بالبيت وصلّت خلف المقام ركعتينn؟ قال: نعم (انظر: كنز العمال 5: 55؛ ومصنف الصنعاني 5: 94؛ وإرواء الغليل 5: 322؛ وابن الجوزي، الموضوعات 1: 100؛ وتهذيب التهذيب 6: 162)، ونحو هذه الرواية خبر علي بن أبي حمزة في المصادر الشيعيّة قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: mإنّ سفينة نوح عليه السلام كانت مأمورة طافت بالبيت.. ثم رجعت السفينة وكانت مأمورة، فطافت بالبيت طواف النساءn (الحرّ العاملي، تفصيل وسائل الشيعة 13: 300).

وهذا المعيار واضح من حيث المبدأ، إلا أنّ الكلام في معنى العقل الذي إذا خالفته الرواية اعتبرت موضوعة أو غير حجّة، فمن الواضح أنّ البديهيات الواضحات التي لا يختلف فيها اثنان تعدّ مصداقاً أبرز وأوضح للعقل، وكذلك الأحكام الأولية للعقل العملي كحسن العدل وقبح الظلم. لكن متى يقوم الواضع بوضع حديث يعارض بكلّ بساطة بديهيات العقل بهذا المعنى؟! وهل كان الواضعون سذجاً إلى هذا الحدّ؟ وهل كانوا حمقى ليسندوا إلى الرسول والصحابة وأهل البيت أموراً منافية لبديهيات العقل الإنساني؟!

من هنا، يحاول النقّاد أن يذهبوا إلى أنّ العقل هنا هو تارةً المعطيات البرهانية المؤكّدة بالدليل الحاسم عبر البحث العلمي أو المنطقي أو الفلسفي، وأخرى المنطق الطبيعيّ للأشياء، لا العقل النظري البديهي أو العملي الأوّلي فحسب. فهذه الرواية التي قرأناها قبل قليل ـ سواء بشكلها الوارد في المصادر السنية أم بطريقة بيانها الشيعي ـ لا تخالف بديهيات العقل بهذا المعنى، لكن مع ذلك يقولون بأنها تخالف العقل.

من هنا، يبدو أنّ المراد بالعقل عندهم كلّ عقل سليم يفهم منطق الأشياء ويحمل ذوقاً سليماً معتدلاً، مثلاً يمكن أن يكون النبي سليمان له ألف زوجة أو ألفين يجامعهنّ كل ليلة، فالعقل بالمعنى الأول لا يمانع ذلك، لكنّ العقل السليم الذي يملك ذوقاً لطبيعة الأشياء يرى ذلك غير صحيح، ما لم تأتِ الشواهد الداعمة على وجود إعجاز استثنائي في الأمر، فإنّه كلّما كان الأمر غير عادي احتاج لمزيد من الشواهد للاقتناع به، وفقاً لما ذكروه في مباحثهم حول التواتر، سواء في علم أصول الفقه أم في علم الحديث والدراية.

كذلك الحال على مستوى العقل العملي، فإذا جاءت رواية تجيز للأب معاقبة الابن بقضم لحمه بالمقاريض أو قطع إصبعه وهو لم يبلغ الحلم، فإنّ العقل هنا لا يقبل منطق هذا التشريع؛ لأنه يرى فيه ظلماً وجوراً، والله أجلّ من أن يظلم. وعلى هذا فقس، مثل ما جاء في بعض كتب الحديث الشيعية من رواية داود بن فرقد (الصحيحة السند)، والتي تقول بأنّ بني إسرائيل كانوا يطهّرون لحومهم بالمقاريض عند إصابة البول، وأنّ الله وسّع على أمّة محمد (انظر: تفصيل وسائل الشيعة 1: 134)؛ فهل يعقل أنّه كلّما أصابهم بولٌ ولو من غيرهم قرضوا لحومهم؟! وماذا لو أنّ شخصاً أصيب ببولٍ كثير في مختلف أجزاء جسده؟! إنّ الناقد هنا يرى أنّ مثل هذه الأحاديث غير منطقيّة، لا أنّها تخالف البديهيات أو البراهين الفلسفيّة القطعيّة، بل إنّ عدم منطقيّتها يجعل الوثوق بالحديث ضعيفاً حتى لو صحّ السند. والنقد المتني لا يراد منه بالضرورة ـ كما يتصوّر كثيرون ـ إثبات بطلان هذا الحديث أو ذاك، بل يراد منه زعزعة الحديث، بحيث تزول منه حالة الظنّ أساساً، ويصبح مشكوكاً في أمره ولو كان صحيح السند. والكثير من الأصوليين قالوا بأنّ حجية الحديث مشروطة بحصول الظنّ منه، فلو حصل ظنٌّ على خلافه، أو زال منه الظنّ، سقطت حجيته ولو كان صحيح السند، وهذا قولٌ ذهب إليه الكثير من القائلين بحجيّة خبر الثقة، فضلاً عن القائلين باختصاص الحجيّة بالخبر الموثوق فليراجع، فهذه هي قيمة النقد المتني أو إحدى قيمه الرئيسة في التعامل مع الحديث، وليس الهدف من النقد المتني إقامة الدليل على استحالة مضمون الحديث بطريقة برهانية علميّة مؤكّدة تنفي مطلق الاحتمال، وهذا بالضبط ما يمارسه نقاد التاريخ والباحثون المتمرّسون في النقد التاريخي، فهم لا تكاد تجد في كلماتهم ما ينفي احتمال صحّة الخبر، لكنّه يضعف القيمة الاحتمالية للخبر التاريخي إلى حدّ ينهار الوثوق به.

فالعقل هنا يؤخذ بمعناه الأعمّ من البديهيات الأوليّة، هذه هي وجهة النظر السائدة بين المحدّثين ونقاد المتن في الحديث، لكنّ خطورة هذا المنهج أنه قد يلتبس أمر العقل الذوقي الفردي بالعقل السليم الموضوعّي الجمعي، فيسرع الإنسان إلى اتهام الحديث بالوضع لعدم مجيئه على ذوقه ومزاجه، إن في مضمونه الخبري أو في مضمونه التوجيهي؛ لهذا يحتاج الأمر إلى المزيد من الصفاء الذهني وصناعة الذوق السليم، وسعي للموضوعية والابتعاد عن التسرّع والابتسار والانحياز، فالشيء المؤكّد من العقل هو البديهيات القطعية واليقينيات الواضحة الجليّة عند الناس على مستوى النظر والعمل، أمّا غير ذلك فهو أمر نسبي يخضع لمقاربات هذا المحدّث أو ذاك على المستوى التطبيقي، شرط أن لا يتكلّف النقد والاستذواق من جهة، ولا يتكلّف ـ لكي لا يسقط الحديث ـ التأويل وطرح الفرضيات البعيدة عن ظاهر الحديث والاحتمالات المنقطية الصرفة كما يحصل كثيراً بين الباحثين الدينين خوفاً من هدر النصوص الحديثية الضعيفة السند، فضلاً عن المعتبرة المصدر والإسناد. وهذا كلّه يحتاج في المرحلة المسبقة إلى تكوين تصوّر عام عن الدين وفضائه المعرفي من خلال مصادر موثوقة يقينية سلفاً مثل النصّ القرآني ومتواتر السنّة، لكي يتمّ تحصيل المزاج النصّي الديني العام، حتى تعرض عليه سائر النصوص الصحيحة السند أو ضعيفته، وهذا ما يشير إليه المحدّثون عادةً تحت عنوان عرض الحديث على أحاديث الثقات الإثبات، أو عرض الحديث على القرآن، فلا يمكن أن أكوّن المزاج الديني العام في البداية إلا من المساحة المتيقّنة؛ لكي إذا ولجت المساحة المظنونة من النصوص تمكّنت من أن أجعل المساحة المتيقّنة معياراً ذوقيّاً عقلياً عاماً في التعامل مع النصوص عبر عقلي الذي تمّت بلورته منطقيّاً من خلال المزاج العام للعقل البرهاني والنصوص الدينية القطعيّة معاً، لا أن أعمد إلى مساحة النصوص الحديثية كلّها لأفترضها سلفاً قد صدرت عن النبي بحيث تكون مناقشتها مناقشةً للنبيّ نفسه!! كما هي الحال في ثقافتنا الشعبية العامّة أحياناً، والتي مع الأسف سرت إلى غير واحد من أهل العلم.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36696485       عدد زيارات اليوم : 20387