السؤال:ما الفرق بين النسبة الإرسالية والنسبة الطلبيّة في صيغة فعل الأمر؟
الجواب: قد نجد بعض التسامح في إطلاق هذين التعبيرين في بعض الكلمات، بحيث يستخدم أحدهما مكان الآخر، إلا أنّ الموجود في بعض كلمات مثل المحقّق العراقي ـ وتبدو متابعته على ذلك من قبل السيد محمّد باقر الصدر ـ هو التمييز بينهما، وذلك أنّ النسبة الإرساليّة تارةً يكون لها فردٌ تكويني حقيقي، وهو أن تقوم بنفسك بدفع شخص نحو الكرسي بيدك، فأنت هنا ترسله نحوها إرسالاً تكوينيّاً، وتلقيه عليها إلقاء تكوينياً، وتدفعه نحوها دفعاً تكوينيّاً. وأخرى يكون لها فرد عنائي، وهو أن تقول له: اجلس على الكرسي، فإنّ قولك هذا شكلٌ تكويني آخر من أشكال دفعه وإرساله نحن الكرسي؛ لأنّ قولك هذا يعدّ أيضاً دافعاً ومحرّكاً له نحو الجلوس، غاية الأمر أنّ هذا الإرسال ليس حقيقيّاً. وهذا الدفع تنتج عنه نسبة معيّنة بين المدفوع ـ وهو الشخص ـ والمدفوع إليه، وهو الجلوس على الكرسي في مثالنا، وهذه النسبة هي النسبة الإرساليّة الدفعية البعثيّة الإلقائيّة التحريكية ما شئت فعبّر، وهنا يقول هؤلاء بأنّ المفاد المطابقي لصيغة الأمر ـ من ناحية المدلول التصوّري ـ هو النسبة الإرساليّة هذه، فكأنّ الآمر يدفع المأمور نحو المأمور به دفعاً عنائيّاً غير حقيقي، إلا أنّ هناك ملازمة ـ في مرحلة التصوّر نفسها ـ بين هذا المفاد ومفاد التزامي آخر، وهو الإرادة. وعندما يصدر الأمر من آمرٍ عاقل جادّ، فإنّه يكشف حينئذٍ عن المدلول التصديقي، وهو إرادة المتكلّم جدّاً لتحقيق المأمور للمأمور به:
أ ـ فإذا قلنا باتحاد الطلب والإرادة صارت النسبة الطلبية ملازمةً للنسبة الإرساليّة.
ب ـ وإن قلنا بأنّ الطلب مغاير للإرادة، فيكون معنى الطلب هو السعي نحو المقصود، وهنا إذا سألنا أنفسنا: كيف سعى الآمر نحو مقصوده الذي هو تحقّق المأمور به من المأمور؟ فسيكون الجواب بأنّه سعى لمقصوده هذا عبر إصداره من لسانه صيغةَ الأمر نفسها، وبهذا تكون صيغة الأمر بوجودها التكويني الصادر من الآمر هي عين الطلب حقيقةً؛ لأنّها بلحاظ صدروها من الآمر تعبّر عن سعيه نحو المقصود لتحقيق غاياته.
1 ـ أنّه إذا قلنا باتحاد الطلب والإرادة، فسوف تدلّ صيغة الأمر على الطلب بالملازمة، من خلال دلالتها على النسبة الإرساليّة أولاً، ثم تلازم النسبة الإرساليّة مع الإرادة ثانياً، ثم اتحاد الإرادة مع الطلب ثالثاً.
2 ـ وأمّا إذا قلنا بأنّ الطلب ليس هو الإرادة، بل هو نفس السعي نحو المقصود، فسوف يكون الوجود التكويني لصيغة الأمر بصدورها الحقيقي من الآمر القاصد، سيكون هذا الوجود التكويني هو الطلب، وهذا معناه أنّه لن تكون صيغة الأمر دالّةً على الطلب، وإنّما هي بنفسها طلبٌ، أي سعي من الآمر لتحقيق مراده، وهو صدور المأمور به من المأمور.