• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
54 ما هو السرّ وراء لغة المبالغة المذهبيّة غير المفهومة والتي لا معنى لها؟ 2014-05-12 1 4054

ما هو السرّ وراء لغة المبالغة المذهبيّة غير المفهومة والتي لا معنى لها؟

السؤال: سماحة الشيخ الأستاذ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أودّ أوّلاً أن أنقل إليكم تحيّاتي الخالصة وشكري ومعي شكر كلّ الإخوة الذين يستفيدون من فكركم ونهجكم العلمي، وسط هذا الجوّ المشحون بالتطرّف والخرافة، سؤالي هو: ما هو السبب وراء هذا الغلوّ في السيدة الزهراء عليها السلام في بعض الأوساط، بحيث ينتجون حولها خطاباً أشكّ في أن يكون مفهوماً حتى بالنسبة إليهم، وفي بعض الأحيان يبدو لي وكأنّ اللغة وتعابيرها تذهب بهم إلى حيث لا يصبح يوجد للخطاب من معنى إلا ذات الخطاب نفسه، فلماذا ذلك؟! (فريد مركاش، الجزائر).

 

الجواب: بعيداً عن المثال الذي ذكرتموه، وبعيداً حتى عن مذهب بعينه، فإنّ ما يترجّح بنظري سبباً أحياناً في هذه الظاهرة أحد أمور، أشير لبعضها:

منها: دخول اللغة الصوفيّة والعرفانية (والشعريّة الوجدانيّة) المساحةَ المذهبيّة، فعندما نسقط اللغة العرفانيّة على موضوعات مذهبيّة فسوف تنشأ مشاكل من هذا النوع، وتأتيك لغة غير مفهومة يغلب عليها الطلاسم والرموز، بحيث تشكّ في فهم أصحابها لها بشكلٍ واعٍ حقيقةً، وتحتمل أنّهم يفهمون الكلمات فقط لا المعنى، فعندما يأتيك شخص غير عارف ولا صوفي حقيقيّ فيستعمل لغة أهل العرفان في قضايا مذهبيّة كما صار يسود اليوم، فإنّ من المتوقّع دخولنا في متاهة بيانيّة رهيبة، وسيقول لك ـ وعذراً على هذا المثال الساخر ـ: (إنّ النبي الفلاني هو الصادر الأوّل المنعكس في مقام الوجود، والمتظلّل في صقع العدميّة الموجودة في أفق الملكوت الأسفل، الذي كنه ذاته هو غيبه، وكنه غيبه هو جمعه، وذات جمعه هو تفرّقه فهو ربّ وعبد وليس عبداً وربّاً، وهو هو لا هو هو وهوهويته عين غيريّته و..). ويخيّل للإنسان أحياناً بأنّ بعض الناس لا يفهمون الفكرة ولذلك لا يجيدون شرحها بشكل منطقي، فنصبح في بحر من الألفاظ التي تُدخلنا في متاهة، ولهذا قلتُ مراراً بأنّ الفقهاء والأصوليين كانوا واضحين، وعلينا أن نتعلّم من تجربتهم وضوح البحث وسلامته وتنظيمه وتفكيك أفكاره ومقولاته وترتيب مفاهيمه، بدل خبط العشواء الذي نعاني منه أحياناً اليوم، ولهذا قلت في بعض محاضراتي بأنّنا بحاجة لعقل منظّم بدل ثقافة التفكير العشوائي السائدة التي تنقلك من (ألف) إلى (جيم) دون أن تكون مسؤولةً عن إثبات باء، فتعتمد طيّ المقدمات وحذف بيانها والوصول للنتائج دون وضوح مقدّمات الموضوع. وأظنّك أخي العزيز كنت حاضراً في تلك المحاضرة التي ألقاها أحد العلماء قبل تسع سنوات في مدينة قم، في أحد المراكز المعروفة، عندما تحدّث بلغة العرفاء عن موضوع عقائدي معيّن، ثم استدرك فقال: «لا تسألوني الآن عن الدليل، فهنا لا أدلّة في هذا العالم». إنّ هذه الطريقة تجعل أيّ سؤال عن الدليل أو أيّ نقد وكأنّه ظاهرة غريبة أو مريبة، بحيث ينشأ التفكير على حالة من التسليم واللاوعي، فقيمة الكلام في قائله! فأيّ مرحلة وصلناها عندما يقال علناً في وسط طلابي حوزوي بأنّ ما سأقوله لا تسألوني عن دليله؟! إنّه يريد أن يحلّق في خلق المفاهيم متحرّراً من التزامات الإثبات المنطقي، وهو العالم المعروف بنزعته الروحيّة أيضاً، فالأنبياء كانت الناس تسألهم وكانوا يجيبون فيما يعلمون أو ينتظرون الله كي ينزل عليهم الوحي. إنّنا نطالب باستخدام لغة علميّة واضحة محدّدة المصطلح في علم الكلام وفي التوجيه العقائدي للناس، والابتعاد كلّ البعد عن اللغة الموهمة والضبابيّة، وقد سبق لي أن انتقدت بعض العلماء الإصلاحيّين في إيران والعالم العربي على وجود لغة ضبابية عندهم، فاللغة الضبابية في مثل هذه الأمور يمكن أن تفضي إلى التباسات كثيرة.

ومنها: سوق المزايدات المذهبيّة، فهذا السوق عندما ينشط تجد المتعاملين فيه يشتغلون على رفع وتيرة المزايدات العلنيّة، ويتسابقون على خلق مفاهيم غريبة أحياناً، هذا شيء حصل بالفعل في العقود الأخيرة، وبهذه الطريقة تكون المباراة، فمن يمكنه أن يعثر على رواية تائهة أو قصّة ضائعة أو حكاية هنا وهناك لهذا العالم أو ذاك، ولهذا التقي أو ذاك، ومنامٍ هنا وآخر هناك، فلن يقصّر في إضافة ذلك إلى منظومة تفكيرنا، فتتراكم المعطيات، ويبدأ العقل بتضخيم فكرةٍ كانت بسيطة وما لبثت أن تحوّلت إلى طودٍ عظيم، وفي عالَم الدين يحصل هذا كثيراً، ووظيفة العلماء الواعين ضبط هذه الإيقاعات التي غالباً ما تكون من مستويات دنيا، وأحياناً تكون شعبيّة، ومع الأسف لا نجد من يوقف هذا التمدّد والتضخّم في المفاهيم، حتى تصبح مسألة فقهيّة أعظم من أصل عقائدي، أو يصبح تفصيلٌ عقائدي جزئي أعظم من التوحيد نفسه، فتختلّ قياسات الأحجام التي تعطي كلّ شيء موقعه الطبيعي. ولا أحد يواجه هذه الفوضى، بل يخاف شخصٌ هنا، ويحتاط آخر هناك، ويرجّح ثالث بقاء هذا الوضع خوفاً من وضع آخر قد يفتحنا على معاداة الدين والتفلّت منه و.. نحن بحاجة اليوم لوقف سوق المزايدات المذهبيّة المنطلق من العواطف والمتغذّي على عطاءات الاحتقان المذهبي الذي نمرّ به، لإعادة الأمور إلى الموازين العلميّة الدقيقة، وإنّني على علم بأنّ بعض كبار العلماء والمرجعيّات الدينية في قم والنجف وغيرهما ليسوا راضين عن هذا الوضع، ولكن!!!..

ومنها: دخول الأمر في صراعات سياسيّة واجتماعيّة وسلطوية بالمعنى العام للكلمة، فتصبح قوّتي من قوّة هذه الفكرة، فكلّما ضاعفت من حجمها استطعت تأمين حماية لها، ومن ثم حماية لنفسي، لأنّك عندما تضخّم الشيء وتضيف عليه عشرات الملحقات فإنّ إمكانية نقد الأصل تصبح صعبة؛ لأنّ الناقد سينشغل بفهم ثم بنقد تلك الزوائد التي قمت أنت بإضافتها على الفكرة الأصليّة، وهذه طريقة يُعمل بها اليوم أيضاً، فيقولون لك: لا نسمح بنقد هذه الرواية مثلاً ولو كان النقد صحيحاً، والسبب هو الحذر من انفراط عقد السبحة؛ لأنّ نقد هذه سوف يطيح بالمنظومة ويخلق حالة شكّ، ومن شأنه أن تذهب سيول النقد بعدد أكبر من المقولات والأفكار. هذا كلّه يدفع الإنسان للحرص على حماية معتقداته بواسطة تعظيمها وتضخيم حجمها أكبر من الحالة العادية، وتحريم التفكير في محيط الفكرة حذراً من نقدها، فتدخل الفكرة بهذه الطريقة في عداد المحرّمات الفكريّة. وبهذا أيضاً يكون الخوف على الهويّة المذهبيّة الحاصلة في زماننا هذا عنصراً مساعداً على تضخيم الأفكار، فالإنسان الخائف على شيء يمنح ذلك الشيء صورة أعظم من صورته الحقيقيّة، كي يدفع الآخرين لحماية ذلك الشيء، وبذل الغالي والنفيس من أجله.

ومنها: الحديث الشريف، فما لم يُتخذ قرار تاريخي وجريء بممارسة نقد سندي ومتني دقيق للأحاديث الكلاميّة، على غرار القواعد المعمول بها في الفقه مثلاً، فسوف نبقى في سوق الأحاديث غير المبرهن على إثباتها الصدوري، وما دام لا نريد هدر أيّ حديث مهما كان ضعيفاً فإنّ ظواهر القرآن سوف تُهدر دون أن يرفّ لنا جفن. يجب القيام بمشروع جمع كلّ الأحاديث الكلاميّة وتقصّيها واحداً واحداً، وتحقيق مصادرها واستخراجها، وعرض صيغها المتعدّدة، وبيان أسانيدها وطرقها، وتحقيق هذه الأسانيد والرواة الواردين فيها بطريقة علميّة، وبيان متنها وتحقيق نقده أو تثبيته، وبيان المجموعات الحديثيّة المعارضة لهذا الحديث أو ذاك.. للقيام بمقارنات ومقاربات، ثم الخروج بنتائج. أمّا الطريقة السائدة اليوم من أنّ أيّ شخص يأتي إلى كتاب «بحار الأنوار» فيأخذ منه ثلاث روايات أو أربعاً، ودون أيّ بحث علمي حديثي ومتني، فيقوم باستخراج مفهوم عقائدي لتعميمه، فهذا شيء غير واضح علميّاً عندي، وعندما تحاول أن تناقش في سند هذا الحديث أو ذاك بطريقة علميّة يتبعونها هم في غير العقائد فإنّ التكلّفات والتمحّلات والتأويلات تصبح سيلاً لا ينتهي! وتجد هناك من يقول لك: لو أعملنا القواعد العلميّة فلن يبقى لنا شيء في العقائد!! هذا من أخطر ما سمعناه، أليس هذا اعترافاً بأنّ عقائدك غير علميّة؟! فكيف بنيتها ومن أين أتيت بها؟ إنّني أربأ بالعلماء أو غيرهم على تلفّظ مثل هذا الكلام، فهل نفترض عقائد معيّنة ثم نبحث عن دليلها أم لا نأخذ بهذه العقائد إلا بعد الدليل؟! فهذا الكلام غير صحيح، بل أكثر مناهج نقد السند عند الإماميّة تشدّداً لا تطيح بالمنظومة العقائديّة، نعم هي تطيح ببعض ما نصرّ على اعتباره عقائديّاً ولا يشكّل سوى تفصيل عقدي أردنا له أن يكون أصلاً اعتقاديّاً!! فكيف كان الاستبراء من البول وتطهير موضعي البول والغائط من الأمور التي لابدّ من تحقيق رواياتها بمنتهى الدقّة والحرص والنقد والتحليل، وإلا فهو إفتاء بغير علم وجزاؤه جهنّم، فيما المفاهيم العقائديّة يمكن التساهل معها بأيّ رواية تأتينا وفتح باب الاحتمالات فيها والاكتفاء باحتمال الصحّة بحجّة أنّنا عندما نتكلّم عن أهل البيت فلا حاجة للبحث والتحقيق؟! وقد كان أحد العلماء المؤرّخين المعاصرين عندما سُئل في مدينة قم عن مسلسل عمر المختار، وهل هو مطابق لحقائق التاريخ قال: فيه مشاكل كثيرة، ولكن بما أنّه يصبّ في صالح أهل البيت فلا بأس! يعني كلّ النقد العلمي يتعطّل عندما تصل الأمور للحماسة المذهبيّة، وعندما يسمع الناس بهذا تصبح لهم الجرأة على خلق أيّ مفهوم عقدي أو حذف أيّ مفهوم ما دام في سبيل أهل البيت أو الصحابة. هذا هو قلقنا على سلامة المعرفة العقائديّة ونزاهتها، ومن حقّ الآخرين أن يكون لهم قلقهم تجاهنا وتجاه طريقة تفكيرنا، اللهم قد بلّغنا، والله من وراء القصد.

وأشير أخيراً إلى أنّ ما أتحدّث عنه ليس هو الحالة الغالبة في الحوزات الدينية أبداً، بل هو حالة موجودة ولها تيارها وأنصارهم في الساحة الشيعيّة، وهذه وجهة نظرهم، لكنّ الكثير من العلماء والتيارات الأخرى لا يوافقون على هذا، بل بعضهم تصدّى لهذا الوضع، فاقتضى التنويه، حتى لا يتلقّى القارئ الكريم صورةً خاطئة عن المشهد.

تعليق واحد

  1. يقول مجتبى آل عمير:
    2014-05-29 12:45:54 الساعة 2014-05-29 12:45:54

    قال الشيخ أن الطريقة غير التحقيقية هي “الطريقة السائدة اليوم” ، ثم قال في آخر الكلام أنه “ليس هو الحالة الغالبة” ، فكيف هذا التناقض !؟

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36628435       عدد زيارات اليوم : 7597