السؤال: عندما نسمع أنّ السيّد الخوئي مثلاً قام بتغيير مبناه الفقهي في آخر حياته، يتبادر إلى ذهني عدّة أسئلة: ما معنى ذلك علميّاً؟ وما نسبة ما قام بتعديله من مجمل مبناه؟ وألا يؤثّر ذلك على فتاواه السابقة؟ (Moustapha Karaki).
وهنا إذا أعاد السيد الخوئي النظر في رأيه ومبناه في كتاب كامل الزيارة، كما حصل فعلاً أواخر حياته، وتوصّل إلى أنّ رواة هذا الكتاب لا دليل على وثاقتهم بأجمعهم، بل الثقات فيهم هم مشايخ مؤلّف الكتاب المباشرين فقط، وعددهم يقارب الثلاثين، فستكون النتيجة هنا أنّ زيداً الذي كان ثقة لم يعد ثقةً؛ لأنّه ليس من المشايخ المباشرين لابن قولويه، فلا دليل على وثاقته غير ورود اسمه في كتاب كامل الزيارة حسب الفرض. وإذا لم يعد زيدٌ ثقةً فإنّ تلك الرواية التي تقول بأنّ غسل زيارة الإمام الحسين مستحبّ أو يغني عن الوضوء لم تعد معتبرةً من حيث السند، وهذا معناه أنّ السيد الخوئي سوف يغيّر تلقائيّاً فتواه بإجزاء غسل الزيارة عن الوضوء، هذا هو معنى أنّ تغيير المبنى يفضي إلى تغيير الفتاوى أحياناً.
وتختلف القضية من حيث حجم التأثيرات التي يتركها تغيير الفقيه للمبنى المعيّن، فهناك نظريّات مساحة تأثيرها في الاجتهاد الفقهي تكون محدودة، فقد تتغيّر عشرة فتاوى تبعاً لتغيّرها، لكن هناك نظريّات تعدّ مساحة تأثيرها واسعة، فلو حصل تغيّر فيها عند المجتهد لأدّى ذلك إلى تغيّرات أوسع وأشمل، مثلاً لو جدّد الفقيه الأصوليّ نظره في حجيّة خبر الواحد، وتوصّل إلى أنّ خبر الواحد ليس بحجّة، فهنا من الطبيعي أن تترك هذه النظريّة تأثيرات واسعة على الاجتهاد الفقهي. وكثرة مخالفة هذا الفقيه للآراء الأخرى لا يعني بالضرورة أنّه يخالف العلماء في نظريّات كثيرة، بل قد يخالفهم في نظريّة واحدة، لكنّ هذه النظرية لها تأثيرات واسعة، فيبدو للناس أنّه يختلف مع العلماء في أمور كثيرة، لكنّه في حقيقة الحال يختلف معهم في مسألة واحدة، وهذه المسألة تترك تأثيرات واسعة وجوهريّة.
هذا، ويوجد بحث بين الفقهاء في أنّه لو تبدّل رأي المجتهد في مسألةٍ، نتيجة تغيّر نظره فيها أو لتغيّر المبنى الذي تقوم عليه هذه الفتوى، فهل يجب عليه أن يُعلم مقلّديه بذلك ويقدّم له فتواه الجديدة أم لا؟ انقسم الفقهاء هنا إلى ثلاثة آراء:
الرأي الأوّل: ما ذهب إليه بعض الفقهاء ـ كالسيد كاظم اليزدي ـ من أنّ رأيه السابق إذا كان موافقاً للاحتياط لم يجب عليه إعلام مقلّديه بفتواه الجديدة، أمّا إذا لم يكن موافقاً للاحتياط لزمه إعلامهم بها.
الرأي الثاني: ما عليه أغلب الفقهاء المتأخّرين جدّاً والمعاصرين، من أنّ فتواه السابقة لو كانت على وفق موازين الاجتهاد لم يلزم على المرجع إعلام مقلّديه بتغير رأيه، أمّا إذا لم تكن على وفق الموازين وجب الإعلام.
الرأي الثالث: ما ذهب إليه بعض الفقهاء ـ مثل الشيخ عبد النبي النجفي العراقي ـ من وجوب الإعلام مطلقاً.