السؤال: القولالمنسوب إلى الإمام الحسين عليه السلام: (الموت أولى من ركوب العار، والعار أهون من دخول النار) إن كان صحيحاً، ما معناه؟ (ماهر القريشي).
الجواب: المراد هو أنه يفضّل الموت على كلّ ما يجلب العار، وهو كلّ شيء يلزم أن يعيّبه الآخرون به أو يسبّوه ويجلب له الدنيّة والذلّة والمهانة. كما يفضّل المهانة والدنيّة والعار وكلام الناس بنقصٍ فيه على دخول النار، فالضرر الدنيوي أولى من الضرر الأخروي وأهون.
يريد بذلك أن يقول بأنّ الإنسان إذا وقف أمام خيارين: خيار العار والمذلّة والمهانة والضعة والفرار والاستسلام، وخيار الموت عزيزاً، فإنّه يفضّل خيار العزّة والكرامة على خيار العار والنقص، تماماً كالذي يدافع عن عِرضه فيموت ولا يفرّ مسلّماً عرضَه للمعتدين، فإنّه يكون قد فضّل الموت على العار والشنار، فالحسين يريد هنا أن يقول بأنّ ما يقوم به ولو أدّى إلى موته، لكنّه خيرٌ له من أن يعيش حياةً مهينة ومذلّة تعيبه وتنقص من قدره وشأنه، وخيرٌ له من أن يفرّ أو يستسلم.
ثم يكمل الإمامُ كلامَه للذين قد يقولون له بأنّك بموتك تضع نفسك وعيالك ونساءك في العار والعيب والهزيمة فتموت شرّ موتة، فيقول لهم بأنّ العار عنده خيرٌ من دخول النار، فلا يريد أن يدخل النار لكي لا يعيّب بعيب دنيوي، بل يفضّل العيب الدنيوي الذي قد يلحق به على العيب الأخروي. وهو معنى قوله في موضع آخر ـ على ما جاء في الرواية ـ بأنّه سيمضي إلى الموت ولا يرى فيه عيباً، بل العيب والذلّ أن تعيش في مذلّة ومهانة مرغماً على ما تفعل. وهو أيضاً معنى قوله في موضع ثالث: بأنّه لا يرى الموت إلا سعادة ولا يرى الحياة مع الظالمين إلا برماً، أي ضجراً ومللاً، فالبقاء مع الظالمين ـ ولو في سلامة ـ موجبٌ للتبرّم والضجر وانعدام لذّة العيش، أمّا الموت في وجههم فهو اللذّة والسعادة عنده. فالموت عند الحسين أفضل من العار الذي هو ـ أي العار ـ أفضل من النار. والحسين بهذا كلّه كأنّه يعرّض أيضاً بالذين تركوه وخذلوه ووقفوا ضدّه، والله العالم.
احسنتم ، توضیح کامل و شامل و مقنع ، جزاکم الله خیر الجزاء