السؤال: الثواب الذي تذكره الروايات لقراءة سورة التوحيد، وأنّ من قرأها فكأنما قرأ ثلث القرآن الكريم، هل هذا الثواب للمعاني الظاهرة من السورة أو هو للمعاني الدقيقة؟ والحال أنّ المعاني الدقيقة ليست شرعاً لكلّ واحد.
الجواب: هذه النصوص الحديثية يمكن فرض تفسيرين لها:
التفسير الأوّل: وهو التفسير الذي يربطها بمجال الثواب والجزاء، تماماً كما فهمتموها أنتم في سؤالكم، فيكون المعنى أنّه من قرأ التوحيد فله ثواب من قرأ ثلث القرآن الكريم. وبناءً على هذا التفسير، لا تكون هناك أيّة علاقة بين الموضوع وبين المعاني الدقيقة أو الظاهريّة؛ فإنّ هذه الروايات تريد أن تؤكّد على قراءة سورة التوحيد، فمن يقرأها فقد أعطي ثواب قراءة ثلث القرآن الكريم، وهذا المقدار من الدلالة لا يستبطن اشتمال التوحيد على ثلث القرآن اشتمالاً واقعيّاً، وإنّما تعني الحثّ على قراءة هذه السورة، كما ورد نظير ذلك في قراءتها في الصلاة، فهذا تماماً كقولك: من قال اللهم صلّ وسلّم على محمّد وآل محمّد، كان له بذلك ألف حسنة، ثم تقول: من قرأ ثلث القرآن كانت له ألف حسنة، فإنّ المساواة في الثواب لا تعني أنّ الصلاة على محمّد وآل محمّد تستوعب بالضرورة واقع معاني ثلث القرآن الذي تمّت قراءته.
التفسير الثاني: أن لا نربط هذه الأحاديث بالثواب، بل نربطها بالواقع، فيكون معنى هذه الروايات، أنّ سورة التوحيد هي بنفسها تساوي ثلث القرآن الكريم، لا أنّ ثواب قراءتها يساوي ثواب قراءة ثلث القرآن الكريم، وهنا يختلف الأمر، ومعه لابدّ من افتراض تفسير لهذه المساواة؛ لأنّ ظاهر اللغة لا يعطي هذه المساواة بالنسبة إلينا، ومن هنا احتمل بعض العلماء أن يكون المراد التوحيد، فإنّ القرآن الكريم بني على ثلاث: التوحيد والنبوّة والمعاد؛ لأنّها أصول الإسلام، ولمّا كانت سورة الإخلاص تفيد التوحيد، كانت في قوّة ثلث القرآن الكريم، أمّا البعض الآخر من العلماء فقد فسّر هذه الروايات بإرجاع القرآن الكريم إلى معرفة الله، ومعرفة الآخرة، والعلم بما يوصل إلى السعادة في الآخرة، وحيث إنّ سورة الإخلاص تفيد معرفة الله تعالى فهي تفيد ثلث القرآن الكريم. وبناء على التفسير الثاني تكون الروايات متحدّثةً عن واقع خارجي يتصل باشتمال سورة التوحيد على ثلث القرآن، وهذا لا ربط له بقراءتنا لهذه السورة وعدم قراءتنا لها، حتى نقع في مشكلة أنّ المعاني الباطنيّة ليست شرعاً لكلّ أحد.