السؤال: ما رأيكم بالرواية المرويّة في كتاب دار السلام للمحدّث النوري في ج٢ ص ١٧٩ من ناحية السند والمتن؟ والرواية هي أنّ شخصاً جاء إلى الإمام السجّاد عليه السلام، وذكر له مصيبة الإمام الحسين عليه السلام. يقول الراوي: فرأيتُ الإمام قام على طوله ونطح الجدار بوجهه، فكسر أنفه وشجّ رأسه وسال دمُه على صدره، وخرّ مغشياً عليه من شدّة الحزن والبكاء. شيخنا الأستاذ، نقلت الرواية من أحد المواقع الالكترونيّة التي تروّج لهذا اللون من الروايات؛ لعدم وجود المصدر في يدي، لذلك أرجو بيانكم بشيء من التفصيل، ودمتم موفقين (حيدر الأسدي).
الجواب: بالنسبة إلى هذه الرواية:
1 ـ في حدود إمكاناتي ومراجعاتي، وبعد التتبّع والتقصّي لم أجد ذكراً لهذه الرواية في أيّ من كتب المسلمين بمذاهبهم، لا الكتب التاريخيّة ولا الكتب الحديثيّة، عدا في كتاب دار السلام للمحدّث النوري المتوفّى عام 1320هـ، أي قبل ما يزيد قليلاً عن القرن فقط، وعنه نقل من تأخّر عنه مثل إسماعيل الأنصاري الزنجاني الخوئيني المعاصر، في (الموسوعة الكبرى 22: 481).
2 ـ إنّ المحدّث النوري رحمه الله لم يتعهّد في هذا الكتاب برواية ما صحّ عنده بالضرورة من ناحية السند والمصدر ووسائل الإثبات الصدوري، فذكره لها لا يُعلم أنّه يرجع إلى اعتقاده بها بالضرورة وبنائه عليها. كيف ومن المعروف أنّ نصوص ومرويّات هذا الكتاب المخصّص للرؤيا والمنامات وبعض الحكايات والمواعظ الأخلاقيّة الجميلة، لم تستخدم في الإثبات التاريخي والحديثي عند العلماء والفقهاء وغيرهم.
3 ـ إنّ مطلع هذه القصّة يصدّره المحدّث النوري بالجملة التالية: (في بعض المجاميع للمتأخّرين ما لفظه: روي عن علي بن الحسين عليه السّلام..)، وهذا يعني أنّ المحدّث النوري يترجّح أنّه لم يعثر على هذه القصّة في أيّ مصدرٍ من مصادر المتقدّمين، لا المؤرّخين ولا المحدّثين، وإلا لذكر مصدراً متقدّماً، فهو خيرٌ له من ذكر مجاميع المتأخّرين.
4 ـ إنّ المصدر المجهول الذي نقل عنه المحدّث النوري هذه القصّة لم يذكر هو الآخر من أين أتى بها، وفقاً لنقل المحدّث النوري نفسه، كما أنّه لم يذكر أيّ سند ولا حتّى جزء السند لهذه القصّة، بل صدّرها بكلمة (روي) التي لا تفيد اعتقاد صاحب المصدر المتأخّر نفسه بالصدور أيضاً.
وعليه ـ وبصرف النظر عن الجدل القائم في مديات صحّة المتن هنا؛ انطلاقاً من فكرة الجزع وغيرها ـ فهذه القصّة غير ثابتة ولا معتبرة، وهي حدث تاريخي غير مؤكّد، والعلم عند الله.
احسنتم شيخنا الجليل وزاد الله في علمك ونفع المسلمين بفيض عطائك النابع من الكتاب وسنة الرسول الاكرم ص واله الطاهرين
ولكن حبذا لو تتحدثون الى جانب ذلك عن نسبة القضية الى السيدة زينب عليها السلام لتكتمل الصورة فان الكثير من المتحدثين يستندون الى رواية نطح السيدة زينب راسها بمقدمة المحمل