السؤال: هل حديث: (إذا سمّيتها فاطمة فلا تسبّها ولا تلعنها ولا تضربها) صحيح أم ضعيف من الناحية السنديّة؟ وما مدى صحّة الحديث المرويّ عن الإمام الصادق عليه السلام والذي يقول: (هي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى)؟ وما هو المقصود من الحديث الثاني؟ (حسن).
الجواب: الحديث الأوّل مصدره الأصلي هو كتاب (الكافي 6: 48 ـ 49)، للشيخ الكليني، حيث رواه بسنده إلى السكوني، ونقله عنه بالسند نفسه الشيخ الطوسي في (تهذيب الأحكام 8: 112)، وقد ذكر الشيخ المجلسي في (مرآة العقول 21: 85) أنّ هذا الحديث ضعيف على المشهور، والحقّ معه؛ فإنّ في السند محمّد بن جمهور الذي وصفه النجاشي بأنّه فاسد المذهب وضعيف في الحديث، وهو متّهم بالغلو، بل يوجد في السند أيضاً والده وهو جمهور العجلي، وهو رجل لم يذكر في كلمات الرجاليين بمدح ولا تعديل ولا توثيق، فالخبر ضعيف السند، وإن كان هذا المقطع سليم المتن، فإنّ مكانة السيدة الزهراء سلام الله عليها تضفي حالةً خاصّة على من تسمّى بهذا الاسم، فيرقّ القلب لها نظراً لاسمها، وهذا أمر عاطفي مقبول ولا ضير فيه دينيّاً.
أمّا الحديث الثاني، فمصدره الوحيد هو كتاب (أمالي الشيخ الطوسي: 668)، وقد جاء فيه كالتالي: (الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمّد بن وهبان، عن علي بن حبيش، عن العبّاس بن محمّد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان، عن الحسين بن أبي غندر، عن إسحاق بن عمار وأبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إنّ الله تبارك وتعالى أمهر فاطمة عليها السلام ربع الدنيا، فربعها لها، وأمهرها الجنّة والنار، تُدخل أعداءها النار، وتدخل أولياءها الجنّة، وهي الصدّيقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأول)، وعنه نقل العلامة المجلسي هذا الحديث في (بحار الأنوار 43: 105). وقد نقل هذا الخبر الشيخ المعاصر أبي الحسن المرندي عن كتاب المناقب للمرتضوي (راجع: مجمع النورين: 34).
وفسّر هذا الحديث بأنّ الأمم السابقة كانت تعرف الزهراء عليها السلام وكانت تفتخر بها وتتوسّل بها، وأنّه ما تكاملت نبوّة نبي إلا بها وبالإيمان بها ومعرفة حقّها، كما فسّر ذلك بما يرتبط بالولاية التكوينية وأنّ عليها سلام الله عليها مدار الوجود منذ بدئه، وغير ذلك.
أمّا سند هذا الحديث الذي تفرّد بنقله الطوسي من طريق واحد، فبصرف النظر عن مناقشة بعض العلماء المعاصرين في أصل صحّة كتاب الأمالي للطوسي، وأنّه هل وصلنا بطريق صحيح أم لا؟ يوجد في هذا السند مشاكل:
منها: الحسين بن أبي غندر الكوفي، فليس له توثيق إلا على مبنى توثيق رواة كامل الزيارة، وليس من المشايخ المباشرين، وهذا المبنى غير صحيح في المشايخ غير المباشرين، وفاقاً للرأي الأخير للسيد الخوئي.
وعليه فالرواية ضعيفة السند ـ بل لعلّها ضعيفة المصدر أيضاً ـ لا يعتمد عليها في إثبات شيء مستقلّ.