• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
135 ما صحّة، وما معنى الحديث القائل: (عرفت الله بفسخ العزائم وحلّ العقود)؟ 2014-05-12 1 17707

ما صحّة، وما معنى الحديث القائل: (عرفت الله بفسخ العزائم وحلّ العقود)؟

السؤال: ما معنى حديث: (عرفت الله بفسخ العزائم وحلّ العقود)؟ وهل هو صحيح؟

 

الجواب: ورد هذا الحديث ـ منسوباً إلى الإمام عليّ عليه السلام عند الشيعة، وإلى بعض السلف في كلمات بعض علماء السنّة ـ عند الشيخ الصدوق والشريف الرضيّ والفتال النيسابوري وغيرهم، وقد جاء بأكثر من صيغة، مثل: (عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم وحلّ العقود)، و (عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم وحلّ العقود ونقض الهمم) و (عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم وحلّ العقود ونقض الهمّة)، و (عرفت الله بفسخ العزائم ومنع الهمّة، لما أن هممت بأمر فحال بيني وبين همّتي وعزمت فخالف القضاء عزمي، علمت أنّ المدبّر غيري). وقد ألّف أبو طالب الزاهدي الجيلاني (1127هـ)، رسالةً في شرح هذا الحديث كما نسب إليه علماء التراجم والفهارس، والحديث من حيث السند ـ وفقاً للتحليل السندي ـ لم يسند إلا عند الشيخ الصدوق بسندٍ فيه ابن بُطّة ومحمد بن خالد البرقي، وهما غير موثقين عندي، وأمّا من حيث المضمون فيطرح فيه أكثر من تفسير، حتى أنّه اعتبر في كلمات البعض (د. أحد فرامرز قراملكي) برهاناً مستقلاً على وجود الله تعالى أو صفاته، فسمّاه برهان فسخ العزائم، ودعا لتشييده على فلسفة التجربة القدسية في علم الكلام الجديد. وأهم تفاسيره المطروحة أو المحتملة:

التفسير الأوّل: إنّ المقصود بالعزائم ما يعزم عليه الإنسان، وكذلك العقود أي ما يعقد عليه قلبه، بمعنى النوايا التي تنعقد في قلبه لتحقيق متعلّقاتها، وهذا يعني أنّ هناك ظواهر نفسيّة تحصل في الإنسان وهي فسخ نواياه وما عقد عليه قلبه من تحقيق أمر ما أو فعل أمر ما، وهذه الظواهر النفسيّة تقع في النفس الإنسانيّة في بعض الأحيان دون مبرّر، بمعنى أنّك تنوي القيام بأمرٍ ما، لكن وفجأةً ومن دون معطيات جديدة يتلاشى عندك هذا العزم وتذوب هذه النية وتفتر، فهذه الظاهرة النفسيّة لست أنت العلّة فيها، إذ المفروض أنّك لم تقصد ذلك وإنمّا حصل عندك قهراً ففترت الهمّة، فإذا لم تكن أنت العلّة فلا بدّ من علّة أخرى فوقك هي التي أحدثت ذلك في نفسك، وليست إلا الله سبحانه، بعد عدم كون العلّة هي الأشياء المحيطة بك والتي لا تلج إلى باطن نفسك، ومن دون هذا الفرض يكون حدوث هذه الظواهر النفسيّة عندك كحدوث المعلول بلا علّة بعد فرض عدم كونك العلّة لها. وهذا التفسير ينسجم مع بحوث المتكلّمين التي تعرّضوا فيها للخواطر القهريّة، حيث قالوا بأنّ الخواطر القهريّة التي تقع للإنسان لا بد أن تكون من الله؛ لأنّ الفرض أنّ العبد غير ملتفتٍ إليها، فلا يمكن أن يكون هو العلّة لها، وعليه يصبح هذا التفسير للحديث قريباً أو في معنى قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ‏ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ‏ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون) (الأنفال: 24)، بناءً على أحد التفاسير المحتملة لهذه الآية الكريمة، وكذلك الحديث القائل: (يا مقلّب القلوب والأبصار).

التفسير الثاني: وهو عين التفسير الأوّل، لكن من دون حصر هذه الظواهر النفسيّة بتلك التي لا يُعرف سبب وجودها وحدوثها في النفس، بل الحديث شامل لكلّ الظواهر النفسيّة ولو التي نشأت عند الإنسان لسببٍ معروف ومعقول، فعلى التفسير الأوّل يكون الفاسخ للعزائم طرف آخر غير الإنسان، فيما على التفسير الثاني يمكن أن يكون الفاسخ لها هو الإنسان نفسه كما يمكن أن يكون طرفاً آخر غير الإنسان.

وبناء على التفسير الأوّل والثاني، يعود برهان فسخ العزائم إلى برهان الوجوب والإمكان أو إلى برهان الحدوث وغيرهما من البراهين الراجعة إلى قانون العليّة واستحالة الدور والتسلسل، ولا يُصبح برهاناً جديداً على وجود الله تعالى، بل هو مجرّد تطبيق للقانون العام لبرهان الإمكان أو الحدوث اللذين تعرّض لهما الفلاسفة والمتكلّمون بالتفصيل، وربما لهذا لم يُدرج هذا الحديث في إطار دليل مستقلّ على وجود الله سبحانه، بل اعتبر بمثابة أحد تطبيقات البراهين الفلسفيّة الأخرى، إذ لا معنى لجعلة برهاناً مستقلاً بعد كونه مجرّد مثال باطني محسوس بالحسّ الباطن لقانون العليّة.

التفسير الثالث: أن يراد بيان أنّ الإنسان الذي لا تملك الأشياء من حوله السيطرة على ما في باطنه، وإن امتلكت السيطرة على جسده، يحصل أن يفقد السيطرة على باطنه فيتلاشى عزمه وتفتر همّته وتضيع نواياه وقصوده بغير قصد منه ولا إرادة، فيكتشف بذلك أنّ الأمور التي تحصل في نفسه هي من قوّةٍ أكبر منه، إذ هو يعرف أنّ ما حوله من الأشياء والحيوانات والبشر لا يدخلون إلى أعماق روحه للتصرّف فيها، فلابدّ أنّ الذي فعل ذلك هو قوّة استثنائيّة حقّقت هذا الأمر، وهي أقوى منه، ولها قدرة التأثير في ذاته بما لا يقدر عليه أحد آخر، فيكتشف من ذلك عجزه من جهة، ووجود قوّة روحيّة عميقة لها قدرة التأثير في أعماقه بطريقة لا يملك هو فيها القرار، فيكون الحديث بصدد الاستدلال على معرفة الله تعالى من هذه الزاوية، وهي الزاوية الروحية المنطلقة من العجز الإنساني.

وهذا التفسير يختلف عن سابقه، ففي التفسير الأوّل والثاني كنّا نقول: هذه الظواهر النفسيّة وقائع خارجيّة لابدّ لها من علّة، وعلّتها حيث لم تكن الإنسان نفسه مثلاً فلا بدّ أن تكون الله تعالى، بينما في التفسير الثالث نحن نقول: هذه الظواهر لا يراد منها اكتشاف وجود الله فحسب من خلال نظام العليّة والسببيّة، بل معرفة الله بأنّه القوّة الروحيّة القادرة على التصرّف في النفس الإنسانيّة بما يعجز الإنسان نفسه عنه، فالحديث يكشف حيثيات في معرفة الله لا جانباً واحداً وهو أصل وجود الله، فالله ـ في هذا الحديث ـ هو القوّة الغيبيّة القادرة على التصرّف في باطن النفس الإنسانية بطريقة خفيّة، لا يقدر عليها أحدٌ في العالم من الجمادات والحيوانات والبشر، بل هي فوق قدرة الإنسان نفسه، فمن العجز نكتشف الله القادر والمهيمن والمسيطر على القلوب، لا أنّنا نكتشف فقط وجود الله.

التفسير الرابع: أن يكون الحديث بصدد بيان أنّ الإنسان قد يعزم على شيء ويكون هذا الشيء في متناول يده ويقدر عليه، لكن مع ذلك نجده يفشل في تحقيقه، فنكتشف أنّ الله سبحانه هو الذي تحكّم بمفاصل الأمور، فأفشل له ما بدا أنّه من الأمور الواقعة منه لا محالة، فيكون فسخ العزيمة أو منع الهمّة أو حلّ العقد، بمعنى فشل هذه الثلاثة في تحقيق أغراضها في الخارج، فقد أردتَ أن تشرب الماء وكان الماء إلى جانبك، لكن وفجأةً جاءت الهرّة وسكبت الماء على الأرض، فلم يكن لك ما تريد، فأبطل الله نيّتك وأفشل عزيمتك وفكّ ما عقدت عليه من الفعل، وهذا الحديث ـ بناء على هذا التفسير ـ يكون بصدد بيان هيمنة الله وقدرته وتأثيره في الوجود وتدخّله لوضع الحيلولة بين الإنسان وما يريد، مثبتاً عجز الإنسان في مقابل ظنّه بأنّه قادرٌ على تحقيق ما يريد، فلا يهدف الحديث إلى إثبات وجود الله، بل إلى بيان نوع العلاقة بين القدرة الإلهيّة والقدرة الإنسانيّة فيما تشملانه من معنى الإرادة. ولعلّ الصيغة الطويلة المتقدّمة آنفاً لهذا الحديث تساعد على هذا التفسير الرابع.

التفسير الخامس: أن يكون المراد بيان عجز الإنسان معرفيّاً في مقابل سعة العلم الإلهي، فالحديث مربوط بالعلم لا بالقدرة، ولا بأصل وجود الله تعالى، فيكون معناه: إنّ الإنسان عندما يعزم على شيء ويريد أن يفعله، ثم ينكشف له أنّ هذا الفعل لم يكن صحيحاً، فيترك فعله ويفسخ إرادته وعزمه ونيّته، فهذا يعني أنّ الإنسان جاهل، ولا يملك الإحاطة بكلّ تفاصيل الأمور، ويدرك أنّ فوقه من هو عالم بكلّ التفاصيل، وأنّه لا يملك الضعف العلمي كما يملك هو هذا الضعف.

هذه هي التفاسير المحتملة في هذا الحديث، وقد يناقش الإنسان في صحّة أو قيمة هذا الحديث مضمونيّاً على بعض هذه التفاسير. ولكنّ هذه التفاسير تختلف عن بعضها فبضعها يرشد إلى معرفة أصل وجود الله تعالى عبر فسخ العزائم، وبعضها يرى أنّ المعرفة ليست لأصل وجوده، بل لصفاته أو قدرته أو علمه أو طريقة هيمنته على العالم. وإنّني أميل إلى اعتبار مثل هذا الحديث بمثابة منبّهات وجدانية فطرية للإنسان ليلتفت إلى ضعفه ووجود من هو فوقه، ولا يبدو لي صحّة تحويل هذا الحديث إلى برهان علمي فلسفي يتالّف من مقدّمات، فما قيل حتى الآن في ذلك أضعف من أن يتحوّل إلى دليل مستقلّ في البرهان العلمي على وجود الله، وفي ألسنة الكتاب والسنّة الكثير من الاستدلالات التي تقوم على التنبيه والإقناع أكثر ممّا تقوم على البرهان وقواعد المنطق الصارمة، فكأنّ الحديث يريد أن يشير إلى عدم تحقيق الإنسان ما يريد إمّا لجهله أو لتبدّل وعيه أو لضعفه، وأنّ ذلك يعطيه تنبيهاً على أنّه ليس مسيطراً على العالم رغم أنّه أقوى من الجمادات والحيوانات، وأنّ هناك من هو مسيطر على عالمه وباطنه ويتعالى عن نواقصه.

 

تعليق واحد

  1. يقول فاطمه:
    2014-07-01 15:36:40 الساعة 2014-07-01 15:36:40

    سلام علیکم
    لماذا محمد بن خالد البرقي غير موثق عندکم؟بسبب اخراجه من قم؟ ماهو سبب اخراجه فی الواقع؟ انتم یعتقدون انه غالی؟

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36839999       عدد زيارات اليوم : 194