السؤال: ما رأيكم في التبعيض في التقليد؟ وهل هناك من يرى ذلك من المراجع؟ ومن هم؟ (حسين).
الجواب: حيث إنّني ـ من وجهة نظري المتواضعة ـ لا أجد دليلاً مقنعاً على وجوب تقليد الأعلم، لاسيما الأعلم الفرد وليس الطبقة، لهذا يجوز التبعيض في التقليد بما لا يؤدّي إلى وقوع المخالفة القطعيّة للشرع، ومن باب توضيح المخالفة القطعية نذكر أحد الأمثلة، وهو أنّ فعل التبعيض قد يكون ابتدائيّاً وقد يكون استمراريّاً، والتبعيض الابتدائي هو أن تقلّد زيداً في باب العبادات مثلاً فيما تقلّد عمرواً في باب المعاملات، وتظلّ على هذه الصيغة حتى الوفاة مثلاً. فيما أقصد من التبعيض الاستمراري أن يتنقّل بين المراجع في المسألة الواحدة، فكل يوم يأخذ برأي شخص فيها مثلاً، وهنا لو قال المرجع الأوّل بحرمة شيء، وقال المرجع الثاني بوجوبه، ولم يكن هناك احتمال جواز هذا الفعل، بمعنى نفي الوجوب والحرمة عنه، لم يكن يمكن هنا التبعيض الاستمراري، بمعنى لا تستطيع أن تقلّد الأوّل ثم بعد فترة تقلّد الثاني في نفس المسألة؛ لأنّ ذلك يوجب ـ على تقدير دوران الأمر بين احتمالي الحرمة والوجوب فقط ـ يوجب الوقوع في مخالفة الشرع قطعاً؛ فإنّه لو كان واجباً فقد تُرك هذا الواجب بالعمل على وفق تقليد الأوّل، ولو كان حراماً فقد فُعل هذا الحرام عند العمل بتقليد الثاني. وأمّا ما سوى ذلك فالتبعيض فيه جائز بالعنوان الأوّلي.
أمّا الفقهاء المعاصرون، فمن لا يذهب منهم إلى وجوب تقليد الأعلم ـ مثل العلامة محمد حسين فضل الله والشيخ إبراهيم الجناتي وأمثالهما ـ فهو يجيز التبعيض بلا إشكال عنده. وأمّا من يذهب إلى وجوب تقليد الأعلم فهو لا يجيز التبعيض بين الأعلم وغيره. لكن لو تساوى الاثنان أو لم يحتمل أعلمية واحد منهما بعينه بحيث احتمل أعلمية كلّ واحد منهما، فهنا آراء:
1 ـ الرأي الذي يذهب إلى لزوم الأخذ بأحوط الأقوال، وهو رأي السيد الخوئي والشيخ وحيد الخراساني، وهذا معناه أنّ أحوط الأقوال في المسألة الفلانية يمكن أن يكون ما أفتى به زيد، فيما أحوط الأقوال في المسألة الأخرى هو ما أفتى به عمرو، فتكون النتيجة ـ على هذا التقدير ـ هي التبعيض القهري، وليس الاختياري.
2 ـ الرأي الذي يذهب إلى تعيّن اختيار الأورع أو الأعدل منهما، وهذا ما ذهب إليه الشيخ يوسف الصانعي، واحتاط فيه وجوباً الشيخ فاضل اللنكراني، واحتاط فيه استحباباً الإمام الخميني.
3 ـ الرأي الذي يجيز التبعيض، وهو رأي الإمام الخميني والشيخ جواد التبريزي والسيد محمد رضا الكلبايكاني والشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني، وكذلك هو رأي الشيخ الصانعي والشيخ فاضل اللنكراني فيما إذا لم يكن هناك أورعية أو أعدليّة بينهما.
4 ـ الرأي الذي يُلزم ـ بنحو الاحتياط الوجوبي ـ بتقليد من هو الأكفأ منهما في التصدّي للأمور العامّة، وهو رأي السيد محمود الهاشمي.
هذا، ولبعضهم بعض القيود والتفصيلات، تراجع في محلّها، كرأي الشيخ بهجت رحمه الله تعالى.
السلام عليكم
بحسب اطلاعي على رأي السيد فضل الله في فقه الشريعة فإنه لايجوز التبعيض في التقليد إلا عند الضرورة