السؤال: يقول الدكتور عبد الكريم سروش بأنّ القرآن الكريم قابلٌ للزيادة؛ فإنّه لو عمّر النبي ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ أكثر من هذا العمر، لنزل عليه قرآنٌ آخر، أي آيات أخَر من القرآن الكريم، وهذا يعني أنّ حجم النصّ القرآني تابعٌ للوضع التاريخي الزمني لحياة النبي، الأمر الذي يعطي مجالاً لبسط التجربة القرآنية. ما هو تعليقكم؟ (محمّد، المغرب).
الجواب: تبدو لي هذه المقاربة من المفكّر عبد الكريم سروش غير دقيقة من هذا المدخل الذي ولج عبره لهذا الموضوع؛ لأنّه تعامل مع مصدر الوحي بمعزل عن كونه مصدر التكوين، فعندما نفترض أنّ مصدر النص القرآني شخصٌ آخر مختلف عن مصدر التكوين الذي يتحكّم بعمر النبي أو بأيّ حدث تاريخي أو زمني آخر، أو على الأقلّ يعلم به قبل وقوعه، فسيكون افتراض الدكتور سروش معقولاً. لكن توجد فرضيّة غابت عن كلام سروش، وهي أنّ الذي يُنزل الكتاب الكريم هو نفسه المتحكّم والعالم مسبقاً بعمر النبي وبكلّ الظروف التاريخية، الأمر الذي يجعل من الممكن للغاية أن يكون قد نظّم القرآن الكريم كلّه (وأؤكّد على كلمة الكلّ وأنّه لا زيادة لديه بعد) تنظيماً مسبقاً متناغماً مع ما يعرفه من الوضع التاريخي وعمر النبي، فيكون ما أراده من القرآن قد صاغه متناسباً مع العمر النبوي، فالفصل بين التكوين والتشريع أوقعنا في هذا الخطأ. نعم إذا كان يقصد سروش أنّه من الممكن أن ينزل وحيٌ آخر فلا مانع ـ بصرف النظر عن قضيّة ختم النبوة ـ لكن افتراض أنّ الوحي الآخر هو إضافة مضمونية للدين ليس عليه شاهد، فهناك فرق بين الإضافة المضمونية للدين وبين مجرّد نزول الوحي؛ لأنّ النبوّات نفسها تنقسم إلى نبوّات شرائع ونبوات تبليغ، والنبوّة التبليغيّة ليس لها دور إضافي سوى دعوة الناس إلى ديانة نبيّ قد سبق وكانت نبوّته نبوّة تشريع، ومن هنا ففرضيّة الدكتور سروش مبنيّة على منطق القطع بين التكوين والوحي، فيما واقع الأمور قائم على أنّ مصدر الوحي والتكوين واحد، وأنّ المنطق هو منطق الوصل، لهذا لن تكون هذه الفرضية صحيحة بهذه الصيغة، ولن تحظى ببنيات تحتية تساعد على ترجيح افتراضها بهذه الطريقة.