السؤال: يقال بأنّ الآية: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ نزلت في الرسول صلى الله عليه وآله وفي الإمام علي عليه السلام، وقد استشهد الناقل على ذلك بأحاديث أهل البيت عليهم السلام، ما مدى صحّة قوله؟ وما مدى قوّة الروايات في هذا الشأن؟ ففي اللغة العربية لا تطلق كلمة والد إلا على الأب الذي أنجب الولد.. ولاحظنا ذلك في قول الرسول: «يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمّة» ولم يقل الرسول والدا.. وكذلك لو عدنا إلى القرآن لوجدنا استخدام كلمة «أب» لآزر الذي نعتقد نحن الشيعة أنّه عمّ النبي إبراهيم ولم تأتِ كلمة «والد»، وكذلك إن عدنا إلى تكملة الآية: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا﴾ نجد أنّ الآية تعني الوالدين فعلاً.. فما هو تعليقك وردّك على هذه الإشكاليّة؟! (أحمد عيسى).
الجواب: ظاهر الآيات التي تحدّثت عن الإحسان إلى الوالدين هو أنّها أرادت بالوالدين الأب والأم، وكلّ القرائن في الآيات وخارجها تفيد ذلك والتي منها بعض ما ذكرتموه، وعلى هذا اتفاق مفسّري الإسلام أيضاً، من المذاهب كافّة، وهو الذي فهمه الفقهاء من الآيات أيضاً، بل دلّت عليه جملة من الروايات والأحاديث عند السنّة والشيعة، منها صحيحة أبي ولاد الحنّاط (وسائل الشيعة 21: 487)، وهذا كلّه واضح.
وأمّا تفسيرها بمحمّد وعليّ، فهي رواية مرسلة لا سند لها نقلها لنا النيشابوري (508هـ) عن الإمام الصادق عليه السلام في (روضة الواعظين: 105)، وروى واحدة أخرى مرسلة أيضاً العياشي في (تفسيره 1: 241)، وجاءت في (تفسير فرات الكوفي: 104) مرسلةً أيضاً، ونقل عن غيرهم أيضاً بلا مصدر من العصور الأولى ولا سند أساساً، على أنّه لو صحّ السند فهو معارض لكتاب الله، فإنّ سياق الآية لا يسمح بهذا التفسير أبداً، فما معنى (وإن جاهداك لتشرك بي)؟! وكيف نفسّر سائر الموارد الأخرى؟! إنّ هذه التأوّلات التي لا تقوم على مستند سندي وتوثيقي واضح، ولا هي بالتي تنسجم مع الدلالة والسياق القرآني في الآية الواحدة، فضلاً عن مجموعة الآيات، لا يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها بهذه الطريقة، والله العالم.