السؤال: ما الذي يرمي إليه بعض العلماء من وصف الآخر بالمثقّفين وسطحيّتهم، كقول أحد التابعين لفكرهم: طريقة الشيخ (حبّ الله) في تناوله وعرض المسائل الدينية طريقة المثقّفين وسطحيّتها، وأبعد ما تكون عن طريقة عرض الفقهاء وعمقها. شكرًا (سعدون).
2 ـ لقد مدحكم أستاذكم المرجع الديني السيد محمود الهاشمي حفظه الله في مقدّمة كتاب (بحوث في الفقه الزراعي) وفي مقدمة كتابه (فقه الشركة)، فهل يفيد هذا المدح شهادةً بالاجتهاد لكم، كما يقول بعض الإخوة؟ (نزار).
الجواب: 1 ـ قد يخطأ هؤلاء في تقويمهم وقد يصيبون، وما العصمة إلا لأهلها، ولعلّهم يقصدون حماية الدين من ضلال زيد أو كفريّات عمرو، ونحن نعذرهم فيما يقولون ما لم يثبت لنا تقصيرهم في مكان ما ببيّنة شرعية مؤكّدة. ولكلّ إنسان طريقته في التقويم، فما تعتبره أنت سطحياً قد يراه الآخرون عميقاً، وما تعتبره عميقاً قد ينظر إليه الآخرون بنظرة مختلفة، فليس المهم نتائج التقويم، بل المهم أن يقدّم لنا النقّاد شواهدهم على هذا التقويم، لكي يكون الوعي بعمق زيد أو سطحية عمرو وعياً منطلقاً عن بيّنة إن شاء الله، وفّقنا الله جميعاً لكلّ خير.
وأشير أخيراً إلى نصيحة لكلّ الإخوة، نصيحة نفعتني في حياتي كثيراً، وهي أن لا يشعر الفريق الذي يحسب نفسه على مدرسة التجديد وعلى مدرسة (المختلف)، أن لا يشعروا بأيّ حاجة لكسب شرعيّتهم من التيارات التي تعتبرهم خصوماً لها، وليكن هذا آخرَ همّهم، فوقائع الزمن تشير إلى أنّه من العسير أن تكسب اعترافاً من هذا النوع في ظلّ الخلط بين المعرفة والعقيدة، أو بين المعرفة والانتماء، فدائماً على الإخوة أن يفكّروا: لا حاجة لنا أن يعترف الآخرون بنا، فليسوا هم لوحدهم مصدر الشرعيّة، وبهذه الطريقة قد ترتاح كثيرٌ من النفوس. وطهارة النفس من اللهث خلف كسب الموقع أو خلف مديح الناس، تساعد كثيراً على التحرّر من عقدة البحث عن شهادة هنا أو تقريظ هناك، فإذا كنت على ثقة بفكرك ـ ثقةً لا تعيش الغرور ولا تتهوّر بصاحبها ـ فلست بحاجة لكلام الآخرين ومدحهم، وإذا كانت تعلم من نفسك أنّك أقلّ من ذلك فلن ينفعك كلام الآخرين وتبجيلهم إلا أياماً قلائل في هذه الدنيا الفانية، فالجوهرة التي في اليد لا تصير جوزةً بكلام الآخرين، والجوزة التي عندك لن ينفعك فيها مدحهم، كما جاء في الرواية، وهذا ما يضع على كواهلنا مسؤوليات كثيرة، منها أن لا يكون همّنا إنتاج معرفة مقبولة للآخرين ومرضيّة عندهم، بل إنتاج معرفة صحيحة وسليمة، ترضى عنها ضمائرنا ونشعر معها بالسعادة العظيمة الروحيّة أمام الله سبحانه، عفا الله عنّا وتجاوز عن تقصيرنا وقصورنا، ونسأله سبحانه أن يحمينا ويمنع نفوسنا الطاغية من أن تُقَابِلَ النُّكْرَانَ بالادّعاء، والإقصاءَ بالتكبّر، والنفيَ بالعناد، ورحم الله من أهدى إلينا عيوبنا.
2 ـ أمّا حول الكلمات الأبويّة التي منحني إيّاها سماحة السيد الأستاذ الهاشمي رعاه الله ومَدَّ في عُمره، فهي لا تفيد شهادةً بالاجتهاد، لا المتجزئ ولا المطلق، وليست فيها دلالة على هذا الأمر إطلاقاً بحسب فهمي لها، فلا داعي لتحميلها أكثر ممّا تتحمّل.
وأحبّ أن أشير هنا لكلّ الإخوة المحبّين الذين يراسلونني في مثل هذا الموضوع، أقول لهم بمحبّة: لا حاجة لأن تُثبوا اجتهاد زيد أو عمرو للناس، ولا تعيشوا هذه الدوّامة، احملوا كلام زيد أو عمرو للناس، وأقنعوهم بأنّ العبرة بالكلام والدليل، وليس بالقائل، وثقّفوهم على هذه العقليّة، فإذا اقتنعوا فهذا باب جيّد، لأنّ ما يقوله زيد أو عمرو ليس فتوى، حتى تحتاج إلى إثبات اجتهاد، ولا هو بالمرجع ولا بالمفتي، فلا تتعاملوا معه على هذا الأساس، بل تعاملوا مع كلامه، وبعبارة أخرى: تصرّفوا مع كلامه وكأنّ الناصّ أو المتكلّم قد مات وانقضى، فإن رأيتم ما يفيد في كلامه فاذهبوا خلف المفيد، ولا تذهبوا خلف الشخص، وإن رأيتم ما هو مضرّ فتجنّبوه، وليكن الدعاء لصاحب الكلام بالهداية والبصيرة والمغفرة، ولو طبّقنا هذا الأمر مع كلّ المتكلّمين ـ حيث لا مرجعيّة ولا إفتاء.. مدّعى في البَيْن ـ لارتحنا وأرحنا. هذه نصيحة أخويّة نابعة من القلب، رزقنا الله قلباً سليماً نأتيه به يوم القيامة.
سماحة الشيخ..
انا انسان باقي على تقليد احد المراجع الذين توفاهم الله، ولم اطمأن لتقليد آخر لأني لا أؤمن بمسألة الأعلمية!! حيث اجدها من الامور المستحيلة !! فلن تجد طبيب يشهد له بالتفوقت في علاج القلب والمخ والامراض الاخرى بين الناس!! وحسب قراءتي المتواضعه أن مسألة الأعلمية جاءت في ظروف سياسية ولم تكن موجودة بعد غيبة الامام مباشرة، فما رأيكم؟
شكرًا لكم
سبق ان تمت الإجابة على مثل هذا السؤال في الموقع