• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
151 لماذا يأخذ المشايخ والعلماء الحقوق الشرعية والأخماس لأنفسهم؟! 2014-05-12 0 1926

لماذا يأخذ المشايخ والعلماء الحقوق الشرعية والأخماس لأنفسهم؟!

السؤال: هل يوجد في الإسلام نصّ ديني يلزم بإعطاء الحقوق الشرعيّة لرجال الدين، وجعلهم من مصارف الخمس والزكاة؟ وأقصد هل يعدّ رجال الدين من مصارف الخمس والزكاة ولهذا نجدهم يستهلكون الحقوق الشرعيّة لأنفسهم أم ماذا؟ وما هي الآية أو الرواية الدالّة على ذلك؟ وهل هي صحيحة السند؟ (جمال، لبنان).

 
الجواب: ليس هناك في فقه الضرائب الشرعيّة في الإسلام شيئاً اسمه المخصّصات العائدة لرجال الدين، فنحن لا نملك نصّاً شرعيّاً يثبت أنّ رجال الدين يملكون مخصّصات خاصّة بهم يأخذونها من أموال الخمس والزكاة والجزية والخراج، وهي الضرائب الإسلامية الأساسيّة الأربع. نعم إذا كان عالم الدين فقيراً فيأخذ لكونه فقيراً، مثله مثل سائر الفقراء، وإذا كان مثقلاً بالديون فيأخذ من الزكاة مثل سائر الغارمين من الناس، ولا يوجد في الإسلام ولا في نصوص الكتاب والسنّة نصّاً يضع علماء الدين أو المؤسّسة الدينية في موضع استحقاق مالي مخصّص لهم. وإنّما يدخل في ضمن الأمور الحسبية والارتزاق.

وقد جاءت هذه القضيّة تارةً من فقر بعض رجال الدين وطلاب العلوم الدينية وأنّه إذا لم يعطوا فلن يتمكّنوا من تحصيل العيش الكريم، وأخرى من الفكرة التي تقول بأنّ سهم الإمام من الخمس يصرف في الموارد التي يعلم فيها برضا الإمام المعصوم عليه السلام، وحيث ذهب الكثير من العلماء خلال القرون الثلاثة الأخيرة إلى تسليم سهم الإمام من الخمس للحاكم الشرعي ـ وهي الفكرة (تسليم الخمس للحاكم) التي لا نجد لها حضوراً يُذكر قبل هذا التاريخ في التراث الإسلامي على مستوى سهم الإمام ـ طرحت في العقود الأخيرة مقولة جديدة أخرى تتعلّق بموارد صرف سهم الإمام من قبل الحاكم الشرعي، فقد وضع بعض المراجع الكبار رحمهم الله في رسالتهم العملية قبل أكثر من نصف قرن، نصّاً في بحث مصرف الخمس من كتاب الخمس من فقه العبادات، قضى فيه بأنّ «.. من أهم مصارفه (يقصد سهم الإمام من الخمس) في هذا الزمان الذي قلّ فيه المرشدون والمسترشدون إقامةُ دعائم الدين ورفع أعلامه، وترويج الشرع المقدّس، ونشر قواعده وأحكامه، ومؤونة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية، الباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين، وإرشاد الضالّين، ونصح المؤمنين ووعظهم، وإصلاح ذات بينهم، ونحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم وتكميل نفوسهم، وعلوّ درجاتهم عند ربّهم تعالى شأنه وتقدّست أسماؤه…» (السيد محسن الحكيم، منهاج الصالحين 1: 484).

هذا النصّ يُدخل مؤونة علماء الدين بشكل رسمي في أولويّات مصارف الخمس، لا في أصل مصارفه، فبعد قوله بضرورة تقديم الأهم على المهم يجعل الأهمّ في هذا الزمان هو مصارف الحوزات العلميّة والشأن الديني. وقد درج كثير من العلماء على هذا النصّ ومنهم بعض المراجع الحاليّين (راجع: الخوئي، منهاج الصالحين 1: 348؛ وجواد التبريزي، منهاج الصالحين 1: 355؛ والاشتهاردي، مدارك العروة 23: 456؛ والوحيد الخراساني، منهاج الصالحين 2: 388؛ والسيستاني، منهاج الصالحين 1: 413؛ والروحاني، منهاج الصالحين 1: 469؛ والفياض، منهاج الصالحين 2: 85 ـ 86؛ والهاشمي الشاهرودي، منهاج الصالحين 1: 375؛ وانظر: محمد باقر الصدر في التعليقة على منهاج الصالحين للحكيم، حيث يظهر منه عدم النقد، والموافقة..)، وتحوّل هذا النصّ إلى ثقافة وواقع معاً، فماذا أعني بالثقافة والواقع؟

أعني أنّ سهم الإمام عندما يأتي إلى المرجعيّة الدينية (في كثير من رجالاتها لا جميعهم)، فهو يصرف بحساب الأولويات بشكل تلقائي، وحيث إنّ الأولوية هي للشأن الديني ومؤونة رجال الدين، فمن الطبيعي أن يتمّ توزيع هذا المال من المرجعيّة التي هي رأس الهرم على الطبقة التالية لها، وهي طلاب العلوم الدينية ورجال الدين، ثم يأتي دور سائر مصارف الخمس وفق منطق الأولويات هذا، وهذا معناه أنّ الخمس يصرف أولاً وبالذات على رجال الدين، وثانياً ولاحقاً على سائر الفقراء والمساكين والمحتاجين واليتامى وعلى المؤسّسات الخيرية والرعوية والتربوية وغير ذلك، أرجو أن يتوقّف القارئ الكريم بروح موضوعيّة وصبورة مع هذا الأمر، فليس بسيطاً أبداً؛ لأنّه يعني أنّ الكتلة المالية الضخمة التي تصل إلى المرجعية ستذهب إلى المشايخ أنفسهم، وما بقي سيذهب إلى عامّة الناس، ولعلّ هذا أحد أسباب عدم وجود مؤسّسات تربوية وخيرية وخدماتية لعموم الناس من قبل بعض المرجعيّات الدينية، إذ هذه نتيجة طبيعية لهذا السلّم من الأولويات. فافترض أنت أنّ مبلغاً من المال قد أتاك وأنّ الأولويات عندك هي صرف هذا المبلغ على زوجتك وأولادك، ثم الصرف على إخوتك، فعندما يكون المبلغ محدوداً فمن الطبيعي أن يكون نصيب الإخوة أقلّ من نصيب الزوجة والأولاد، فنحن اليوم نتحدّث عن رقم كبير من رجال الدين، يفوق المائة ألف رجل دين شيعي في العالم، إنّ احتياجاتهم ليست بالقليلة (لاسيما مع عدم وجود مردود مالي من الصرف على أغلبهم غير الخمس نفسه). أضف إليها حاجات القضايا الدينية كطباعة كتب والتبليغ وبناء الحوزات وغير ذلك، إنّ أموال الأخماس ـ لاسيما في ظلّ حالة اللاتنظيم في جمعها وتداولها ـ سوف يضيع كثير منها وسط حاجات طلاب العلوم اليوم، فلو أنّ كلّ رجل دين أعطيته ما هو أقلّ من حاجته، وافرض أنّنا أعطيناه ثلاثمائة دولار شهريّاً مع حسابات الطبابة وغيرها، فإنّ المبلغ المصروف شهريّاً هو ثلاثين مليون دولار، أي إنّك في السنة ستصرف 360 مليون دولار، وما زلت لم توفّر قوت سنة رجال الدين، هذا فضلاً عن مصارف لا تعدّ ولا تحصى ترجع للحوزات العلميّة غير الاستهلاك اليومي لكلّ شخص من رجال الدين، وإذا ضممنا لهذا أزمة الفساد المالي والإداري القائمة، فإنّ ما سينتج عن هذا كلّه هو تلاشي مئات ملايين الدولارات قبل أن يصبح حال رجل الدين حسناً، في مقابل قلّة حضور أموال الخمس في وسط الناس على مستوى المؤسّسات الخدميّة لو حسبنا المسألة بشكل نسبي. فنحن نعرف أنّ الكثير من مراجع الدين رحلوا عن الدنيا وما تركوه ـ غير الصرف على رجال الدين ـ هو مستوصف واحد أو مستشفى واحدة أو مدرسة واحدة، وهذه أرقام بسيطة جدّاً لا قيمة لها بحساب الخدمات الاجتماعيّة والمالية لعموم الناس. هذا كلّه مضافاً إلى ذهاب الكثير من الفقهاء إلى عدم جواز الاستثمار في أموال الخمس بل يجب صرفها على مواردها لا التجارة بها والاستثمار وما شابه ذلك. وهذا كلّه أيضاً بصرف النظر عن المؤسّسات التي تستهلك مبلغاً كبيراً من المال دون إنتاج مالي أو عائد مالي يُذكر، وقد كشفت الأزمة الاقتصادية الأخيرة في بعض البلدان عن حجم الاستهلاك المالي الضخم للمؤسّسات الحوزويّة، بما لا مجال للحديث عنه الآن. وهذا أيضاً غير أنّ الصرف على رجال الدين غير مشروط في كثير من الأحيان بفقرهم؛ لأنّ الحاكم الشرعي يصرف من سهم سبيل الله باعتبار أنّ الصرف على رجال الدين هو لتقوية الدين وسبيل الله، ولهذا لا يشترط في طالب العلم عند كثيرين أن يكون فقيراً، بل يمكنه أخذ الأموال ولو من دون فقر شرعي، وهناك تفصيلات ومواقف في هذه النقطة الأخيرة لا نطيل فيها الساعة.

حسناً، ماذا أريد أن أقول؟ أريد أن أقول: إنّ المفهوم الذي وضع في (منهاج الصالحين) وما لحقه أو سبقه من ممارسات، جعل طالب العلم يعتبر أنّ مصاريفه هي من المؤسّسة الدينية بحكم كونه منتمياً لهذا السلك، لا بحكم كونه يعمل فيأخذ مقابل عمله بالضرورة كسائر الموظفين، وهذا ما يدفعه دوماً لتوقّع الحصول على المال من الأخماس والزكوات والأوقاف والأعطيات؛ لأنّ المفروض أن مؤسّسةً كبيرة مثل المرجعيّة الدينية ترى أنّه من أولوياتها الصرف عليه، فعندما يكون طالباً للعلم تصرف هذه المؤسّسة عليه، وعندما يرجع إلى بلده يأخذ منها أيضاً بحكم وكالته في الخمس، فهو عمليّاً ما زال يأخذ المال من هذه المؤسّسة.

هذا كلّه يؤدّي بشكل تلقائي إلى نظام صرف هرمي لأموال الخمس وأمثالها، لا لنظام صرف مسطّح، لاسيما وأنّ الفقهاء لا يشترطون من الناحية الشرعية توزيع أموال الزكاة والخمس على الأصناف بالسويّة (وهو ما يسمّى بالبسط بحسب الاصطلاح الفقهي)، فلو كان عندي مبلغ مليون ليرة لبنانية من الحقوق الشرعيّة فلا يجب صرفها على اليتامى والفقراء والمساكين وفي سبيل الله و.. بالتقسيم المتساوي أو المتفاضل، بحيث يأخذ كلّ مصرف مائة ألف ليرة مثلاً، بل يمكن صرف المبلغ كلّه على سهم سبيل الله فقط، والذي منه ـ في كثير من الأحيان ـ الصرف على الحوزات العلميّة.

هذا هو ما كرّس مفهوم الارتباط بين الخمس والمشايخ الكرام، وإلا فليس هناك ارتباط شرعي نصّي في هذا السياق، والقضيّة تتبع مدى أفق الحاكم الشرعي وخططه المالية الاستراتيجيّة ومعايير الأولويات عنده، وكلّها قضايا زمنيّة متحرّكة، ولهذا نجد الإمام الخميني يعلّق على هذه القضيّة بالقول: «.. سهم الإمام عليه السّلام من الخمس، فإنّه بناءً على كونه ملكاً للإمام عليه السّلام، لا دليل على ولاية الفقيه عليه، ولذا تشبّثوا فيه بأمور غير مرضيّة، وادّعى بعضهم العلم برضا الإمام عليه السّلام بتلك المصارف المعهودة لحفظ الحوزات العلميّة ونحوها. وليت شعري، كيف يحصل القطع بذلك؟! أفلا يحتمل أن يكون الصرف في بعض الجهات أرجح في نظره الشريف عليه السّلام، كالصرف في ردّ الكتب الضالّة الموجبة لانحراف المسلمين، ولاسيّما شبّانهم، وكالصرف في الدفاع عن حوزة الإسلام. إلى غير ذلك ممّا لا علم لنا به؟! فدعوى القطع لا تخلو من مجازفة. ثمّ لو فرض قطع الفقيه بالرضا، لكنّه لا يفيد ذلك لغيره؛ فإنّ كلّ آخذ لابدّ له في صحّة تصرّفه من القطع برضاه، وليس الأمر مربوطاً بالتقليد ونحوه كما هو ظاهر» (كتاب البيع 2: 655، مؤسّسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني، إيران، الطبعة الأولى، 1421هـ). فالإمام الخميني يقحم هنا قضيّة الدفاع الثقافي ومواجهة الغزو الثقافي، وكذلك قضيّة الجهاد، في حساب الأولويات، ولا يرى أنّ الأولويات هي دوماً الصرف على علماء الدين لكي يدرسوا ويعيشوا، حتى لو كان الآلاف منهم لا يقوم بنشاط يُذكر، بحيث لا يتناسب ما يأخذه من المال كلّ سنة مع ما يقدّمه للإسلام من خدمات.

ولهذا وغيره، أجد نفسي داعياً للمبالغة في الاحتياط في صرف الأموال الشرعيّة، إن من قبل الحاكم أو من قبل المستلم للمال لنفسه، وإعادة النظر في الأولويّات ودراسة الواقع الحالي بعمق وبرؤية شمولية ومستقبليّة، وهذا ما يستدعي قراءة مختلفة تماماً للنظام المالي في المؤسّسة الدينية وكيفية إعطاء الوكالات، وقضايا أخرى كثيرة نتركها لمناسبة أخرى.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 35780162       عدد زيارات اليوم : 1456