• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
38 لماذا التقصير في مواجهة حركة الإلحاد الجديد؟ وما هو الموقف تجاهها؟ 2014-05-12 0 1604

لماذا التقصير في مواجهة حركة الإلحاد الجديد؟ وما هو الموقف تجاهها؟

السؤال: هناك الكثير من الملحدين يروّجون لإلحادهم، ولم نرَ رداً صادّاً عن وقوع مثل هذه المآسي في الثقافة البشريّة، فالكثير من العلماء والمثقفين لا يؤدّون مسؤوليتهم في إنقاذ المجتمعات من مثل هذه الأفكار هذا أولاً. وثانياً نحن نقوم بالتعليق على تلك المنشورات الإلحادية بما استطعنا، فهل هذا الفعل صحيح أم يعدّ ترويجاً لأفكارهم؟ وإذا كان يعدّ كذلك فهل المستوى الإسلامي قاصرٌ عن إزاحة الشبهات الثقيلة التي أثقلت كواهلنا؟ (Mhammed Sweet).

 

الجواب: أولاً: إنّ بعض العلماء ـ والحمد لله ـ قاموا وما يزالون بدراسة هذه الإشكاليات التي تتحدّثون عنها وأمثالها، وقد كتبوا وحاضروا في ذلك بشكل موسّع، لهذا لا يمكنني القول بأنّ هذه الإشكاليات لا تجد من يجيب عنها اليوم. وأكثر من اهتمّ بالإجابة عنها هم المشتغلون بالعلوم العقليّة والفلسفية من العلماء والمثقفين والباحثين سواء في العالم العربي أم في سائر البلدان الإسلاميّة.

ثانياً: إنّ تصدّي هؤلاء العلماء يبدو لي غير كافٍ، لا من حيث عدم قوّة ما يطرحون، بل من حيث إنّ حجم الإشكاليات ـ كمّاً وكيفاً ـ يحتاج لجهود أوسع، فأكثر الإشكاليات ذات الطابع الكلامي التي يتصدّى لها العلماء هي تلك الإشكاليات المذهبيّة، بينما الإشكاليّات العامّة التي تطال الإسلام كلّه أو الدين كلّه قد تكون نسبة الاشتغال عليها أقلّ، ومع ذلك فهي موجودة والحمد لله. وهذا ما يستدعي أن يتداعى العلماء والمفكّرون والمثقفون لتوزيع الأدوار ومعرفة حجم تأثيرات الإشكاليات كلّها، وعدم الانشغال بزاوية من المشاكل على حساب زوايا أخَر قد لا تقلّ أهميّةً وخطورةً عنها.

ثالثاً: إنّ أحد أسباب الإحساس بعد حضور المفكّر الإسلامي في مواجهة إشكاليّات ما يسمّى اليوم بالإلحاد الجديد، هو أنّ المؤسّسة الدينية الإسلاميّة قدّمت نفسها إمّا بطابع الفقه والأصول كما عند الشيعة، أو بطابع علوم الحديث والشريعة كما عند أهل السنّة، وأدّى هذا الأمر إلى انشغال أعداد أكبر من الحاجة بشؤون أبحاثٍ قد يكفي فيها عدد أقلّ من طلاب العلوم الدينية. من هنا فكلّنا مطالبون بأن نفكّر بجدّية أكبر في توزيع الأدوار بحسب الحاجات المنتشرة على مختلف اختصاصات العلوم الإسلاميّة، كعلم الفقه والأصول والتاريخ والكلام والفلسفة والعرفان والحديث والقرآنيات وغير ذلك. والمؤسف أنّ بعضنا اليوم مازال يستخفّ بالدراسات القرآنية والحديثية والفلسفية والكلامية والتاريخية، ويراها من شؤون المطالعة والثقافة العامّة، ويصرّ على أنّ الفقه والأصول هما مفتاح حلّ كلّ مشاكل المسلمين، وقد قلت يوماً في حوار أجري معي حول قضايا التعليم في الحوزات الدينية، حيث وجّه لي سؤال حول هذه القضية، ما نصّه: (لست أدري ما هو المبرّر الديني لمثل هذا القول، أليس من وظيفة الحوزة العلميّة تربية جيل من علماء العقيدة يستطيع مواجهة أمواج النقد العاتية القادمة من الداخل الإسلامي الآخر ومن الخارج معاً؟ كيف ستخرّج علماء كلام كما كان المفيد والمرتضى ـ وليس مجرّد جدليين مماحكين ـ إن لم تتمّ تربيتهم بطريقة متفوّقة ومعمّقة؟ ألم تواجه الحوزة العلميّة منذ الستينيات وإلى يومنا هذا مدارس الفلسفة الحديثة، المادية ومن أتى بعدها؟ فلو لم يكن عندنا مثل العلامة الطباطبائي والجيل الذي تعلّم على يديه كيف كان يمكن أن نواجه مثل هذه الأمور؟ هل برواية صحيحة السند؟ أم بمسألة فقهية تقوم على التوثيق التاريخي؟ وهذا هو القرآن الكريم يتعرّض لأوسع نقد من الكتّاب الغربيين والمسلمين، ويخرجون لك منه عشرات التناقضات، هل يمكن ـ دون تربية جيل من المتعلّمين في القرآنيات ـ مواجهة هذا كلّه؟ وهل يمكن بمنطق التبسيط الاستخفاف بكلّ هذا الواقع. نعم علم الأصول والفقه لهما قدرة تدريبية عالية على تنشيط الذهن في عمليّات التحليل وقراءة النصّ، لكنّ مجرّد إعطاء القدرة شيء وتفعيل هذه القدرة في المجالات المختلفة وبطريقة تحفظ لتلك المجالات خصوصيّاتها شيء آخر، خذوا هذا المثال: أحد الباحثين انتقد تشكيكات الهرمنوطيقيين في معرفة مراد المؤلّف، بالاستناد إلى السيرة العقلائيّة وإمضاء الشارع لهذه السيرة. أعتقد لو أنّ باحثاً مشبع الذهن بنظريات التأويل والهرمنوطيقا المعاصرة قرأ مثل هذا النقد لأثار ذهوله، فالهرمنوطيقي لا يبحث في الحجيّات ولا في التنجيز والتعذير، وإنّما في الجانب المعرفي الواقعي للأمور، حتى لو عمل كلّ البشر بهذا فهذا لا يعنيه، فهذا مثل الفيلسوف الذي يذهب إلى القول بأصالة الوجود، مع أنّها عقليّة عنده ولكنّها بعيدة عن الذهن العقلائي، فيما أصالة الماهية أصالة عقلائية بحسب تعبير المحقّق الإصفهاني، فالعقل الأصولي أوجب وقوع باحثنا العزيز في خطأ منهجي؛ إذ ليست كلّ العلوم تدار بالذهنية الأصولية، كيف وعلم الفقه والأصول من شؤون عالم الاعتبار، وكثير من البحوث الأخرى من شؤون عالم الواقع والحقيقيات، كما قال العلامة الطباطبائي والشهيد المطهري، حتى لو لم نوافقهما في مساحة فكرتهما. أعتقد أنّه يجب أن لا نستخفّ بإشكاليات وتحدّيات العلوم الأخرى. وحتى لو تغاضينا عن هذا كلّه، هل هذا الرأي موافقٌ للقرآن الكريم والسنّة الشريفة وتعاليمهما؟ إنّ أقلّ من عُشر القرآن ـ على المشهور ـ هو في الفقه، فهل مقتضى التدبّر في القرآن الكريم أن نترك التسعة أعشار الأخرى؟ وهل كانت بنية النصّ القرآني في آيات الأحكام تحتاج لدقّة وتعمّق بينما بُنيَة غيرها لا تحتاج لشيء؟ فما ظنّك بكتب الحديث الكلامية التي تحتاج إلى الكثير من البحث والتنقيب وحلّ أنواع المعارضة بينها، وتحقيق أسانيدها ومتونها، واستخراج ما فيها من أفكار وقيم وحقائق عبر المقارنات والمقاربات بينها، كأصول الكافي والتوحيد وكمال الدين و.. للصدوق، وغيرها من الكتب، فبأي مبرّر شرعي أضع جهود عشرات الآلاف من الطلاب في بعض النصوص الدينية، ثم أترك كلّ هذا الكمّ الهائل من النصوص كي يتناولوه ـ إذا أرادوا ـ من باب الفسحة والتنزّه! أرى ذلك غريباً عن الثقافة الدينية، ولا أظنّ أن قائل تلك الفكرة التي ذكرتموها يقبل بهذا، كيف والتفقّه في الدين ـ ممّا حثنا القرآن الكريم عليه ـ لا يقتصر على الفقه، بل هو تأمّل في الدين كلّه، بفقهه وأخلاقه وتاريخه وعقائده وغير ذلك. وما نقوله يشهد عليه تاريخ علماء المسلمين من المذاهب كافّة).

رابعاً: إنّ بعض المشاكل التي نواجهها على هذا الصعيد تكمن في أنّ معايير الإقناع غير مجدية بالنسبة لهذا النوع من الناس، فقلّة احتكاك المبلّغ المسلم والداعية والمفكّر والمثقف والعالم والفقيه بهذا النوع من الإشكاليات يضعف عنده قدرة الردّ فيها؛ لأنّ لكلّ مناخ معرفي أساليبه البرهانية والإقناعية، فنحن في القضايا الشرعية يمكن أن نستخدم وسائل استدلالية وإقناعية معيّنة لا تنفع بالضرورة في مثل مشاكل النقد الديني العام، وهكذا الحال في البحث الفلسفي في أنّ وسائله الإقناعية والبرهانية مختلفة أيضاً، لهذا يقلّ عندنا وجود من لديهم دُربة على مثل هذه الموضوعات لكي تناولوها بأسلوب يؤثر حقاً فيمن استحكمت عندهم هذه الإشكاليات. وهذه المسألة تحتاج لورش عمل في المؤسّسات والمعاهد الدينية توفر تأهيل بعض المهتمّين والعلماء لمجموعة من الخصائص التي تمكّنهم من الخوض في هذا المضمار بجدارة ونجاح إن شاء الله. وهناك عمل ـ والحمد لله ـ على هذا الصعيد، لكنّ الحاجات ما تزال أكبر.

خامساً: إنّ واحدة من الأساليب المؤثرة في مواجهة حركة النقد الجديد للدين، هي الإقرار بالخطأ والاعتراف بالقصور أو التقصير عندما يكون ذلك موجوداً، وعدم الإصرار على سياسة التعتيم والمواربة والمداهنة، فكلّما كنّا موضوعيين نقول الحق ولو على أنفسنا صارت لمقولاتنا مصداقيّة على مستوى الرأي العام وفي الوسط النقدي أيضاً، وكلما كنّا معاندين لا نريد أن نعترف بأيّ مشكلة أو خطأ في علومنا الدينية وفي اجتهاداتنا واجتهادات من سبقنا، فإنّ الأمور سوف تتعقّد أكثر فأكثر. إنّ الاعتراف بالخطأ فضيلة أخلاقية ذاتية من جهة، ومنقبة لها تأثيراتها الموضوعية العلائقية من جهة أخرى. وإذا كان الأنبياء والرسل من الكمّل المعصومين فإنّ أتباعهم ليس من الضروري أن يكونوا كذلك، حتى نظلّ مجبرين على الدفاع عن أخطائهم، فالتواضع هنا ضروري أيضاً.

سادساً: إنّ قيام أيّ شخص بالدخول على خطّ هذه الموضوعات لمناقشة هذه الإشكاليات لا مانع منه، شرط أن يكون مؤهلاً، إذ لو لم يكن مؤهلاً فقد يقع في أخطاء وتقديم معلومات مغلوطة، وقد يبدو ضعيفاً أمام الآخرين فيضعف الموقف الديني كلّه، وقد لا يكون متخصّصاً في مسألةٍ فيتورّط في القول بغير علم فيها، من هنا فمن يريد التصدّي للإجابة عن مثل هذه الإشكاليات عليه أن يكون متهيئاً بدرجةٍ معينة تبعاً لنوعية الإشكالية التي يريد التصدّي لها، ولهذا ورد في العديد من النصوص عن أهل البيت عليهم السلام تشجيع بعض أصحابهم على المناظرة والكلام ومنع آخرين، وقد عُلّل هذا الأمر في بعض الروايات بأنّه لضمان سلامة العملية الجدلية والنقاشيّة، وعدم سقوط الطرف المجادل نفسه في أخطاء والتباسات وأوهام.

سابعاً: إنّ الفكرة التي تقول بأنّ علينا أن نسكت عن الظواهر الجديدة؛ لأنّ في النقاش معها ترويجاً لها، هذه الفكرة صحيحة من جهة وغير صحيحة من جهة أخرى. أمّا وجه صحّتها فهي عندما تكون تلك الظواهر بسيطة للغاية وهامشية وغير مؤثرة أساساً، وليس لها أيّ جمهور، فإنّ طرحها على بساط البحث بشكل موسّع ـ لاسيما عند دخول شخصيات كبيرة للنقاش فيها ـ سوف يؤدّي إلى ترويجها، وإذا لم يكن في ترويجها مع مناقشتها فائدة، فلماذا نُقدِم على ذلك؟ لكن عندما تكون هذه الظواهر قد تبلورت في المجتمع، وصارت معروفة ولها جمهورها، حتى لو لم يكن هذا الجمهور ليشكّل الأغلبية، ففي هذه الحال يجب خوض حوار علمي معها. بل إنّني أعتقد بأنّه في بعض الأحيان يحسن تعريف الناس بها، كي يكون الآخرون على دراية فيعرفون هذه الاتجاهات مع الاتجاهات الناقدة لها. وأمّا ما يفعله بعضنا من ترك هذه الظواهر تنمو وتنمو وتنمو، دون أن يبالي بها، بل ينظر إليها باستخفافٍ بالغ، بحجّة أنّنا لو فتحنا باب النقاش معها لعظُمت وتنامت.. فهذا الكلام غير صحيح، والشواهد الميدانيّة على عكسه تماماً. يجب دراسة حجم الاتجاهات الفكرية في الساحة الإسلامية؛ كي نعرف متى ينبغي أن نطرح هذا الموضوع للنقاش ومتى لا ينبغي، لا أن نستخدم أسلوب وضع الرأس في الرمال دوماً، ولا أسلوب تلك المرأة التي كانت تستحمّ على ضفّة النهر، ثم تنادي للناس (الذين لا يرونها في الحقيقة) أن لا ينظروا إليها؛ لأنّها عارية!

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36833102       عدد زيارات اليوم : 13390