• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
123 لماذا اختلفت الرسالات (القرآن والتوراة) في الدعوة التدريجيّة مع أنّ المرسل واحد والحكمة واحدة؟ 2014-06-10 0 3346

لماذا اختلفت الرسالات (القرآن والتوراة) في الدعوة التدريجيّة مع أنّ المرسل واحد والحكمة واحدة؟

السؤال: يقال بأنّ الإسلام يتميّز بأنّه اُنزل تدريجيّاً (تنزيل العزيز الرحيم)؛ ليراعي تنمية الأرواح وتربيتها تدريجيّاً، بينما الكتب الإلهيّة الأخرى اُنزلت دفعةً واحدة، كالتوراة التي استلمها نبيّ الله موسى عليه السلام على ألواح. والسؤال: الأمر بالأصل في كلّ الرسالات الإلهيّة متعلّق بالتربيّة الإلهيّة للبشر، وهو ينظر لتغيّر أحوال البشر، فالقرآن اعتبر تنزيلاً متدرّجاً؛ لأنّه من الله العزيز الرحيم، فيفترض أن لا تختلف هذه التربية في كلّ الرسالات الإلهيّة، فلماذا اختلفت؟

الجواب: يوجد هنا موضوعان، يجب أن نفصلهما جيداً عن بعضهما:

الموضوع الأوّل: أنّ مجموعة الرسالات نزلت بشكل تدريجيّ، فمع نوحٍ عليه السلام نزل بعض الدين، ومع إبراهيم نزل ما سبق وبعضٌ آخر أيضاً، ومع موسى نزل شيء إضافيّ كذلك، وهكذا إلى محمّد حيث نزل معه الدين كلّه، وهذا معناه التدرّج في بيان الدين خلال عدّة آلاف من السنين على شكل حلقات، يزيد بعضها على بعض، وتشكّل كلّ حلقةٍ منها ديناً سماويّاً، يستوعب اللاحقُ منها السابق ويزيد عليه، وقد يَنسخُ بعضَه، وهو معنى أنّ القرآن ـ مثلاً ـ مصدّق لما بين يديه ومهيمن عليه.

هذا المفهوم للتدرّج مقولةٌ شائعة بين المسلمين. وهناك ـ ومنهم بعض المعاصرين من الباحثين ـ من يرى أنّ الديانات واحدة، وأنّ ما جاء به محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ليس غير ما جاء به موسى عليه السلام، بل هما أمرٌ واحد تماماً لا يختلفان في شيء قطّ حتى بالزيادة والنقيصة، وإنّما بُعث اللاحقون من الأنبياء، لا لكي يأتوا بجديدٍ يكملون به المشروع الديني التاريخي، بل لكي يعيدوا تذكير الناس بما بُعث به السابقون، وإذا كان هناك من اختلاف فهو في بعض التفاصيل الشرعيّة الجزئيّة التي تتغيّر بطبعها بتغيّر الزمان والمكان، فالرسالة الإلهيّة الكبرى راعت التغيّر الزمكاني، فتغيّرت بعضُ الأحكام من دينٍ (فترة) إلى دين (فترة)، وإلا فإنّ الدين واحدٌ، لا يزيد دين الإسلام المحمدي فيه عمّا جاء به موسى وعيسى ونوح وإبراهيم ولوط ويونس وزكريا ويحيى وغيرهم من الأنبياء، وهذا معنى أنّ النبي محمّداً كان مطالباً باتّباع إبراهيم الخليل، من وجهة نظر هؤلاء الباحثين، وهذا أيضاً هو معنى أنّ القرآن طالب اليهود والنصارى بالعمل بما في التوراة والإنجيل؛ لا احتجاجاً، بل لأنّ العمل بما في التوراة والإنجيل هو عملٌ بما في القرآن، لا فرق في ذلك من وجهة النظر هذه.

وعلى أيّة حال، فالتدرّج هنا ـ وفقاً للرأي المشهور بين المسلمين ـ هو تدرّجٌ في بيان الدين الكامل عبر التاريخ، بحيث ظهر منه في كلّ فترة جزء إلى أن اكتملت الأجزاء بالديانة المحمديّة الخاتمة، وهذا التدرّج يغطّي كلّ الأديان الإلهيّة ولا تختلف فيه ديانة عن أخرى، فكلّ ديانة تتكفّل بيان قدرٍ إضافيّ من الدين، حتى نصل إلى الرسالة الإسلاميّة التي أكملت الجزء الأخير، فظهر الدين الكامل كلّه معها. وعلى هذا فلا تناقض بين الديانات ولا اختلاف في سياساتها، فسؤالكم لا يجري هنا؛ لأنّ كلّ الديانات اشتغلت على هذه السياسة الاستراتيجيّة العامّة، فلم تشأ الإرادة الإلهيةّ أن يظهر الدين الكامل في عصر نوح عليه السلام، ولا في عصر عيسى، بل كانت المشيئة هي التدرّج في البيان عبر الديانات النبويّة المتعدّدة، ليكون الظهور التام والنهائي مع الديانة المحمّديّة الإلهيّة الكاملة.

وحتى لو ذهبنا إلى وجهة النظر الثانية التي دافع عنها بعض الباحثين المعاصرين؛ فإنّ الأمر هو عينه، فإنّه وفقاً لوجهة النظر هذه لا يوجد تدرّج بين الديانات أساساً، فما جاء به إبراهيم هو عين ما جاء به محمّد بلا فرق أبداً حتى بالزيادة والنقيصة، وهذا معناه أنّ السياسة العامّة لتبليغ الدين لم يكن فيها تدرّج قط، فما قاله نوح لقومه هو عين ما قاله محمّد لهم، ولم يقل نوح شيئاً لم يقله محمّد، ولم يقل محمّد شيئاً لم يقله نوح، فأيضاً هنا لا يجري إشكالكم؛ لأنّ الديانات استخدمت طريقةً واحدة.

وبالمناسبة فهذا موضوعٌ جيّد ومفيد ومهم جدّاً في دراسة هل كانت سياسة الديانات قائمةً على التدرّج الكمّي في البيان كما هو المشهور أم لا؟ وهل أنّ الديانات الإلهيّة الواقعيّة متساوية كمّاً وكيفاً في مضمونها أم لا؟ ويصلح لتناوله مادّة بحثية قرآنيّة وحديثية واجتهاديّة وفلسفيّة أيضاً، على مستوى أطروحة دكتوراه أو ماجستير، فله تأثير نظريّ لا يستهان به على فهم المنظومة الدينيّة، كما سيترك تأثيراً مهمّاً على موقعيّة فكرة النبوّة الخاصّة في الدين، فليلاحظ جيداً.

الموضوع الثاني: تدرّج كلّ دين في بيان مضمونه لقومه لحظة نزوله إلى الناس، ولعلّه هذا هو موضع سؤالكم، فلماذا تدرّج الإسلام في بيان مفاهيمه بحيث نزل نجوماً، فيما لم يتمّ التدرّج في الديانات الأخرى بحيث نزلت ألواح التوراة معاً بكلّ ما فيها؟!

وفي هذا السياق، يمكن القول بأنّ هذا الأمر تابعٌ لطبيعة المرحلة والمحيط والظروف التي تكتنف نزول هذه الديانة أو تلك، ولا يجب أن تكون هناك طريقة واحدة في نزول الوحي على الأنبياء في كلّ الديانات، فلعلّ ما في ألواح موسى وصحف إبراهيم ما كانت هناك مشكلة لو تمّ الإبلاغ بها جميعاً دفعةً واحدة، لقلّتها مثلاً أو لقلّة مضمونها التشريعي والديني والمفاهيمي، تماماً كما هي الحال في بعض ألوان نزول الوحي القرآني، فأحياناً كانت تنزل سورةٌ قصيرة أو بضع آيات قليلة، بينما نزلت سور طوال على النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في مراحل أخرى دفعةً واحدة، مثل ما هو المعروف من نزول سورة التوبة كلّها تقريباً عليه بعد منصرفه من معركة تبوك.

وإذا قلنا بأنّ الديانات يزيد بعضها على بعض كلّما مرّ الزمن، فمن الطبيعي أنّ المقدار الذي نزل على نوحٍ كان قليلاً جداً مقارنةً بما نزل على محمّد، فيمكن أن ينزل ذاك دفعة واحدة فيما يحتاج هذا للتدرّج في البيان، فالقضيّة تتبع طبيعة المجتمع المعاصر لكلّ نبيّ من حيث قدرته على التحمّل ووجود مصالح نوعيّة في اتباع سياسة هنا أو أخرى هناك؛ لأنّ الموضوع آليٌّ ميداني أداتي في كيفية التبليغ والدعوة، وهو يختلف تلقائيّاً تبعاً لاختلاف الظروف والمحيط والزمان والمكان، فلا موجب لوحدة سياسة الديانات في عملية التبليغ، تماماً كما هي الحال اليوم، فأنت في بعض المناطق تبلّغ بطريقة مختلفة عن مناطق أخر، تبعاً لرؤيتك للأساليب الأفضل في التأثير على المخاطب هنا أو هناك.

هذا كلّه، لو قلنا بأنّ الديانات السابقة لم تستخدم نفس الطريقة التي استخدمت في القرآن الكريم، وهي النزول التدريجي، فألواح موسى نزلت بعد أن نزل الوحي على موسى بسنين، وبعد أن بلّغهم قدراً لا بأس به من دين الله وتوحيده وأظهر لهم ـ ولفرعون وقومه ـ المعاجز وغير ذلك، فهذا أيضاً نحوٌ من التدرّج، وإذا صحّ ما نقوله لم تعد في الإسلام ميزة التدرّج في البيان، خلافاً لما جاء في سؤالكم، فليلاحظ جيداً.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36562374       عدد زيارات اليوم : 8266