السؤال: كيف يفسّر المسلمون ظاهرة المصاهرات الواسعة بين أهل البيت النبوي وبين الصحابة والخلفاء وأولادهم عبر التاريخ؟ هل لكم أن تعرضوا لنا الاتجاهات في هذا الأمر على طريقتكم الجميلة في بيان الآراء والمواقف؟ (صلاح، سوريا).
الجواب: أمّا جمهور أهل السنّة فهم يرون هذا الأمر طبيعيّاً، إذ لا توجد مشكلة كبرى عندهم بين الفريقين تستدعي عدم المصاهرة، ولهذا فقد ألّف غير واحدٍ منهم ـ لاسيما في الفترة المتأخّرة ـ كتباً مستقلّة جمعوا فيها أشكال المصاهرات التي وقعت بين أهل البيت (بالمعنى العام) وبين الخلفاء في العصور المختلفة، وبلغوا بها عشرات المصاهرات. وبعض الكتب التي ألّفها باحثون من أهل السنّة حول موضوع العلاقة بين أهل البيت والأصحاب، خصّصوا فصلاً منها مستقلاً لهذه القضيّة (المصاهرات) بشكل واضح. وكلّ متابع لهذه الأمور يمكنه الاطّلاع على عدد من الكتب في هذا المجال، لاسيما في الفترة المتأخّرة، وقد أضافوا إلى ذلك موضوع تسمية أهل البيت أولادهم بأسماء الخلفاء والأشخاص الذين عرفوا ـ شيعيّاً ـ بالعداء لأهل البيت عليهم السلام.
أمّا الشيعة الإماميّة، فقد طرحت هذه المسألة في كتبهم منذ الشيخ المفيد (413هـ) الذي تعرّض لهذا الموضوع في بعض كتبه، وهناك توجّهات متعدّدة لديهم في تفسير أو فهم هذه الظاهرة، وأوجز لكم أبرزها، بعيداً عن الترجيح بينها:
الاتجاه الأوّل: وهو الاتجاه الذي يقبل بوجود هذه المصاهرات وتعدّدها، لكنّه يفسّر أغلبها أو ربما جميعها بأنّه وقع على نحو التقيّة، حيث إنّ الإمام عليّاً عليه السلام وأهل بيته قد عاشوا في (وبعد) عصر الخلفاء الأوائل فترة تقيّة، فلهذا كانوا مضطرّين لمثل هذه المصاهرات، إمّا لدفع المشاكل عنهم إن لم يعطوا الرجل الخاطب هذه البنت أو تلك، أو لكون المصاهرات في العرف القبلي والعربي موجبةً للحدّ من ضغوطات الآخرين على أهل البيت، أو بهدف التأثير على الآخرين لإصلاحهم نتيجة المصاهرة وفتح العلاقة العائليّة معهم، فزواج أهل البيت وأولادهم من الطرف الآخر كان خطوةً تهدف للحدّ من الممارسات السلبيّة للآخرين عليهم أو لفكّ عزلتهم عن المجتمع.
ويعدّ هذا الاتجاه مشهوراً بين الكثير من العلماء والباحثين في تفسير هذه الظاهرة، فكما أنّ بعض زيجات النبي محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فسّرت بنحو سياسي أو قبلي، وقد أقرّ الكثير من علماء وباحثي السيرة النبويّة بمثل هذه التفاسير وهم يقومون بالجواب عن إشكاليّات المستشرقين بخصوص شخصيّة النبي وحبّه الجنسي للنساء وابتلائه بالشهوة وغير ذلك من التهم.. كذلك الحال في مثل هذه الزيجات التي أقدم عليها أهل البيت وأبناؤهم، فليس المراد هنا من التقيّة مجرّد الخوف من أنّهم لو لم يعطوا البنت للشاب فسوف يتعرّضون لمشاكل، بل هناك وجه آخر للتقيّة أيضاً، وهو السعي لتخفيف الضغوط عنهم من خلال المصاهرات، أو بنحو التقية المداراتية التي تحاول أن توحي للآخرين بأنّ صلة أهل البيت بهم جيدة، ويكون في ذلك مصالح عليا للجماعة الشيعيّة.
والذي يدفع لهذا التفسير هو إجراء مقاربات واسعة بين نصوص ومواقف أهل البيت من الخلفاء ومعاونيهم، فإنّ هذه المقاربات لا تسمح لنا بتفسير هذه المصاهرات على أنّها وضع طبيعي؛ إذ لا ينسجم ذلك مع سائر النصوص والمواقف التي نعرفها عن أهل البيت النبويّ، فلابدّ من الذهاب خلف تفسيرٍ آخر للحدث، وليس إلا التقية بمعناها الواسع.
الاتجاه الثاني: وهو اتجاه أقلّ حضوراً في الوسط الشيعي من الاتجاه الأوّل، ولكنّه أخذ ينمو في الفترة الأخيرة في وسط الباحثين، رغم أنّ بعض مفرداته قديمة ترجع للقرون الأولى. ويرى هذا الاتجاه أنّه يجب علينا إعادة النظر من جديد في أصل وجود هذه المصاهرات، فهل هناك معطيات تاريخية مؤكّدة تحسم لنا وجود هذه المصاهرات بين الأسرة النبويّة وأسر الخلفاء ومعاونيهم أم لا؟ وفي هذا السياق قام هؤلاء العلماء والباحثون بالتشكيك في أكثر هذه المصاهرات وربما جميعها، ولهم بعض الكتابات المتفرّقة في ذلك، كما فيما كتبه العلامة السيد جعفر مرتضى والشيخ نجم الدين الطبسي وغيرهما، وهناك اتجاه اليوم إلى إعادة النظر في الوثائق التاريخية التي تثبت هذه المصاهرات. ويقول هؤلاء الباحثون بأنّ إعادة النظر في هذا الموضوع كشفت لنا عن وجود فرص كبيرة للتشكيك في أصل وقوع هذه المصاهرات، وأنّها لو وقعت فقد كانت محدودة للغاية، وليست بالشكل الذي يُثار من أنّها ترجع إلى عشرات الزيجات كما هو المعروف.
ويعدّ أحد مستندات التشكيك في هذه المصاهرات دراسة مصادرها، فقد غلب على مصادرها أنّها كانت سنيّة أو غير شيعيّة، وهذا ما يفسح بالمجال لاحتمال كونها موضوعة مكذوبة خصوصاً بعد وجود تعارض فيما بينها؛ لادّعاء أنّ أهل البيت كانوا راضين عن مسيرة الخلفاء ومعاونيهم ورجالاتهم. نعم يقرّ هؤلاء الباحثون بأنّ بعض هذه الروايات كان موجوداً في المصادر الشيعيّة بما فيها كتاب الكافي للشيخ الكليني والإرشاد للشيخ المفيد، ولكنّهم يقولون بأنّ هذا البعض القليل يمكن النقاش فيه من حيث السند أو من حيث تضارب المعطيات الموجودة بين المنقولات التاريخية أو غير ذلك، إضافة إلى ضرورة الإقرار بأنّ بعض الروايات السنيّة قد نفذت للكتب الحديثية والتاريخية الشيعيّة.
ويمكنني القول بانّ الاتجاه الأوّل والثاني يشكلان معاً اتجاهاً كبيراً، يناقش في بعض المصاهرات تاريخياً، وله في تفسير ما ثبت منها رأي ووجهة نظر، وإنّما فصلتُهُما لمزيد توضيح لطبيعة العمل.
الاتجاه الثالث: وهو اتجاه يحظى بعدد أقلّ من المناصرين، لكنّه بدأ ينشط في الفترة الأخيرة أيضاً في بعض الأوساط المحسوبة على ما يسمّى بالتيارات النقدية أو الإصلاحيّة في الفكر الشيعي. إنّ هؤلاء يطرحون في هذه القضيّة مقولات قلّما طرحت في الوسطالإمامي من قبل، ومن أهمّ هذه المقولات وأبرزها القول بأنّ الإمام علي بن أبي طالب كان هو الأحقّ بالخلافة، وأنّ ما فعله بعض الصحابة في سقيفة بني ساعدة من تهميش علي وآلهاشم لم يكن مناسباً، وأنّه قد تمّ الاستعجال في هذا الأمر من قبل بعض الصحابة، ومخالفة أوامر النبيّ فيما قرّره عن الله تعالى في تسمية الخليفة بعده، لكنّ الذي حصل أنّ فترة الأشهر الأولى سادتها علاقات متوتّرة بين آل عليّ وكثير من الصحابة، لا سيّما منهم كلّ من أبي بكر وعمر، وأنّ الإمام عليّاً لمّايئس من الوصول إلى الخلافة، ولم يعد يرى جدوى من التنازع فيها؛ لأنّ ظروف الواقع قد حُسمت تقريباً، فإنّه لم يمارس التقية ولا عاش الخوف، وإنّما اعتبر أنّ هذا من الأمور التي لم يعد يمكن تحقيقها، فتعامل مع سياسة الأمر الواقع، واندمج مع المناخ الإسلامي العام، وكان طيلة الخمس والعشرين سنة منسجماً معالخلفاء الثلاثة الأوائل، رغم ملاحظاته هنا وهناك على بعض السياسات والمواقف، ولهذا وقعت هذه المصاهرات؛ لأنّ عليّاً لم يعد يرى أنّ موضوع الخلافة موضوع ممكن، ولا معنى لإعادة تنشيطه في الحياة الإسلاميّة من جديد، وأنّ المصالح العليا للمسلمين تظلّ مقدّمةً على هذا الموضوع الذي لا توجد آفاق للتنازع فيه، وأنّه من الأخطاء التي وقعت وانتهى مجال الحديث عنها. وهذا أيضاً ما يفسّر ـ من وجهة نظر هذا الاتجاه ـ العلاقات الطيّبة بينه وبين سائر الصحابة قبل تولّيه الخلافة، وأنّ الخلفاء الأوائل كانوا يرجعون إليه ويشير عليهم بالأمور في قضايا الحرب وغيرها، ويحتكمون قضائيّاً عنده ويرضون بحكمه، وغير ذلك ممّا ورد من نصوص تتعلّق بقضاء عليّ ورضا الخلفاء بهذا القضاء عدّة مرات. ومن أبرز شخصيّات هذا الاتجاه اليوم الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني، أحد تلامذة السيد البروجردي، والأمين العام السابق للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب في إيران.
ويعتقد بعض هذا الفريق أنّ هناك جانبين في الإمامة التي منحت لأهل البيت النبوي: جانب سياسيّ، وهو الخلافة بعد الرسول، ويعبّر عنها حديث الغدير، وجانب علمي ديني يتمثل في مرجعيّتهم الدينية لأخذ سنّة النبي بشكل مضمون، ويعبّر عنهاحديث الثقلين، ويرى هؤلاء أنّ المطلوب من الشيعةاليوم تنشيط حديث الثقلين، وأنّ حديث الغدير لم يعد أمراً مهماً؛ كونه حدثاً تاريخيّاً قد مضى، ولا داعي لتصارع المسلمين حوله، وأنّ ما يعنينا اليوم كمسلمينهو الرجوع إلى أهل البيت في أخذ معالم الدين؛ لأنّ أهل السنّة وإن كانوايحبّون أهل البيت، لكن ندر أن تجد عندهم حضوراً مرجعيّاً لأهل البيت في كتب الحديث والفقه وغيرهما.
ويرى فريق آخر في الوسط الشيعي النقدي أنّ الشيعة ضخّموا عبر التاريخ من فكرة الإمامة، كما ضخّم السنّة فكرةَ الصحابة، وأضفى الطرفان على هؤلاء قداسةً استثنائية، وكلّما قمنا بتبسيط فكرة الإمامة والصحبة صرنا أكثر عقلانيّةً في تفسير أحداث التاريخ، بعيداً عن الأيديولوجيّات، فعندما تكونالإمامة السياسية بهدف رعاية مصالح المسلمين، ثم لا تحصل ولو عبر الخطأ أو العصيان الذي ارتكبه مسلمٌ أو صحابيٌّ ما، فهذا لا يعني إقفال دار الإسلام، والانشغالبالصراع مع هذا الفريق، بل المطلوب هو السعي للاندماج والتعاون، تماماً كما نرى اليومحكّاماً يرتكبون أخطاء لكن يمكن التعاون معهم عندما تكون لهم حسنات مشهودة، لاسيما بعد أن رأى الإمام علي أنّ سياسة الخلفاء لم تكن بالغة الانحراف جدّاً، كما حصل في العصر الأموي. والذي يعزّز هذا الأمر عند هذا الفريق أنّه قلّما نجد نصوصاً علويّة عنيفة في حقّ الخلفاء الأوائل ـ لو استثنينا كتاب سليم بن قيس الهلالي المشكوك في أمره عندهم، تارةً من حيث التشكيك في صحّة نسبة هذا الكتاب الذي بين أيدينا إليه كما مال إليه مثل السيد الخوئي، وأخرى من حيث التشكيك في أصل وجود شخصيّة اسمها سُليم بن قيس في التاريخ، كما ذهب إليه مثل الدكتور عبدالمهدي الجلالي ـ وأنّ النصوص العنيفة تبدأ تظهر في بدايات القرن الثاني الهجري، وهي الفترة التي عرفت باحتدام الصراع المذهبي بين المسلمين فيها، وتحوّل الأحزاب السياسية إلى مذاهب عقديّة دينيّة بامتياز.
هذه خلاصة عن المشهد، وأمّأ الخروج بنتائج نهائيّة فيحتاج لمناسبة أخرى.
عرض جميل و مختصر شيخنا ويحتاج اﻻمر لمعرفة النتائج النهائيه و باقرب فرصه ممكنه
نريد نتجتك النهائية شيخنا ارجوك
هنالك أخطا كبيرة وان كانت قليلة منها تنصيب الخلفاء لبعض الولاة غير المحبين للإسلام والفتوحات الاسلامية التي نعاني منها اليوم من أشكال وغيرها قليلة ولكن تأثيرها كبير
هذا كله كلام مو صحيح وعمر المصاهرات والتسامي مااضفت شرعية. ولو كان كذلك لاضفى زواج آسيا من فرعون شرعيته في الحكم . واغلب المصاهرات التي ينبش بها اهل السنة لاثبات شرعية من سرقوا الخلافة وهموا بما لم ينالوا مشبوهة. اهل السنة انفسهم يختلفون بها مثل من هي ام كلثوم تحديدا التي تزوجها عمر.