• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
267 كيف نوفّق بين رأيكم في الحبّ العذري وممازحة النساء وبين قوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا)؟!  2015-02-18 0 4359

كيف نوفّق بين رأيكم في الحبّ العذري وممازحة النساء وبين قوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا)؟! 

السؤال: 1 ـ كيف نوفّق بين بحثكم في الحبّ العذري ومفاكهة النساء الأجانب، وبين قوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا)؟ ألا تعدّ هذه الأمور وأمثالها مما يدخل في نطاق القرب من الزنا؟ وتحيّة لجهودكم العظيمة وسعيكم الدائم في طلب الحقيقة.

2 ـ هل أفهم من كلامك في مقالة العلاقات العاطفيّة أنك تريد أن تتعامل الأسر الشيعيّة مع شبابها الواقع في أحاسيس العاطفة والحبّ بالاهتمام بهذا الشعور، وذلك من خلال ترك النظرة السلبيّة للزواج المؤقّت، والعمل على تسهيل سبيل العمل به، ليتمّ إشباع هذا الشعور لدى الشابّ والشابّة، أو أنّك ترى أيضاً تسهيل العلاقة العاطفيّة بين الشاب والشابة وفق ضوابط ودون الحاجة إلى زواج مؤقّت أصلاً؟ وشكراً (محمد صادق).

الجواب: بعد شكركم على ملاحظتكم الكريمة، يمكنني القول بأنّ النهي عن الاقتراب من الزنا يحتمل معنيين:

المعنى الأوّل: إنّه نهيٌ عن الزنا نفسه، إذ النهي عن الشيء بصيغة النهي عن الاقتراب منه يكون آكد ـ في لغة العرب وفي اللغة العرفيّة أيضاً ـ في التحريم والمنع، مثل النهي عن الاقتراب من مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن (الأنعام: 152، والإسراء: 34)، والنهي عن اقتراب المشركين من المسجد الحرام (التوبة: 28)، والنهي عن الاقتراب من الفواحش ما ظهر منها وما بطن (الأنعام: 151)، والنهي عن الاقتراب من الصلاة حال السكر (النساء: 43). ومن هذا الباب الأمر باجتناب الشيء، فهو تعبير بليغ أكثرَ تأكيداً من تحريمه، كما ورد في تحريم الخمر بصيغة: (.. فاجتنبوه..) (المائدة: 90)، فأنت عندما تريد أن تبالغ في تحريم الشيء ونهي الآخر عنه تقول ـ بدل: اترك التدخين ـ: لا تقرب التدخين، وتريد بذلك نهيه عنه وحثه على الابتعاد عنه نفسه، ولهذا ألمح غير واحدٍ من الفقهاء والمفسّرين في مثل هذا التركيب إلى أنّ النهي عن الاقتراب من الزنى أو غيره مبالغة في النهي عن الشيء نفسه، وليس المحرّم هو الاقتراب، بل المحرّم هو نفس الفعل الذي هو الزنا أو دخولهم المسجد الحرام أو أكل مال اليتيم ظلماً وعدواناً أو فعل الفواحش. وبناء على هذا الفهم للنهي عن الاقتراب من الشيء، لا يكون في هذه الآية ما يشير إلى موضوع بحثنا؛ فإنّ المحادثة بين الرجال والنساء والممازحة والعلاقات العاطفيّة العفيفة مهما كانت ليست زنى بالمعنى الشرعي عند فقهاء المسلمين.

المعنى الثاني: أن يكون النهي عن الاقتراب من الزنى تعبيراً آخر عن دعوة الإنسان لكي يتجنّب كلّ شيء يفضي دائماً أو غالباً وفي العادة إلى الزنا، بحيث يصبح الإنسان معه على قاب قوسين من وقوعه في هذه الفاحشة، أو هو نهيٌ عن الاقتراب من المراتب الضعيفة لتنشيط الغريزة وتحقيق الاتصال الجنسي بين الرجل والمرأة، مثل النظر الشهويّ المحرّم أو اللمس بشهوة أو التحادث بشهوة أو نحو ذلك، فهذا قد يصدق عليه أنّه اقتراب من دائرة الزنى مثلاً.

وبناءً على هذا التفسير نسأل: هل مجرّد المرور في الطريق بجانب امرأةٍ يصدق عليه أنّه اقترابٌ من الزنى في النظر العرفي والعقلائي؟ بالتأكيد لا (إلا عند شخصٍ يعاني مرضاً أو عقدة جنسيّة معيّنة أو يعيش في مجتمع مغلق للغاية بحيث تكون رؤية امرأة بالنسبة إليه ـ ولو كانت ساترةً لبدنها ـ بمثابة رؤية فيلم إباحي! ومثل هذا الشخص له حكمه الخاصّ)، ولا أظنّ أحداً يقبل كون مثل ذلك مشمولاً لقوله تعالى: (ولا تقربوا الزنى) (الإسراء: 32). كما أنّ ارتباط الإنسان بمحارمه في البيت ليس اقتراباً من الزنى، رغم أنّ زنى المحارم أمرٌ موجود بالفعل؛ لأنّ العرف والعقلاء لا يقولون بأنّ هذا النوع من الارتباط يفضي في الغالب إلى الزنى وإن أفضى أحياناً نادرة. وكذلك الحال في نفس محادثة الرجل والمرأة مع عدم المفاكهة والممازحة، فإنّ هذا لا يقول أحد بأنّه اقترابٌ من الزنى.

إنّ مسألة القرب من الزنى إمّا أن نفهمها على أنّها تعبير آخر عن النهي عن الزنى نفسه، أو نفهمها على أنّها تعبير عن تجنّب كلّ شيء يفضي غالباً أو دائماً إلى الزنى نفسه، بحيث يكون الإنسان معه على شُرُف الوقوع في الفاحشة، لأنّ (تقربوا) معناها العرفي هو أنكم تصبحون على مقرُبةٍ منه، وهنا نسأل: هل غالباً وعادةً ـ وأتوقّف عند كلمة غالباً وعادةً ـ تفضي المحادثة بين الرجل والمرأة عبر التلفون أو وسائل الاتصال الحديثة أو الممازحة التي لا تحتوي أيّ شيء مثير بطبعه، ولا يكون في تعاطي الطرفين مثيرات جنسيّة أو ترقيق صوت أو تلميحات أو ما شابه ذلك، بل تكون العلاقة ملؤها الاتزان والانضباط في المسائل الأخلاقيّة.. هل في هذه الحالات يكون ذلك موجباً غالباً أو دائماً للزنى؟! وهل يفهم العرف والعقلاء أنّ هذا اقتراب من الزنى بحيث صار الإنسان قريباً منه؟! وهل أنّ حبّ شاب لفتاة حُبّاً عذريّاً يقوم على الاحترام والتعبير الأخلاقي عن المشاعر مع الأخذ بعين الاعتبار سائر الخصوصيّات الشرعيّة هو اقترابٌ من الزنا حقّاً أو هو مجرّد توجّسنا وخوفنا من أنّ تجويز ذلك قد يستغلّه الشباب لتبرير اقترابهم من المعصية (وفرق بين الأمرين، فأرجو التنبّه)؟! لو كان كذلك للزم تحريم الاختلاط مطلقاً، وللزم تحريم الخلوة بالأجنبيّة مطلقاً، مع أنّ جمهور الفقهاء على التجويز في المسألتين، لا سيما عند الشيعة، والسبب هو أنّه لا أحد يفهم من النهي عن الاقتراب من الزنى فكرة قطع العلاقات كليّاً بين الرجال والنساء والفصل التام بينهما، ولو كان هذا مطلوباً فلماذا حرّم القرآن على النساء الخضوع بالقول؟ بل كان يجدر تحريم أصل الكلام بين الرجل والمرأة إلا عند الحاجة والضرورة، وكان ينبغي تحريم نفس المحادثة بينهما ولو من وراء حجاب، خلافاً لما جوّزه القرآن الكريم لنساء النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.

إنّ فرض المسألة التي ذهبنا فيها للقول بالجواز هو أنّ هذه المحادثات المباشرة أو عبر الوسائل الحديثة أو هذه الممازحات أو هذه العلاقات العاطفيّة قد انضبطت لمختلف أشكال الانضباط الشرعي، بحيث تمّت مراعاة الضوابط الشرعيّة الأخرى، وفي هذه الحال كم هي النسبة المئويّة من هذه المحادثات أو.. التي تفضي إلى الزنى في الخارج؟ إنّها لو كانت لا تزيد عن واحد بالمائة مثلاً، فليس الأمر دائميّاً ولا غالبياً ولا عادياً حتى يفهم العرف والعقلاء منه أنّ كلّ محادثة أو ممازحة أو مودّة هي اقترابٌ من الزنى، بل على الإنسان أن يكون على نفسه ناظراً بصيراً، فإن لاحظ أو لاحظت أنّ هذه العلاقة بهذه الطريقة مع هذه الفتاة أو هذا الشاب تدفعهما للاقتراب من الزنى أو نحوه، فعليهما التجنّب فوراً ويلزمهما الترك، وإلا ـ كما هو الغالب عند مراعاة سائر الضوابط الشرعيّة ـ فلا موجب للتحريم في هذا المجال، والعلم عند الله. وبهذا يتبيّن أنّنا لا نربط الموضوع بمسألة العقد المنقطع، وإن كان انتهاج سبيل من هذا النوع لضمان عدم حصول شيء غير شرعي هو أمر جيّد، مع ضرورة أن لا تكون هناك نتائج سلبيّة قد تقع نتيجة العقد المنقطع، وقد أشرتُ لذلك في مقالتي حول العلاقات العاطفيّة.

نعم، من لا يصدّق بوجود حُبّ عذري أساساً ـ كما جاء في (استفتاءات السيّد السيستاني: 265) من توصيف الحبّ العذري والحبّ العفيف بأنّهما أوهام وخيالات، حسب تعبيره ـ فهذا مختلف معنا في مصداق القضيّة، وهو تشخيص صغروي وليس فتوى أو استنباط من نصوص، وهذا شيءٌ آخر، ونحن لا ندّعي أنّ الغالب في الحبّ بين الشباب والفتيات اليوم هو الحبّ العذري، بل نقول بأنّه قليل، أمّا أنّه أوهام وخيالات فلا يبدو لي هذا التوصيف صحيحاً على إطلاقه، بل الصحيح هو ما أجاب به السيد محمد حسين فضل الله في مواضع متعدّدة من أنّ الحبّ بين الشابّ والفتاة وكذا المحادثة ولو عبر وسائل التواصل الحديثة صحيح وجائز، شرط الخضوع للضوابط الشرعيّة الحاسمة، وإن كان لا ينصح بذلك حسب رأيه رحمه الله. وكلامنا كلّه في العنوان الأوّلي على مستوى الجواز والحرمة لا الوجوب أو الاستحباب. كما أنّ حصول الحرام أحياناً نتيجة بعض العلاقات كحصول الشهوة هنا وهناك، لا يوجب تحريم أصل الموضوع، بل يوجب التقييد فقط، فإنّ خروج الإنسان من بيته إلى الشارع يغلب فيه عند كثيرين أن يقع معه في نظرة محرّمة، وخروج المرأة يوجب وقوع الآخرين في نظرة محرّمة، فراجع نفسك لتدرك كم هي النسبة وأنّها ليست بالقليلة بين الناس؟ ومع ذلك لم يحكم الفقهاء بحرمة الخروج لا للرجل ولا للمرأة، بل أجازوه مبيّنين عدم جواز فعل كذا وكذا من المحرّمات أثناءه.

نعم، هناك شيء مهم جدّاً في إدارة مثل هذه الموضوعات، وهي عدم الخلط بين الجانب الشرعي والجانب التوجيهي والتحذيري والإرشادي، فليس لنا تحريم ما أحلّ الله لمجرّد أنّنا نخاف أن لو حلّلنا أن يُستغلّ التحليلُ سوءَ استغلال، فالقرآن الكريم قد استخدم متشابهاته ذوو الأغراض السيّئة، ونجح كثير منهم في ذلك، وكانت بعض نصوصه موجبةً ـ بتصريحه هو نفسه ـ لضلال بعض الناس؛ بسبب سوء صنيعهم وتعاملهم، فالوظيفة هنا تقوم على مزدوج:

1 ـ بيان الموقف الشرعي بكلّ وضوح، وعدم تحريم ما أحلّ الله عندما يثبت لنا أنّه قد أحلّه الله.

2 ـ إرفاق البيانات الشرعيّة الترخيصيّة هذه بسلسلة من التوجيهات الدائمة والتحذيرات التربوية والأخلاقيّة التي تحاول أن تحمي الشباب والفتيات من خطر أنفسهم باستغلال الحلال الشرعي للوصول إلى الحرام وهم لا يشعرون أحياناً، وإعادة تذكيرهم دوماً بأنّ هذا الحلال مشروطٌ بشروط شرعيّة عليهم التنبّه لها. وتأكيد تربيتهم على أنّ الدين والتديّن ليسا الحلال والحرام فقط، بل هما مساحة واسعة من التوجيهات والالتزامات التربوية والأخلاقيّة والاجتماعية ولو لم تبلغ حدّ الإلزام القانوني، لكنّها جزء من البرنامج الإلهي لصناعة المجتمع الصالح والفرد الصالح.

والمهمّة في الخطاب الأوّل فقهية قانونيّة، بينما هي في الخطاب الثاني توجيهيّة تربوية وفقهية معاً، وعندما يترافق الخطابان دوماً لتمثيل خطابنا الديني العام، فسيكون أداء المفهوم الديني المتصل بهذه القضية أكثر صحّة وسلامة، فلا نكون قد تورّطنا في تحليل الحرام بسبب مخاوف ذاتية عندنا، ولا تورّطنا في تسهيل أمر الحرام للآخرين، بل ساعدناهم على توظيف الحلال بطريقة سليمة وصحيحة ويَقِظَة، فهذا قد يقترب من مثال حثّنا الناس على الزواج مع علمنا بأنّ تسعة وتسعين بالمائة من المتزوّجين يرتكبون الحرام الشرعي في علاقاتهم مع بعضهم، فهل هذا يدعونا للتوقّف عن حثهم على الزواج أم يدعونا لحثّهم وإرفاق هذا الحثّ بالتوجيهات اللازمة التي تضمن أقلّ قدر ممكن من النتائج السلبيّة الناتجة عن سوء تطبيقهم لهذه السنّة الإلهيّة الحسنة؟ هذه هي قناعتي الشخصيّة المتواضعة في هذا الموضوع وفي كثير من أمثاله، والعلم عنده سبحانه.

وأمّا ما جاء في السؤال الثاني أعلاه، فإنّني شجّعت في مقالتي المشار إليها على أن تتفهّم الأسر المسلمة هذا الحبّ بين الشباب والفتيات، وتسعى لخلق جوّ مناسب ـ لاسيما حيث لا يمكن مواجهة الظاهرة في الخارج كليّاً ـ لضمان شرعيّة هذه العلاقة وصحّتها وسلامتها الأخلاقيّة، بأيّ طريقة ممكنة ومشروعة.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36631112       عدد زيارات اليوم : 10275