• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
68 كيف نوفّق بين جرأة الطرح ومراعاة الواقع والساحة؟ 2014-05-12 0 2459

كيف نوفّق بين جرأة الطرح ومراعاة الواقع والساحة؟

السؤال: من خلال تجربتك النقديّة، ما هو المبدأ المقتنع به في التوفيق بين جرأة الطرح وبين التردّد في مخالفة المشهور، وبين إرضاء الساحة من العلماء وسائر الناس؟ (عبدالله المحمّدي).

 

الجواب: لقد تكلّمنا في هذه الموضوعات كثيراً، لكنّ مع ذلك يمكن القول: إرضاء الساحة من العلماء والناس ليس معياراً قطّ، ما لم يبلغ الأمر حدّ الضرورة والعذر الشرعي، لا حدّ الجبن والخوف اللذين امتلكا أعداداً وأسراباً من الباحثين والعلماء والكتّاب والناقدين اليوم. بل المعيار هو مبدأ الشجاعة المسؤولة والإرادة الواعية في بيان ما هو الحقّ من وجهة نظرك من جهة، ومبدأ الغائيّة الذي يعني أنّ بيان الحقّ يجب أن تكون غايته خدمة الحقّ ولو على المدى البعيد من جهة أخرى، وليس خدمة الحقّ على المدى القريب، إذ أغلب تجارب المصلحين والنقّاد عبر التاريخ كان بيانهم للحقّ مضرّاً بالحقّ على المدى القريب، لكنّ مرور الزمن جعل ما قالوه فرصةً تاريخية للتغيير، ولو أنّهم ظلّوا ساكتين لما جاءت تلك الفرص ولو للأجيال القادمة.

المعيار هو أن تحمل همّ الحقّ وتقدّمه على همّ رضا الناس والمؤسّسات العلميّة والاجتماعية والسلطوية، وفي الوقت عينه يدفعك همّ الحقّ لخدمته، فليس إبراز ما تعرف هو قيمة مطلقة، وإنّما ذاك الإبراز المفضي إلى خدمة الشيء الذي تعرفه في أفقٍ منظور ولو لم يكن قريباً. وليس أصلُ وجود ردود من أفعال الناس ولا تسبّبُ فكرك بجدلٍ بأمورٍ توقف عن بيان الحقّ الذي تراه، إذ ما من حقّ عبر تاريخ الأنبياء والأوصياء والأولياء والصالحين والعلماء والمفكّرين إلا وأوقع جدلاً وانقساماً، فهذه سنّة الله في التاريخ والاجتماع، وأولئك الذين يريدون منّا التغيير الصامت ما قدّموا يوماً شاهداً على نجاح هذه الطريقة في تاريخ الشعوب والأمم والأفكار، ولو كان الصمت طريقاً لكان في حالاتٍ نادرة جدّاً. وكثيرون يريدون أن يغيّروا لكنّهم يتذرّعون بهذه الذرائع خوفاً تارةً في لاوعيهم، وعدم اقتناع ـ أخرى ـ بفكرهم التغييري اقتناعاً حقيقيّاً، وعيشهم ـ ثالثة ـ الهواجس من الجديد، فقط هواجس، وكأنّه يمكن تقديم ضمانات قطعيّة لحصول تغيير مجتمعي دون أضرار.. كلامٌ مثالي يعيشه الكثير من الناس. والغريب أنّ بعض الناس يدّعون أنّهم يؤمنون بخطّ النقد والتغيير، لكنّ أعمالهم العلميّة والثقافية كلّها تقريباً تقع في سياق نقد الناقدين والتغييريين (ولا يثير حفيظتهم إلا أعمال هؤلاء)، دون المساس بالوضع التقليدي القائم، إلا في الأمور التي صارت واضحة عند أغلب الناس! وهؤلاء نصيحتي الأخوية لهم أن يراجعوا حساباتهم، ولا أراهم قلّةً بل هم كثرة، وأتفهّم خوفهم من بعض مظاهر النقد المخلّ، لكنّ هذا لا يعني أن يتخندقوا في مقابل حركة النقد والتغيير، وإلى جانب تيار التكريس والتقليد.

الطريقة هي أن تلقي بما تراه حقّاً بشكل تدريجي، إلى لحظة تكون الفرصة مؤاتية لحسم الأمور، وكثيراً ما واجهت الأجواء الدينية أموراً جديدة فحرّمتها وحاربتها بشدّة، ثم بعد عقد أو عقدين من الزمان تحوّلت هذه الأمور إلى جزء من أدبيات ونمط عيش الذين حاربوها (وهنا أقترح أن يقوم بعض الباحثين بدراسة يرصد فيها عند المذاهب ومنذ القرن التاسع عشر وإلى يومنا هذا مسار الأمور التي واجهها التديّن ورفضها في البداية، ثم قبلها وافتخر بها بعد ذلك، وسيرى أنّ الشواهد كثيرة تستحقّ الوقوف عندها)، فأن تحاربك القوى القائمة شيء طبيعي لكنّ نهوضك يمكن أن يجعلها تقبل بما تقول ولو بعد عقدين أو ثلاثة، والسبب هو أنّ الحرب كانت غير واعية وغير مدروسة بشكل جادّ، بل شوهدت الأمور من زاوية واحدة فقط، والسبب هو أنّنا نتحرّك دائماً بمنطق الهواجس، ونريد من أيّ فكر جديد أن يكون مثاليّاً للغاية لا يحوي أيّ نقطة ضعف، ويقدّم لنا تطمينات، وكأنّ المفكّرين الجدد رسل السماء على الأرض لا يخطؤون ولا تكون أعمالهم ناقصة. ولأننا نعجز عن مواجهة الجديد القادم من الغرب والشرق أو من داخلنا نقوم بتحريمه ومنع الناس من الاقتراب منه؛ لأننا لا يمكننا مواجهته ـ بخلق بدائل ـ لو أطلقنا سراحه، فالعجز هو الذي يقف خلف الكثير من الرفض والحجر (وليس كلّ رفض)، أكثر من الوعي والبصيرة والرؤية.

لكنّ الجرأة والغائيّة والحقّ أمور لا تعني تصفية حسابات، ولا تعني التخلّي عن الأخلاق والقيم في طرح الأفكار وخوض الحوارات العلميّة، وليست مبرّراً للتفلّت من ضوابط البحث العلمي ومعايير النقد العلمي السليم، فكثيراً ما نخرج عن أخلاقيّة الطرح وعلميّته ومهنيّته وأدبيّاته، بحجّة أنّنا ننتقد، فكونك ناقداً لا يسقط المحرّمات، ولا يجعلها واجباتٍ أو رُخص، وكونك ناقداً لا يعني أنّك بتّ تملك حصانةً إزاء الاعتداء على الآخرين أو خسّة النفس في التعامل معهم، وكونك ناقداً لا يعني النرجسيّة وجنون العظمة وتعملق الذات والتطهّر أمام الناس ورمي المجتمع بألوان اللعن والقذارة والوضاعة. النقد مهنة شريفة، فلا نعتدي على شرفها، ولا نلطّخ قداستها الرمزية بالأنا والذاتيّة والعنف غير المبرّر وتصفية الحسابات وتحقير الآخرين وإهانة المجتمع الذي أولدنا وكنّا وما نزال وسنبقى جزءاً منه، لا نتنكّر له، ولا نرمي به خلف ظهورنا، فهو أصلنا وبيئتنا وناسنا وشعبنا ومن نمارس النقد لأجله.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36696547       عدد زيارات اليوم : 20449