السؤال: كيف تُفهم مقولة السيّد الخميني الراحل بتحريم مخالفة الفقه التقليدي والتمسّك بالفقه الجواهري، وفي نفس الوقت أكّد على عنصر الزمان والمكان في الفقه، وردّ على الشيخ قديري ردّاً قويّاً يُفهم منه بأنّ الفقه الحالي لا يمكن أن يفيد في إقامة دولةٍ وإدارتها؟ أرجو التوضيح.
الجواب: في تقديري، يمكن الجمع بين طروحات الإمام الخميني هنا، من خلال أنّ المقصود بالفقه الجواهري ليس حرفيّة الفقه التقليدي بحسب تعبيركم، وإنّما الفقه الدقيق المستوعب القائم على الشموليّة والدقّة وعدم التساهل، في مقابل الفقه السطحي الذي لا يقوم على أسس علميّة دقيقة، بل يريد تخطّي كلّ هذا المنجز الفقهي بعمقه وسعته من خلال أفكار جديدة مستعجلة لا تحظى بحقّها المطلوب من البرهنة والتدقيق، ومن هنا فنقد الإمام الخميني الذي جاء في رسالته المشهورة للشيخ القديري ـ رحمه الله ـ يهدف إلى تعميق الفقه الجواهري، بواسطة أخذ معايير جديدة فيه مثل معايير الضرر النوعي، والمصالح العامّة و.. فالإمام الخميني ـ في تفسيرٍ لعلّه يكون الأرجح لنظريّته في الزمان والمكان ـ يرى أنّ الاجتهاد اليوم قد لا تكمن مشكلته في البُنية الاستدلاليّة، والتي هي بُنية الفقه الجواهري، بل مشكلته في أنّ تغيّر الموضوعات الذي يتبعه تغيّر الأحكام، لم يعد يمكن اكتشافه بنظرة بدويّة سطحيّة، بل ما قد يبدو لك أنّه استقرارٌ في موضوع الحكم وثبات، هو في واقع أمره ـ لمن كان خبيراً بتعقيدات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعيّة اليوم ـ تغيّرٌ في الموضوع، يستدعي تغيّراً في الحكم، فنقده في رسالته للقديري لعلّه يصبّ في هذا الإطار أيضاً، إلى جانب غياب فقه الولاية والدولة والأولويات عن الاجتهاد الشيعي في العادة، غاية الأمر أنّ هذا الإطار يحتاج إلى مقاربة توضيحيّة معمّقة وفقاً لأصول الفقه الجواهري وقواعده، بناءً على كون منهج الفقه الجواهري هو المنهج الصحيح.