السؤال: يطرح بعض الفلاسفة في مبحث الشرور ـ للردّ على بعض الإشكالات الواردة في هذا المقام ـ دليلاً يعتمد على كون الشرّ أمراً عدميّاً، ومن ثمّ يكون الشرّ ـ على حدّ قولهم ـ معدوماً، قد يقال بأنّ هذا الكلام غير مقنع، ما هي الصورة التي قدّمها القرآن الكريم والنصوص الدينية عن ظاهرة الشرور في العالم؟ (أحمد اللواتي، سلطنة عمان).
الجواب: الذي يظهر بمراجعة الكتاب الكريم، أنّ ما يسمّى بالشرّ يخضع لقانونين أساسيين بني عليهما نظام العالم، وهما:
القانون الأول: قانون العقاب والانتقام الإلهي، الناشئ عن استحقاق الطرف الآخر لذلك، وهذا واضح في الكثير من الآيات الكريمة، ممّا أنزله الله على الكثير من الأقوام والأشخاص جزاء أعمالهم، فكما أنّ من حقّ الله تعالى أن يعاقب في الآخرة، كذلك من حقّه العقاب في الدنيا..
الثاني: مفهوم البلاء والامتحان، فالدنيا ـ وفقاً لفلسفة القرآن الكريم ـ هي دار امتحان، قال تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون)، فالله تعالى يريد أن يرى صبر المؤمن وتحمّله المشاقّ ويجازيه على ردّة فعله، بل يريد أن يخضع الإنسان عموماً لمنطق الابتلاء والاختبار، فيوزّع الابتلاءات المتنوّعة على الناس بطريقة متنوّعة.. ومن الجليّ أنّ البلاء لا يختص بالشرّ، فقد يكون البلاء بالخير أيضاً، حيث قد يعطي الله البشر نعمه ابتلاءً.. والنصوص تدلّ على أنّ الإنسان يعطى المزيد من الثواب كلّما أبدى استعداداً أكبر وتحمّلاً أعظم، ليكون ذلك تعويضاً عن صبره وفقده.