السؤال: ذكر العلامة المامقاني أنّ ما كان يعدّ عند القدماء ـ وبالخصوص القميّين ـ من الغلو، فإنّه يعدّ اليوم من مسلّمات العقيدة. هنا يطرح سؤال وهو: هل العقيدة قابلة للزيادة والتغيّر؟ وهل يلتزم العلماء بذلك؟ أوليس هذا نوعاً من تعدّد القراءات المرفوض لدى التيار التقليدي؟ (محمّد عباس، من البحرين).
الجواب: وفقاً لأساسيات الفريق الذي وصفتموه بالتقليدي، فإنّ إشكالكم لا يرد عليهم؛ لأنّ غاية ما في الأمر أنّ المتقدّمين لم يكونوا يملكون الوعي الكافي بفهم الإمامة، وأنّ المتأخّرين وعوا ـ بعد تطوّرات الدرس الكلامي والفلسفي والعرفاني ـ الأحاديث الشريفة التي ظنّها المتقدّمون موضوعةً، وأدركوا صدقيّة محتواها بعد أن بُرهن عليها عقليّاً أو تمّ فهمها واستيعاب مقصدها بما لا يناقض القرآن والسنّة بحسب وجهة نظرهم، فهذه تخطئة وليست تصويباً، تماماً كبعض فتاوى المتقدّمين التي هجرها المتأخّرون، مثل منزوحات البئر في باب الطهارة، فليس هناك تعدّد قراءات مشرعنة من وجهة نظرهم، بل هناك تعدّد قراءات بينها واحدة فقط صحيحة، ومن ثمّ لا يوجد تناقض أو مفارقة في نظريتهم وفقاً لبناءاتهم المعرفيّة، وبهذا يفهم أنّ العقيدة يمكن حصول تطوّرات طوليّة (في العمق) في فهمها، كما أنّ التفاصيل العقديّة يمكن أن تكون قضايا اجتهادية تتعدّد فيها الآراء.