السؤال: هل يمكننا ـ بناءً على قصّة طالوت ونبيّ زمانه ـ أن نستدلّ على أنّ الزعامة الدينية لا تستلزم دائماً زعامةً سياسية، بل يمكن الفصل بينهما؟ (بهبهاني، الكويت).
الجواب: في تقديري يمكن ذلك بنحو الاحتمال القوي، فنبيّ زمانهم أخبرهم بأنّ الله جعل لطالوت الملك، ورغم توصيفه له بأنّ له بسطةً في العلم والجسم، إلا أنّه لم يصفه بالنبوّة، ممّا يعني أنّ السلطة يمكن أن تكون بيد من ليس بزعيم ديني أعلى، ولم تبيّن الآيات الكريمة أنّ علم طالوت كان في المجال الديني أم في المجال السياسي والحربي، فيصعب أن يستدلّ بها على مجال العلم الديني، لكن يبدو من آية ملكه وأنّه يأتيهم بالتابوت فيه سكينة من ربهم ونحو ذلك أنّه كان له نحو تأييد إلهي خاصّ. يضاف إلى هذا أنّ العقل لا يمنع من التفكيك؛ إذ لا تلازم بين الرسالة والنبوّة وبين الإمامة السياسية دائماً، بل الأمر تابعٌ للدليل.
لكنّ هذا كلّه لا يقف أمام الأدلة الدالّة على ترابط السلطة السياسية والدينية، فإنّ من يأخذ بهذه الأدلّة ويراها تامّة وصحيحة، يمكنه أن يجعل قصّة طالوت من أحكام الشرائع السابقة التي جاء الدليل على نسخها في الشريعة الإسلاميّة، إن لم يفهم من ملك طالوت السلطة العسكريّة فقط. كما أنّ حكم العقل بعدم التلازم هو حكمٌ بعدم الضرورة في التلازم، لا أنّه حكمٌ بضرورة فك الارتباط وإبطال التلازم، فلو قام الدليل على الترابط كان مقدّماً على حكم العقل دون أن يبطل مفاده.