السؤال: أخي الكريم الدكتور حيدر المحترم، رأيت لديكم جواباً عن سؤال يتصل بحرمة دفع الزكاة إلى ذرية الرسول صلى الله عليه وسلّم، وبدا لي أنّ عدم إعطائهم الزكاة شيء غير مقنع، وفي قراءتي للموضوع وجدت أنّ هذه المسألة يمكن أن تكون ناتجة عن التحيّزات المذهبية الشيعية، فما معنى أن لا يعطوا من الزكاة وأن ينزّهوا عنها؟! ولهذا لديّ ملاحظة عليكم أنّكم لم تحاولوا ممارسة نقد لمذهبكم في هذا الموضوع، وعالجتم المسألة من زاوية تحاول أن تبرئ المذهب الشيعي وكأنّ القضيّة ليست مذهبيّة (د. عبد المنعم، مصر).
الجواب: كان يمكن الذهاب مع المحاولة التي بدأتموها لتحليلها ودراسة مدى صحّة افتراض تدخّل المؤثرات المذهبية في صنع هذا النوع من الأحاديث، لكنّ الذي يجب علينا معرفته هو أنّ فكرة عدم دفع الزكاة إلى بني هاشم موجودة في الفقه السنّي وبقوّة، بل حتى التعبير الوارد في هذا المجال، وهو أنّها أوساخ ما في أيدي الناس قد ورد في صحيح مسلم وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: (..إنّ الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس) (صحيح مسلم: 3: 118، 119؛ وسنن أبي داوود 2: 28؛ وسنن النسائي 5: 106؛ ومسند أحمد 4: 166 و..)، وفي حديث آخر أخرجه الزيلعي في نصب الراية، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: (يا بني هاشم، إنّ الله تعالى قد حرّم عليكم غُسالة الناس وأوساخهم، وعوّضكم منها بخمس الخمس) (نصب الراية 2: 487). ولو راجعتم الفقه السنّي لوجدتم الفتوى بحرمة دفع الزكاة المفروضة لآل محمّد تكاد تكون إجماعاً عند المذاهب الأربعة، ولم يستثنوا سوى أبا لهب وذريّته (انظر: الموسوعة الفقهية (الكويتيّة) 1: 100 ـ 103، و23: 325)، فلا أجد أنّ مقاربتكم للموضوع من الزاوية المذهبية، واعتبار هذا الأمر نقداً مذهبيّاً على الشيعة، صحيحة، بل الموضوع إسلاميٌّ بامتياز، ويجب مقاربته من الزاوية الإسلامية العامّة.