السؤال: ما معنى قول السيدة الزهراء عليها السلام في خطبتها: نأى عن الجزاء أمدها، تفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها، واستحمد إلى الخلائق، وثنى بالندب الى أمثالها؟ (حسنين، العراق).
الجواب: إنّ نصّ المقطع الذي نقلتموه قد جاء في كتاب الاحتجاج للطبرسي على الشكل التالي: الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جمّ عن الإحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنى بالندب إلى أمثالها.. (الاحتجاج 1: 132).
كما جاء في كتاب دلائل الإمامة للطبري النص التالي: الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء على ما قدّم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن والاها، جمّ عن الإحصاء عددها، ونأى عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، استدعى الشكور بأفضالها، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وأمر بالندب إلى أمثالها. (دلائل الإمامة: 111).
ومعنى الكلام أنّنا نحمد الله على ما أنعم علينا من النعم، ونشكره على ما ألهمنا وعلّمنا، ونثني على ما قدّم لنا من قبل أن نسأل، حيث قدّم نعماً عامّة شملت الناس ابتدأها دون أن نطلب منه، وكمالاً في آلاء ـ أي نِعَم ـ أعطاها وأسداها، وأحسن علينا بمنن وعطايا تابعها فجاءت واحدة بعد أخرى متتالية متتابعة، وهذه النعم جمّ أي كثر وفاق مجال الإحصاء عددها، أي هي نعم لا تعدّ ولا تحصى، وهي أيضاً نعم بعُد ـ وهو معنى نأى ـ منتهاها عن المجازاة، أي لا يمكن شكرها، أي هي في الكثرة بحيث لا يمكن لنا أن نقدّم عوضاً عنها وجزاءً، ولأنّها كثيرة فقد صار من البعيد إمكانية إدراك مداها وديمومتها، فهي لأنها كثيرة دائمة لم يعد يمكن استيعاب وإدراك منتهاها، فالأبد هو الدهر، وهي تشير هنا إلى الديمومة، بعد أن أشارت إلى كثرة هذه النعم عدديّاً.
وندبهم أي دعاهم لطلب زيادة هذه النعم عبر الشكر، لتكون متصلةً لا تنقطع، ولهذا عبّرت بأنّه ندبهم ودعاهم لاستزادتها بالشكر، والسبب هو أن ّ فعل ذلك يحقّق اتصال هذه النعم وعدم انقطاعها.
واستحمد بمعنى طلب منه الحمد، فقد طلب الله الحمد له لأجل إجزال وإكمال هذه النعم عليهم. وبعد ذلك ثنّى أي جعل ذلك ثانياً، فثنّى بالندب والدعوة لأمثال هذه النعم، أي دعاهم ليدعوه أن يديم أمثالها عليهم، أو يسعوا ليحصلوا على أمثالها التي في الآخرة.