• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
84 سبب المبالغة ببعض الأعمال الشعائريّة والمندوبة وتقديمها على الواجبات 2014-08-07 0 3933

سبب المبالغة ببعض الأعمال الشعائريّة والمندوبة وتقديمها على الواجبات

السؤال: ما سرّ تمسّكنا ببعض المستحبات أو بعض الأعمال غير الثابتة أو فيها كلام بين العلماء إلى الحدّ الذي نجعلها فوق الواجب، فنهتمّ بها وننفق عليها كثيراً من المال والوقت مثل بعض الزيارات وغيرها؟ (عباس).

 

الجواب: هناك أسباب متعدّدة متداخلة ومتواشجة لهذا الموضوع يمكنني أن أذكر بعضهاباختصار:

1 ـ وهو في نظري من أهم الأسباب التي تكمن اليوم وراء هذا الموضوع. إنّه الخوف على الهويّة أو الهاجس الذي نعيشه إزاء الاستمرار في التخلّي أو التخفيف من رونق أو وهج بعض الأمور الدينية، فعندما يقوم فريقٌ من الناس بنقد هذا المستحبّ أو ذاك، أو نقد هذا التفصيل العقدي أو ذاك، أو نقد هذه الرؤية التاريخية أو تلك، أو نقد هذا التفسير أو ذاك، أو نقد هذا الحديث أو ذاك.. فإنّ ما يقوم بفعله قد يكون عمليةً بسيطة لا يُفترض أن تؤدّي إلى قلق، لكنّ القلق يكمن في الشعور بأنّ عملية النقد هذه أو عملية التهميش هذه لا تقف ـ بحسب طبيعتها ـ عند هذا المستحبّ أو الاعتقاد أو التاريخ أو الحديث أو.. بل إنّها سوف تمتدّ لتستوعب مجالاً أوسع، وفي هذه الحال يظهر شعور بالخوف من أن يكون الذهاب خلف عملية النقد التفصيلي هذه مما سيجرّ إلى تساقط أوراق الشجرة المثمرة أو تهاوي حبّات السبحة، فيظهر شعور بالقلق تجاه مستقبل الوضع الديني لو أخذنا بهذا النقد التفصيلي هنا أو هناك.

إنّ القلقين ليسوا سذّجاً، إنّهم يدركون ـ أو على الأقل قسمٌ ليس بالقليل منهم يُدرك ـ بوضوح أنّ هذا التفصيل العقدي أو التاريخي أو الفقهي أو الحديثي ليس مشكلةً في حدّ نفسه، إنّما المشكلة هي التيار النقدي الذي قد لا تتوقّف آلة النقد الهدّامة عنده عند هذا التفصيل أو ذاك، بل ستستمرّ، وهناك خوف من المآلات التي ستوصلناإليها عملية الاستمرار هذه. لقد قلتُ مرةً بأنّ بعض القلقين يحاول تضخيم تفصيلٍ صغير لكي يحمي بذلك أمراً كبيراً يخشى أن تطاله عملية النقد والهدم بعد ذلك، فكما أنّك تضع خطوطاً دفاعيّة متعدّدة لكي تحمي العمق، بل قد تذهب ناحية أراضي الآخرين لتحمي نفسك من تقدّمهم العسكري نحوك، كذلك الحال هنا، هناك من يضخّم من تضعيف هذا الحديث أو ذاك، أو هذه القضية الفقهية أو تلك، أو هذا الرأي الفلسفي أو ذاك؛ لأنّه يريد بذلك ـ ولو من حيث لا يشعر ـ أن يحمي المنظومة القابعة خلف هذا التفصيل، فإنّ الكثير من التفاصيل تقوم بدور حماية المراكز الكبرى في المنظومات الفكريّة.

ولهذا السبب تجد أنّه في ظرفٍ زمني معيّن يمارس القلقون أنفسهم نقداً شبيهاً بهذا الذي خافوا منه، فالمحافظون نقدوا بأنفسهم في مرحلةٍ زمنية الكثير من الموروث، لكنّهم اليوم شعروا بالخوف من استلام آخرين لدفّة النقد هذه، واستمرار الآخرين بها، بحيث أوجب ذلك قلقاً على ما تبقّى من المنظومة، ولهذا تجد اليوم أنّ الكثيرين من أنصار الشيخ المطهري أو السيد الصدر أو الشيخ محمد عبده أو غيرهم يخشون من ذكر بعض أفكارهم، رغم أنّهم كانوا يروّجون لها في الماضي القريب، لماذا؟ لأنّ الوضع انقلب من مرحلة الإحساس بالأمان إلى الشعور بالخوف على الذات بفعل تراجع أوضاعنا الدينية وتنامي المدّ العلماني الناقد للمنظومة الدينية من الداخل، وهي مرحلة جديدة من الصراع العلماني الديني شهدناها في العالم العربي والإسلامي، وهي غير النقد العلماني المخارج لهذه المنظومة، فالعلمانيون اليوم أخذ فريقٌ منهم بنقد الفكر الديني بواسطة إعادة إنتاج فهم جديد له، وليس فقط بواسطة نقد خارجي عليه، وهذا كالفرق بين من يقتحم صفوف العدوّ برّياً، وبين من يقصفهم من بعيد.

2 ـ عدم الثقة بمن يدير المشاريع النقدية والإصلاحيّة والفكرية الجديدة، فهناك أزمة ثقة بين الناقدين الجدد والمحافظين. إنّ المحافظين لا يثقون ببعض أو بكثير من الناقدين ولا بنواياهم، لهذا يشكّون في أنّهم تركوا مذهبهم أو لا يؤمنون بالدين أساساً وإنّما يتلبّسون بما تراه الأغلبية لكي يمرّروا أفكارهم من خلال ذلك، إنّهم يريدون تدمير المؤسّسة الدينية والبنية التديّنية للناس، إنّهم خبثاء سيئو القصد يجيدون أعلى مستوى من ممارسة التقيّة، وربما يصل أمر التشكيك بهم إلى حدّ التخوين بالعمالة للأجنبي، الأمر الذي يتعزّز ببعض المعطيات هنا وهناك. هذه الحالة من فقدان الثقة موجودة، وعندما تفقد ثقتك بمن يدير مشروعاً فكريّاً دينيّاً فمن الطبيعي أن تُبدي حساسيةً عالية إزاء كلّ ما يصدر عنه ولو كان أمراً يمكن تصحيحه في حدّ نفسه. وكلّنا يعرف أنّ إعادة بناء الثقة ليست عملية بسيطة أبداً، ولا تكفي فيها البيّنات ولا الأيمان المغلّظة. إنّ فقدان الثقة تصاحبه عادةً حالةٌ من الجفاء، والجفاء يسمح للخيال السلبي بالنشاط، فعندما تبتعد عن شخص وتكتفي بما يصلك عنه ممّا يعزّز فقدان الثقة به، فإنّ الخيال يصبح نشطاً في مجال شيطنته في عقلك، فيزداد الموقف تأزّماً، ويصبح من العسير أن تصدّق بأنّه لا يحمل كلّ هذه السلبية والخباثة التي تعتقدها فيه.. نحن نتعامل مع وقائع، وعلينا وعيها بشكل كامل، هذه ردّات فعل تبدو لي أحياناً طبيعية ومتوقّعة، مهما كانت غير صحيحة فكرياً ولا قيمياً.

3 ـ تحوّل الجماعات الناقدة إلى خصم سلطوي ينافس التيارات المحافظة في اكتساب الجماهير أو مواقع النفوذ المالي والاجتماعي والسياسي. أرجو أن لا يظنّ أحد أنّني أتكلّم عن نوايا غير أخلاقية عند أحد، إنّني أتكلّم عن صراع نفوذ وتجاذب فيما يراه كلّ طرف هو الحقّ وهو الدين الذي لابدّ له أن يدافع عنه. لقد تحوّل الواقع إلى تيارات أتت من أفكار وغيرها، والتيارات تعتبر قوى نافذة على الأرض، وتعدّد القوى النافذة في ظلّ وضع غير سويّ على مستوى المشاركة السلطوية عموماً في العالم الإسلامي ـ بالمعنى العام للسلطة ـ يفضي إلى تصارع يبدو أحياناً غير منطقي، فلو كنّا في بلدان مستقرّة لا يعيش أحدٌ فيها الخوف على الوجود والعنوان، لكان التنازع بين التيارات مؤطّراً بالأطر الطبيعية العامّة التي تحكم المجتمع عموماً، أمّا عندما نكون في بلدان غير مستقرّة كأكثر بلداننا الإسلاميّة، فإنّ التنازع بين التيارات سوف يفضي عادةً إلى صراعات أشدّ، لاسيما ونحن نتكلّم عن تيارات دينية أيديولوجيّة. واشتدادُ الصراع يفضي إلى قطيعة، والقطيعة تفضي إلى التركيز على الخصوصية الفئوية، بمعنى أنّه عندما يتمّ التنافس السلبي بين التيارات فإنّ كلّ تيار يحاول أن يقطع علاقته بالتيارات الأخرى، والعلاقات المقطوعة سياسياً وفكرياً واجتماعياً و.. تؤدّي عادةً إلى سعي كلّ فريق للحفاظ على خصوصيّته، فيزيد كلّ فريق من لون امتيازه عن الآخرين ويقلّل من العناصر التي تؤدّي إلى تشاركه مع الآخرين، وهذا ما يؤدّي بطبعه أيضاً إلى أن تجد تشديداً على أمر غير ثابت أو فيه كلام لا لشيءٍ إلا لأجل الامتياز عن التيارات الأخرى التي نواجه معها معركة نفوذ أو وجود، ولهذا أنت تجد أنّه كلّما اشتدّ الخصام بين المذاهب والتيارات الدينية زادت نسبة العادات والأعراف والمفاهيم التمايزية وقلّ رونق المفاهيم والأعراف المشتركة، وهذا بالضبط ما حصل تاريخياً وإلى يومنا هذا مع المذاهب الإسلاميّة عموماً تقريباً. بل نحن نجد التنظير لمخالفة الآخر المذهبي وأنّ الرشد في خلافه، وأنّه يجب ترك كذا وكذا لأنّ أنصار هذا المذهب يفعلونه، ويجب فعل كذا وكذا، لا لأنّه ثابت في أصل الدين والشرع بنصّ أو بدليل خاصّ به، بل لأنّه صار عنواناً للخصوصيّة المذهبية هنا أو هناك، والخصوصية صارت بنفسها قيمة ذاتية تضفي على الأشياء قيمةً جديدة، وهذا بعينه يحصل داخل التيارات في المذهب الواحد، وقد يولّد بمرور الزمن مذاهب داخل هذا المذهب لو طالت مدّة التخاصم هذه.

4 ـ الإحساس بفقدان البدائل، وهذا أمر لا ينبغي أن نستهين به، فعندما يقوم الناقدون بتهديم صرح مفهومٍ ما أو عادةٍ ما أو شعيرة ما، فإنّ الشعور العام يعطي أنّ الثقافة الدينيّة قد فرغت من هذه الشعيرة، وعندما لا يقومالناقدون بتعبئة هذا الفراغ بشيء آخر يرونه ثابتاً، فإنّ الإيحاء العام يعطي أنّهم يقومون بهدم الدين دون بدائل، وهذا يعني أنّ القيم الدينية يتمّ الإنقاص منها دون أن يتمّ التأكيد عليها، وهذا ما يولّد أيضاً شعوراً بالخوف والقلق. من هنا يخطأ الناقدون عندما لا يركّزون على البدائل حيث يمكن؛ لأنّ الحالة النفسية الاجتماعية تشعر بالفراغ الديني حينئذٍ (حتى لو كنت تعتبر شخصيّاً أنّ هذا الفراغ وهميٌّ)، الأمر الذي يعطي إحساساً بأنّ التديّن يتراجع، فإذا جاء شخص يقول بأنّ حذف صلاة الرغائب مثلاً هو تضحية بحالة إيمانيّة تحصل في بدايات شهر رجب، فهو يتكلّم عن واقع اجتماعي حقيقي، إذ بالفعل سوف يحصل هذا وفقاً للوضع القائم، فإذا لم تكن لديك رؤية لتعبئة مكان الفراغ الذي خلّفته عملية الحذف هذه، فسوف تواجه أزمةً، لهذا عندما يدافع بعض الناس عن هذه الصلاة عالمين بأنّها غير ثابتة مثلاً فقد يقصدون ـ بالتحليل النفسي ـ إبداء رفضهم للتضحية بحالة دينية معيّنة تمّ توفّرها لسبب أو لآخر، كما وإبداء تمايزهم عن الجماعات الناقدة، ولهذا تجد بعض الناس يستغلّ هذه المناسبات لإبراز عناصر التمايز عن هذه الجماعات عبر التركيز على هذه الشعيرة مثلاً، وكأنّه يريد أن يبقيها بالقوّة والقهر، في حين لا تجده بهذه الحماسة في شعيرة أخرى ثابتة باليقين في النصّ الديني ومهجورة في الوقت عينه!! والسبب هو هذا، لا لأنّه لا يعرف أنّ الأمور علميّاً على الشكل التالي، بل لأنه يريد أحياناً أن يتمايز عن هذه الجماعات أو لأنه يريد أن لا نخسر ـ في فضاء تتساقط فيه الكثير من الأوضاع الدينيّة ـ حالة إيمانية شعبيّة متوفّرة تظلّ بنظره أفضل من ذهاب شبابنا نحو مكان آخر. بهذه الطريقة تتمّ العملية، فكلّما لم تقدّم أنت بدائل فإنّ النقد قد يذهب بالحالة الشعبية نحو مكان أسوأ من الأمر الذي قمت أنت بنقده.

5 ـ مساس بعض الأمور بالجانب الشعبي الناظم للجماعة الدينية كالشعائر العامّة، فإنّ الشعائر ـ من زاوية من الزوايا ـ تعدّ أحد عناصر انتظام الجماعات الدينية والتئامها وتماسكها (وشحنها)، فعندما تقوم بالتخفيف من رونقها فأنت تهزّ عنصر اللحمة الجماعية الدينية أو المذهبيّة، صحيحٌ أنّك تنتقد بطريقة علميّة، لكنّ الزاوية الاجتماعية لنقدك يتلقّاها الطرف الآخر على أنّها هدم لركن أو عنصر من عناصر الاجتماع الديني.. تصوّروا مذهباً أو ديناً بلا شعائر عامّة، إنّه قد يكون أقلّ استحكاماً على المستوى الاجتماعي من الدين الذي يلتحم فيه أبناؤه عبر هذه الشعائر التي تمثل شحنات روحية اجتماعيّة عامّة. والذين يدافعون عمّا تنتقده أنت قد يتحرّكون في لاوعيهم ضمن هذا السياق، فكلّما حافظنا على هذه الشعيرة فنحن نحافظ على قيامة المذهب أو الدين، في مقابل الآخرين، كما أنّنا نمارس عرض قوّة في مقابلهم في مناخ يعجّ بالتوتر الطائفي، هذا كلّه يجب أخذه بعين الاعتبار.. صحيحٌ أنّه لا يؤثر على القيمة العلمية لنقدك، لكنّه لا يمكن تجاهله بالنسبة للإنسان الرسالي الذي يريد بنقده حماية الدين على أرض الواقع لا هدمه.

عندما أضع هذه العوامل ـ وهي مجرّد أمثلة ـ لا أقصد تأييد ما يحصل، بل إنني أعتبره مخالفاً لفقه الأولويّات، وإنّما أقصد فهم بعض جوانب ما يحصل، وعدم التعامل مع الأمور من جانبٍ علميّ بحثي فقط؛ لأنّ فهم الآخر فهماً سليماً ووعي منطلقاته الملموسة والمستورة في ردّات فعله ضروريٌّ للغاية أيضاً. إنّ بعث الشعور بالأمان والعمل على خلق بدائل على المستوى الاجتماعي والروحي.. عناصر مهمة لنجاح عمليات الإصلاح الديني في مناخ يعيش الدين بوصفه ركناً أساسياً من أركان الحياة.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36691118       عدد زيارات اليوم : 15018