السؤال:سماحة آية الله الشيخ حيدر حبّ الله دام ظلّه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لديّ سؤال فقهي: إذا كنت أسوق بالسيارة وطفر أمامي طفلٌ فجأةً، وكُسرت ساقه، هل عليّ دية؟ علماً أنّه لم أكن مقصّراً من الناحية المروريّة.. وفي حالة وجوب الدية، ما هو الدليل الشرعي على ذلك رجاء؟ وهل يصحّ التصالح على الدية إذا كانت مجهولة، أي نحن نتخيّل أنّها 100، فنحاول أن نتصالح على 20، ولكنّها في الواقع 1000، هل تصحّ هكذا مصالحة؟ لاسيما وأنّ تشخيص دية الرضوض والجروح صعبٌ لدى الوكلاء، فضلاً عن صعوبة نقل المريض للحاكم كي يشخّص الدية!! فكيف تحدّد مثل هكذا ديات؟ وجزاكم الله خير جزاء المحسنين (مهدي المحمّداوي، العراق).
الجواب: لا يبعد عدم ثبوت الدية في هذه الحال؛ لأنّه إذا كنت تسير وفقاً لقواعد المرور، بحيث كان سيرك (وكيفيّته) في الطريق حقّاً لك، ولم تقصّر في كبح فرامل السيارة عندما لاحظتَ الطفل يتّجه نحوك، ثم ألقى الطفل نفسه في الطريق، دون أن يكون سيرك موجباً لصدق عنوان اتجاهك نحوه، فإنّ القتل ينسب للمصدوم حينئذٍ لا للصادم، فيكون دمه هدراً. وأمّا التصالح على الدية فلا مانع منه ولو كانت الدية مجهولةً، ويكون الصلح ملزماً إذا بُني عليه ـ ولو ضمناً ـ مهما كان مقدار الدية الواقعي، وأمّا لو كان التصالح مبنيّاً ـ ضمناً ـ على كون الدية هي مبلغ كذا وكذا، بحيث كان ذلك بمثابة حيثيّة تقييدية أخذت في التصالح، ففي هذه الحال يمكن للمتصالح أن يفسخ هذا الصلح بعد تبيّن عدم تحقّق الشرط الضمني فيه، وهو كون المقدار الأصلي للدية هو كذا وكذا. نعم لو كان ظنّه أنّ الدية كذا وكذا باعثاً له على التصالح، دون أن يؤخذ ذلك قيداً أو شرطاً ولو ضمنيّاً في عقد الصلح، ففي هذه الحال لا يبعد تصحيح هذا العقد وإلزام الطرفين به وعدم ثبوت حقّ الفسخ لأيّ منهما. والله العالم.
هذا، وأرجو منكم أخي الكريم، ومن كلّ الذين يرسلون لي أسئلةً، أن لا يخاطبونني بمثل هذه الألقاب (آية الله)؛ لأنّني أقلّ من ذلك بكثير، فضلاً عن أنّني لا أؤمن باستخدام هذه الألقاب في حقّ العلماء والفقهاء الذين قد يستحقّونها اليوم أو قبل اليوم، فهي حجب وموانع تضع رهبة روحية بين الناس وعالم الدين، وقد كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ إذا جلس مع أصحابه كان كأحدهم، كما جاء في بعض المرويّات، علماً أنّ بعض هذه الألقاب قد يواجه مشاكل في مضمونه لا داعي للتعرّض لها الآن. لهذا أرجو من الإخوة جميعاً عدم مخاطبة شخص مثلي بمثل هذه الألقاب، وأعتذر عن هذا التعليق، وأشكر لطف الجميع وحسن ظنّه وأدبه وخلقه.