• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
246 دفن المسلم في مقابر غير المسلمين وبالعكس، وماذا عن حال المغتربين المبتلين بهذه القضيّة؟ 2014-11-19 1 5363

دفن المسلم في مقابر غير المسلمين وبالعكس، وماذا عن حال المغتربين المبتلين بهذه القضيّة؟

السؤال: هل يجوز دفن المسلم في مقابر غير المسلمين وبالعكس؟ وماذا عن حال المغتربين الذين يعانون من مشاكل من هذا النوع؟ (محمد).

الجواب: تكاد كلمات الفقهاء المسلمين السنّة والشيعة الذين تعرّضوا لهذا الموضوع تُطبق على عدم جواز دفن المسلم والمسلمة في مقابر غير المسلمين، وكذلك عدم جواز دفن غير المسلم في مقابر المسلمين، حتى أنّهم حكموا بلزوم نبش قبر الكافر لو دُفن في مقابر المسلمين، وكثير منهم حكموا بلزوم نبش قبر المسلم لو دفن في مقابر غير المسلمين، وبعضهم قيّد الحكم الأخير بحال ما إذا لم يلزم من نبش قبر المسلم الهتك لحرمته. وهذه المسألة مستقلّة بمعنى أنّ الفقه يرى أنّ الدفن حرامٌ هنا مطلقاً لا بعنوان ثانوي أو طارئ.

وقلّما نجد هذه المسألة في كلمات المتقدّمين من العلماء الشيعة، بل هناك من ادّعى أنّها أوّل ما ظهرت مع العلامة الحلّي (725هـ)، وأنّه قد تكون هناك إشارات طفيفة لها قبل ذلك، ولم أجد أحداً خالف صراحةً في هذه المسألة إلى يومنا هذا عدا قلّة قليلة جدّاً منهم: الشيخ محمّد إسحاق الفياض حفظه الله فقد قال: (لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين، إذا كان هتكاً له ونقصاً لكرامته، وكذلك العكس، وإلا فالجواز غير بعيد، وإن كان الأحوط تركه) (الفياض، منهاج الصالحين 1: 142؛ وانظر له: تعاليق مبسوطة 2: 268). كما لاحظت أنّ الفيروزآبادي والسيد الخوانساري احتاطا وجوباً في هذا الموضوع في تعليقتهما على (العروة الوثقى 1: 115)، فيما إذا لم يلزم الهتك، وهذا يشي بأنّهما غير جازمين بالتحريم أيضاً، ومثلهما الشيخ حسين علي المنتظري في (الأحكام الشرعية على مذهب أهل البيت عليهم السلام: 112)، والشيخ ناصر مكارم الشيرازي (رسالة توضيح المسائل: 101).

ويُفترض على فتاوى الفقهاء أن يختصّ الحكم بدفن مسلم في مقبرة غير المسلمين، أمّا لو أسّست المقبرة من البداية بطريقةٍ مختلطة بحيث يُدفن فيها المسلم وغيره، فإنّ صدق عنوان الدفن في مقابر غير المسلمين غير واضح، وكلمات بعض الفقهاء على الأقلّ قد لا تشمل هذه الحال، بل يظهر من بعض فتاوى واستفتاءات السيّد السيستاني والسيد صادق الشيرازي أنّه لو خصّص قسم من مقبرة الكفار للمسلمين جاز الدفن (ألف مسألة في بلاد الغرب: 529؛ والفقه للمغتربين: 129).

والغريب في هذا الموضوع أنّه لا توجد آية قرآنية ولا أيّ حديث ولو ضعيف السند يتحدّث عن هذا الأمر بشكل مباشر، حتى أنّ الشيخ الحرّ العاملي في كتاب (تفصيل وسائل الشيعة) لم يفرد باباً بهذا العنوان أساساً؛ لعدم وجود روايات في ذلك، ومع ذلك اتفقوا منذ عصر العلامة الحلي على التحريم كما بينّا، ورواج هذا الحكم عند أهل السنّة أقوى وأقدم.

وأهم الأدلّة التي ذكروها هنا هي:

الدليل الأوّل: ما ذكره غير واحد من فقهاء الشيعة والسنّة من التمسّك بالإجماع، ومن الواضح أنّ الإجماع هنا يصعب الاستناد إليه؛ إذ يحتمل جدّاً أن يكون مستندهم في ذلك هو ما سيأتي من الأدلّة الأخرى، على أنّ تحصيل الإجماع عند القدماء ـ قبل العلامة الحلّي ـ في هذه المسألة قد يكون صعباً عند الإماميّة على الأقلّ.

وهكذا الحال في الاستدلال بعمل المسلمين وسيرة المتشرّعة منذ عصر النبي، حيث وجدناه في بعض كلمات علماء الشيعة والسنّة هنا، فلو سلّمنا أنّ سيرتهم قائمة على تمييز المقابر وتثبّتنا من ذلك تاريخيّاً (واستشهد بعض علماء أهل السنّة لإثبات هذا الواقع التاريخي برواية عن النبي في مروره على مقابر المسلمين ثم غيرهم ممّا يعني تعدّد المقابر)، فهذا لا يعني التحريم، بل قد يعني الاستحباب أو الأفضليّة أو ضرباً من تنظيم الدفن بين الديانات بحسب الأعراف القديمة التي لا تعدّ ناقضةً لغرض الشريعة، وقد كانت الأعراف وما تزال تميّز في ذلك حتى بين القبائل والعشائر والأسر لاسيما المعروفة منها والمرموقة، وجريان العرف المتشرّعي بقوّة على التمييز بين المقابر يمكن أن يجامع الأفضليّة أو الاستحباب، تماماً مثل الأذان والإقامة والقنوت، ومثل كثيرٍ من العادات الدينية المستحبّة الراسخة في الممارسات رسوخاً أقوى من رسوخ الواجبات في العُرف الاجتماعي العام، فالجري المتشرّعي لا ينفع، ولا يكشف عن وجود ارتكاز إلزامي في الموضوع بعنوانه، فتأمّل جيداً.

الدليل الثاني: ما ذكره كثيرون كالسيد الخوئي وغيره من أنّ دفن المسلم في مقابر غير المسلمين هتكٌ وتوهين له، وحرمة المؤمن ميتاً كحرمته حيّاً؛ كما أنّ دفن غير المسلم في مقابر المسلمين توهينٌ أيضاً وإساءة للمسلمين.

وهذا الدليل غير واضح؛ فلنفرض أنّه في بعض الصور يتحقّق الهتك، لكنّ ذلك لا يتحقّق في جميع الصور والحالات، وهذا أمرٌ عرفي يختلف من موضعٍ وبلد وثقافة إلى موضوع آخر وبلد آخر وزمن آخر وثقافة أخرى، وقد أسقط الفقهاء قراءتهم للموضوع على المسألة التي نحن فيها، مع أنّها مسألة متغيّرة عرفاً بملاحظة الأعراف والأزمنة والظروف، بل قد تكون بعض الظروف الاجتماعية والسياسية سبباً في اعتبار هذا الدفن خطوةً متقدّمة في العلاقات الطيبة بين الأديان في بلدٍ ما، فيحسّن العرفُ هذه الخطوة ويراها أمراً جميلاً ومعبّراً ولا يشعر بأيّ إهانة فيها للميّت، وذلك بسبب الظرف السياسي والاجتماعي الطارئ، فكيف عرفنا أنّه في جميع الأزمنة والأمكنة والأعراف والثقافات إلى يوم الدين يكون دفن المسلم في أيّ مقبرة غير إسلامية هتكاً له؟! والأبعد من ذلك جعل دفن غير المسلم في مقابر المسلمين هتكاً للمسلمين، فهل يرى العرف ذلك بعيداً عن هذه الفتوى نفسها وعن تأثيرها على الوعي الاجتماعي؟! نعم دفن غير المسلم في مقابر المسلمين أو العكس قد يقول شخص بأنّه تشريف لغير المسلم، وهذا ـ لو صحّ ـ لا ينفع هنا؛ إذ التشريف بهذا الحدّ لا يُعلم حرمته أساساً، وكلامنا في الهتك لا في التشريف، كما أنّه قد يقال بأنّ دفن المسلم في مقابر المسلمين دون غيرهم احترامٌ له وتعظيم وعملٌ لائق بشأنه، وهذا ـ لو تمّ على إطلاقه ـ لا يُعلم وجوبه على وليّ الميّت؛ فهل يجب عليه فعل كلّ ما يليق بالميت مطلقاً وما يكون أفضل له وأحسن؟! إذن فيجب عليه أن لا يدفنه وسط قبور المسلمين الفاسقين أيضاً! بل قد يقول السنّي أيضاً بأنّ الدفن في مقابر الشيعة هو توهين للميت السنّي مطلقاً، وكذلك يقول الشيعي بأنّ الدفن في مقابر السنّة توهين للميّت الشيعي مطلقاً.. كما أنّ القول بأنّ تمييز مقابر المسلمين عن غيرهم أفضل على المستوى الاجتماعي أو أسدّ للذرائع أو غير ذلك، لا ينفع في إصدار حكم عام، بل تُتّبع فيه الظروف الموضوعية المتحرّكة التي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأوضاع. وأمّا القول بأنّ المؤمن له حرمة ميتاً كحرمته حيّاً، فهذا صحيح، لكنّ النقاش في المصداق والصغرى، على أنّه هل يحرم على المسلم أن يجلس بين مجموعة من غير المسلمين أو ينام معهم في غرفةٍ واحدة؟! وهل في ذلك هتك لحرمته حيّاً؟! بل هل يمكن القول بأنّ دفن العاصي أو الفاسق في البقيع أو حرم الإمام علي أو الحسين أو غيرهما من الأئمّة عليهم السلام يوجب الهتك للإمام نفسه بجعله ـ وهو معصوم ـ وسط أناس غير معصومين أو قد يكونوا عصاةً مثلاً؟! إنّني أعتقد أنّه قد تمّ إسقاط الأمر بطريقة غير مستوعبة للتحوّلات العرفية، وقيست الأمور على الأعراف المحليّة والزمنيّة، وكان يفترض التقييد من البداية ـ حيث لا نصّ ـ بحالة ما إذا استلزم الهتك وترك المصداق للعرف، كما فعل الشيخ الفياض حفظه الله.

ولعلّه لما قلناه لم يقبل بهذا الدليل ـ استلزام الهتك ـ على إطلاقه بعض من قَبِلَ بأصل الحكم نتيجة الإجماع، مثل السيد تقي القمّي (مباني منهاج الصالحين 2: 473). كما ومن غير الواضح الحكم بوجوب نبش قبر المسلم المدفون لسببٍ أو لآخر في مقابر غير المسلمين؛ فإنّ النبش هتك عظيم للميت عادةً، أوضح من الهتك في نفس بقاء قبره بين قبور غير المسلمين في بعض الحالات على الأقلّ.

الدليل الثالث: ما ذكره بعض الفقهاء من الشيعة والسنّة، من أنّ المسلم يتأذّى بعذاب الكافر، فلو وضع في مقابر غير المسلمين لتأذّى بعذابهم، وكذا لو وُضع بجانبه كافرٌ في مقبرة المسلمين فإنّه يوجب أذيّته.

وقد استغرب بعض الفقهاء المتأخّرين ـ مثل الشيخ الاشتهاردي ـ من هذا الدليل، والحقّ معه؛ فلا يوجد دليل على هذا التأذّي، بل كيف يعذّب المسلم بعذاب غيره مع أنّ الله تعالى يقول: (ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى) (الأنعام: 164)؟ وهل عالم القبر والبرزخ على صلة بتقارب القبرين الماديين في عالم الدنيا؟ وهل هناك شيء يُثبت ذلك؟! بل على هذا المعيار لو جعلنا مقبرتين للمسلمين وغيرهم وفصلناهما بجدار ـ كما يحصل في بعض المدن والقرى ـ فيلزم حرمة دفن المسلم قريباً من الجدار الذي دفن وراءه غير المسلم؛ لئلا يتأذّى بعذابه رغم أنّهما في مقبرتين منفصلتين!

واللطيف أنّ الشيخ الاشتهاردي اعتبر أنّ كربلاء كانت مقبرة قتلى جيش عمر بن سعد عندما تمّ دفن الأجساد الطاهرة فيها بعد الواقعة، فهل يحصل التأذّي أو الهتك من خلال ذلك؟! (مدارك العروة 8: 342). وإن كان في كلامه هذا بعض النقاش لسنا بحاجة إليه الآن.

الدليل الرابع: الاستناد إلى رواية يونس في المرأة غير المسلمة الحامل بجنين مسلم، فقد روى يونس، قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الجارية اليهودية والنصرانيّة فيواقعها، فتحمل، ثم يدعوها إلى أن تُسلم، فتأبى عليه، فدنى ولادتها، فماتت وهي تطلق، والولد في بطنها، ومات الولد أيُدفن معها على النصرانية أو يخرج منها ويدفن على فطرة الإسلام؟ فكتب: يُدفن معها (تهذيب الأحكام 1: 334 ـ 335).

وقد فهم منها بعضهم أنّ المراد دفنها في مقابر غير المسلمين، وأنّ هذا حكمٌ استثنائي من حرمة دفن المسلم (الجنين) في مقابر غير المسلمين.

لكنّ الإنصاف أنّ هذه الرواية لا علاقة لها بموضوع البحث؛ فهي إنّما تحكي عن دفنه معها وهي على النصرانية (أو وتجري عليها طرق النصرانية في التعامل مع الميت ويسلّم بين أيديهم)، أو يخرج من بطنها ليتعامل معه على طريقة المسلمين لا طريقة النصارى، فمدار الكلام في الرواية على إلحاقه بها أو إخراجه، أمّا أين تدفن هي، فلا ظهور في الرواية يتصل به مستقلاً لوحده، على أنّه قد يكون المرتكز أنّ الدفن في مقابر غير المسلمين مكروه جداً، وهذه الرواية تجيزه في هذه الحال، فتُرفع الكراهة، فمن أين نعلم أنّ المرتكز هو التحريم؟! وهذه الرواية ضعيفة السند بأحمد بن أشيم، فهو مهمل في كتب القدماء، وقد ضعّفَ سندَها العديدُ من العلماء، ولم يعتبروها دليلاً، وقد صرّح مثل المحقّق النراقي بعدم إمكان الاستدلال بهذه الرواية في المقام (مستند الشيعة 3: 293)، وفتوى كثير من الفقهاء أنّها تدفن في مقابر المسلمين مستدبرةً القبلة، وهذا مخالف لما يراد استنتاجه منها هنا.

هذا وتوجد بعض الأدلّة الأخرى ـ منها ما ذكره بعض فقهاء أهل السنّة ـ لكنّ جوابها صار واضحاً ممّا تقدّم، فلا نطيل.

والنتيجة: إنّه لا يوجد دليل على حرمة دفن المسلم في مقابر غير المسلمين، ولا دفن غير المسلم في مقابر المسلمين من حيث المبدأ، نعم إذا لزم منه محرّمٌ آخر كالهتك حرم، وكذلك لو كانت مقبرة المسلمين مسبّلةً وموقوفة لخصوص المسلمين، فلا يجوز دفن غيرهم حينئذٍ عملاً بقانون الوقف الشرعي، فما ذهب إليه الشيخ الفياض هو الصحيح بنظري القاصر، وعليه يمكن ـ لو أخذ الفقهاء بهذه النتيجة ـ تسهيل أوضاع الكثير من المغتربين الذين يعانون من هذه القضيّة في بعض الأحيان، ولو لم تصل معاناتهم حدّ الضرورة المرخِّصة.

تعليق واحد

  1. يقول بوجراف:
    2018-10-30 21:17:25 الساعة 2018-10-30 21:17:25

    السلام عليكم ورحمة وبركاته
    اني مسرور بوجود موقعكم الجميل جزاكم الله خيرا

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36619035       عدد زيارات اليوم : 20544