• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
121 حول الكرامات الحاصلة عند قبور الأنبياء والأولياء وجثثهم وآثارهم 2014-05-22 0 4008

حول الكرامات الحاصلة عند قبور الأنبياء والأولياء وجثثهم وآثارهم

السؤال: في جواب لك حول الكرامات عند الإمام الجواد ذكرت: (الانتقال إلى المرحلة الثالثة، وهي دراسة القصّة من زاوية ارتباطها بالقبر أو الشخص؛ إذ قد تكون هذه القصّة التي تحكي عن شفاء مريض ناتجةً عن حالةٍ نفسية تؤثر ـ علميّاً ومنطقيّاً ـ في المرض الذي يعاني منه هذا المريض الذي شُفي هناك، كأن تكون لديه مشكلة عصبيّة، ثم ونتيجة التفاعل النفسي الشديد حال الزيارة لهذا المرقد أو ذاك، يحصل حدثٌ عصبي معيّن). أقول : نفس حصول هذه الحالة النفسية هناك دون حصولها في منزله كافٍ له؛ إذ العبرة بالنتيجة، وهي الشفاء، فلماذا حصل له هذا التفاعل هناك دون مكان آخر؟ (عبد الله).

الجواب: مجرّد الحصول غير كافٍ له، لأنّ حصول مثل هذا في غير هذا المكان موجود أيضاً بكثرة، فأيّ ميزة حينئذٍ للقبر أو صاحبه على غيره؟ فعروض الحالات النفسيّة الموجبة للخروج من مشاكل عصبية مؤثرة في الأداء الوظيفي للأعضاء الجسميّة، شيءٌ يحصل كلّ يوم عند الكثير من المرضى، ومن ثمّ فإذا حصل نتيجة التصديق في هذا المرقد أو ذاك فلن يضفي أيّ قيمة علميّة جديدة.

أضف إلى ذلك أنّ حصول الشفاء نتيجة التصديق لا يعطي للواقع (القبر أو صاحبه) أيّ إضافة نوعيّة؛ لأنّ العلّة في الحقيقة ترجع للتصديق بما هو تصديق أو بما هو حالة ذهنية ونفسية باطنيّة، لا للتصديق بما هو مطابق للواقع، ولا للواقع بما هو أمرٌ مصدّقٌ به، وهذا معنى أنّه حالة نفسيّة، والتصديق بما هو تصديق أو الاعتقاد بما هو اعتقاد لو ترك أثراً على الإنسان بنفسه فلا يوجب ذلك نسبة هذا الأثر للواقع المصدّق به، فهذا مثل تصديقك بأنّ خلفك أسد، ثم ركضت بسرعة هائلة وقفزت عشرة أمتار في الهواء، فإنّ الفعل الاستثنائي الذي فعلته لا يُنسب إلى الأسد، بل يُنسب لحالتك النفسية، والدليل هو أنّك قد تفعل ذلك ظانّاً أنّ خلفك أسد فيما لا يكون أسد البتة، فلا معنى لنسبة التأثير إلى أسدٍ غير موجود. وهذا ما يفسّر أنّه لماذا حصلت حالة الشفاء في هذا المكان ولم تحصل في غيره، فإنّ الحالة النفسية الاعتقادية للشخص نفسه هي التي أثّرت عليه فشفته هنا، كما شفي غيره في أمكنة أخرى نراها نحن ضلالة وزيغاً عن الحقّ، فالعلاقة الحقيقية تكون بين ذاتنا وشفائنا لا بين واقع معتقدنا وحالة شفائنا.

وأنا دوماً أسأل أولئك الذين لا يرون الكرامات والغرائب إلا في مجتمعهم الديني والمذهبي الخاص: بماذا يفسّرون لنا كلّ تلك الغرائب والعجائب والمنامات التي تقع خارج إطار مذهبهم أو خارج إطار دينهم؟ فها هم المسيحيون ـ على سبيل المثال ـ يشترطون في صيرورة الرجل أو المرأة قدّيساً أن تحصل له كرامة أو كرامتان، ولهم في إثبات ذلك طرق محدّدة، ولديهم ما شاء الله من القدّيسين، ليس آخرهم من اُعلن قبل أسابيع قديساً وهو البابا (يوحنا بولس الثاني)، فهل كلّ هذه القصص كاذبة؟ ولو جمعنا قصص المسيحيّين في الكرامات لملئت الصحف والسجلات، فهل كلّها كاذبة؟ فإذا كانت كلّها كاذبة فلماذا لا نحتمل في قصصنا أنّها كلّها كاذبة؟ وإذا كان بعضها صادقاً فكيف نفسّر وقوعه لأشخاص يحكم المسلمون بأنّهم كفّار بالتعبير السائد؟!

إنّني أعتقد بأنّ هذه القضية وأمثالها تحتاج لدراسة علميّة ـ وليست فقط عقائديّة ـ تأخذ عيّنات كثيرة من أماكن وفضاءات مختلفة من العالم، لكي ننظر لهذه الأمور بطريقة علميّة، فبعضنا يظنّ أنّ مثل هذه الأشياء لا تحدث إلا عندنا في ديننا أو مذهبنا أو طائفتنا أو جماعتنا، وكأنّها حكرٌ علينا في العالم، في حين أنّ مثل هذه الأشياء تحدث في مختلف أرجاء الأرض وبكثرة، وبعضها صادق وبعضها كاذب في النقل، فمن يريد أن يدرس بعقل علمي هذه الأشياء فعليه أخذ كلّ الفرضيات المحتملة والسعي لتأكيد فرضيّة بعينها بطرق علميّة، لا بِسُبُلٍ عاطفية تُسرع للتصديق في قصصها وتتباطئ عن التصديق في قصص غيرها دون تقديم مبرّر واضح. ولا مانع أن تكون لهذه الظواهر أسباب متعدّدة فعلينا تمييز أنّ هذه الظاهرة أيّ من الأسباب كان سبباً لها هنا وأيّ منها كان سبباً لها هناك؟ كما ومن الممكن أن لا نصل إلى يقين قاطع بل إلى ترجيحات، وأيضاً هذا لا بأس به عندما لا يتوفّر غيره، فإنّه أيضاً يرشدنا إلى الفرضيّة الأكثر قرباً من الواقع بحسب المعطيات التي توفّرت لنا.. هذا كلّه هو ما قصدته من أنّنا بعد أن نتثبّت من وقوع هذه الحادثة هنا أو هناك، علينا دراسة احتمالاتها التفسيريّة، فإذا ترجّح احتمال تأثير العنصر الغيبي العقدي فهذا جيّد، وإلا فنذكر ما هو الراجح أو نقف لا نجزم ولا نرجّح افتراضاً على آخر، على أن يتمّ ذلك كلّه بطريقة علميّة، لا بأسلوب عاطفي متحمّس لتفسيرٍ من التفسيرات بشكل مسبق، سواء كان هذا التفسير هو ربط الحادثة بالعقيدة أم كان هذا التفسير هو فكّ الوصلة بين الحادثة والعقيدة، حيث بعضنا مصرّ على أن يربط أيّ شيء باعتقاداته الدينية، وبعضنا صارت له عقدة من ربط الأمور بالعقيدة، فتراه يصعّب الأمور بحيث تصل الحالة معه إلى حدّ مفرط.

ووفقاً لمنهج الاستعانة بالعلم ومعطياته بوصفها عناصر مساعدة في الفهم المعرفي الصحيح لهذه الظواهر وأمثالها، من الممكن أيضاً أن نستعين بالعلوم الطبّية والحفريات وغيرها لدراسة ظواهر لا نملك معلومات مؤكّدة حول ارتباطها العقدي أحياناً، فمثلاً آثار القدم المعروفة والمعروضة في منطقة (قدمكاه) القريبة من مدينة مشهد في إيران، يمكن وضع هذا الأثر في يد العلماء لدراسة تاريخه، فربما ساعدت المعطيات العلمية على ترجيح أنه يعود إلى آلاف السنين، أو إلى أنّه محفور بشكل يدوي قبل بضع سنوات مثلاً، ومن ثم فلا معنى لربطه بالإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، أو لا أقلّ ينخفض هذا الاحتمال. وهكذا الحال في مواضع كثيرة على امتداد عالمنا الإسلامي، فلماذا لا يقوم أحد ـ لاسيما وزارات الأوقاف والآثار، والمؤسّسات الدينية ـ بخطوات علميّة جادّة في هذا الإطار، إضافة إلى المعطيات الدينيّة.

ولا أقول بأنّ ما سيقوله العلماء الطبيعيون هو الحقّ المطلق، أو أنّهم وصلوا إلى نهايات المعرفة، حتى لا يقول لي أحد بأنّك تريد أن تضع لنا مرجعيّة العلم العلمانيّة حَكَمَاً، بل غاية ما أقوله هو أنّه في نهاية المطاف سيتوفّر لدينا معطى جديد يضاف إلى سلسلة المعطيات المتوفّرة بين أيدينا للحصول على رؤية نهائيّة، فإنّ أهل هذه العلوم يعدّون من أهل الخبرة في مجال عملهم.

أنا فعلاً أدعو إلى دخول العلوم الطبيعية والإنسانيّة في الكثير من هذه الأمور، وأخذ وجهة نظر العلوم بعين الاعتبار، ومن ذلك مسألة بقاء بعض الأجساد كما هي بعد دفنها لسنين طويلة، فغالباً ما نتعامل مع هذه الظاهرة بطريقة أحاديّة، في حين من المناسب أن نراجع المعطيّات العلميّة أيضاً، فلعلّ هناك تفسيراً آخر للحدث يرجع إلى طبيعة الجسم، أو التربة، أو المنطقة، أو البيئة الجافّة، أو شديدة البرودة، أو شكل القبر الهرمي وغير ذلك، دون أن ننكر العامل الديني بوصفه أحد العوامل، ولهذا نجد هذه الظاهرة تحصل في مختلف البلدان، حتى احتفظ بعض الكاثوليك بجثث بعضٍ عندهم، وهناك الكثير من المشاهد المصوّرة لهذه الظاهرة في مختلف أرجاء العالم، بل قد أشيع أنّ جثّة عبد الحليم حافظ ما تزال كما هي، وبالاستعانة بالعلوم المختلفة نضيف هذه الفرضيّات لكي يكون استنتاجنا النهائي علميّاً، ولا داعي للخوف من العلم ومعطياته هنا، وهو خوف متوقّع عند كثيرين.

والنتيجة: إنّ حجز الزاوية في دخولنا فضاءً صحيّاً في مثل هذه القصص والأحداث هو:

1 ـ النظر إليها بعُدَدٍ معرفيّة متنوّعة، مستعينين بجميع العلوم الدينية وغيرها ذات الصلة بهذا الموضوع.

2 ـ النظر إليها بعيون عالميّة لا محليّة، وإدراك أنّ الكثير منها هو عبارة عن ظواهر منتشرة في كلّ الأرض، فعندما نفكّر بطريقة عالميّة لا محليّة سوف ندرس الأمور بشكل أفضل وأضمن.

3 ـ الحرص على سلامة المنهج، أمّا النتيجة فأيّ شيء تكون فنحن نسلّم بها، سواء كانت لصالح المعتقد الديني أم لا، فليست الحساسية من النتائج وإنّما الحساسية من المنهج، فليلاحظ هذا الأمر.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36797059       عدد زيارات اليوم : 2816