السؤال: 1 ـ لو اشترى شخص من سوبرماركت طعاماً أو أيّ شيء آخر، وهو يعلم أنّ صاحب المحلّ يبيع الخمر أو لحم الخنزير أو أيّ شيء حرام آخر، وكذلك لو تعامل شخص مع شخص آخر، وكان الطرف الآخر يتاجر بالمحرّمات، فلو اشترى منه شيئاً ثم أرجع له المال الباقي، هل يكون الباقي حراماً أو لا؟ وهل يجب فيه الخمس فوراً أو لا؟ (يوسف).
2 ـ أنا بدأت منذ مدّة قصيرة جدّاً أعمل مديراً لثانويّة أهليّة (خاصّة)، مالكُها يتعامل بالربا (علمت ذلك بعد التعيين للعمل)، فهل عملي مقبول شرعاً؟ وهل الراتب الذي أتقاضاه حلالٌ أو حرام؟
الجواب: المعروف بين كثير من الفقهاء المتأخّرين والمراجع المعاصرين هو أنّه لو تعامل شخص مع آخر، وكان في مال الطرف الآخر ما هو حلالٌ وحرام معاً، ففي هذه الحال يجوز له أخذ ما يعطيه إيّاه في مثل ما فرضتموه في السؤال، ما لم يعلم أنّ هذا المال الذي أخذه هو بعينه حرام.. ويكون له حلالاً ولا يجب عليه تخميسه في تلك اللحظة.
وعادةً ما تُبحث بعض جوانب هذه المسألة في الفقه تحت عنوان (جوائز السلطان) أو (جوائز الظالم) ونحو ذلك، وقد تطرح القضيّة في بحث جوائز البنك، ويتحدّثون عن أنّ الظالم يوجد في ماله ما هو حلال وما هو حرام، ثم يعطيك شيئاً ممّا عنده، فإذا لم تعلم أنّ المال الذي أعطاك إيّاه هو من ماله الحلال أو من أمواله الحرام، فإنّه يجوز لك الأخذ رغم العلم الإجمالي بوجود الحرام في ماله، ولهم في تحليل هذا المال تخريجات متعدّدة، منها جريان الأصول المؤمّنة في المال المأخوذ؛ إذ لا تعارضها الأصول المؤمّنة في المال المتبقي عند الطرف الآخر، إمّا لخروجه عن محلّ الابتلاء فلا معنى لجريان الأصول فيه أو لغير ذلك. وبعضهم يُجري قاعدة اليد في المال المأخوذ من الطرف الآخر. نعم إذا كان المال الحرام قد جاءت حرمته من كونه مغصوباً فهذا فيه كلامٌ آخر، أمّا إذا جاء من سائر أسباب الحرمة غير الغصب، فإنّ المعروف بينهم هو الحليّة في مثل الحالات المشار إليها في السؤال. هذه خلاصة ما يُعرف بين الفقهاء في هذه المسألة، وهي مطروحة أيضاً في الفقه السنّي، ويذهب كثيرون أيضاً فيه إلى هذا الحكم.
وبناءً عليه، فوظيفة مدير مدرسة أهليّة عند شخص أو أشخاص يوجد في مالهم الحرام، مع وجود الحلال في مالهم، ليست محرّمةً في نفسها، كما أنّ المال الذي يتقاضاه المدير حلالٌ بالنسبة إليه، ما دام عين المال الذي يأخذه المدير من أصحاب المدرسة لا يُعلم حرمته بذاته، نعم نفس الشخص الذي في ماله الحلال والحرام هو الذي يجب عليه القيام بتطهير ماله من الحرام، وهو المطالب بالخمس على تفصيل في مسألة الخمس في المال المختلط بالحرام، والتي تراجع في كتاب الخمس من الفقه الإسلامي.