السؤال: لي صديق يعمل بعض المنكرات الشنيعة وقرّر الزواج، وتقدّم لخطبة فتاة، فحادثني وصارحني قبل تقدّمه للفتاة بأنه ترك كلّ هذه المنكرات؛ لأنّه تقدّم لخطبة فتاة. السؤال: ماذا أقول إذا سألني أهل الفتاة عن هذا الصديق؟ هل أقول الحقيقة وماذا فعل سابقاً أو أقول ما هو عليه الآن كما يقول من أنّه ترك كلّ هذه المنكرات؟ وهل يجوز التستّر عليه بحجّة أنه تائب ولن يعود؟ علماً بأنّي لا أعلم إن كان سوف يعود لهذه المنكرات بعد الزواج أم لا؟ أتمنّى سرعة الردّ، وجزاكم الله خير الجزاء (جعفر).
الجواب: إذا حصل لك يقين أو اطمئنان بتوبته الحقيقيّة وبأنّ احتمال عودته ضئيل جدّاً، بحيث ليس هناك من موجب للقلق على الفتاة لو تزوّجته، لم يكن يحقّ لك ذكر معايبه القديمة لها أو لأهلها، وكذلك الحال لو كانت هذه المنكرات التي يرتكبها ممّا لا تضرّ بحياته الزوجيّة ولا تشكّل أيّ عنصر أذى لزوجته المستقبليّة، وأمّا إذا لم يكن الأمر كذلك أو كنت تحتمل أنّه يراوغ عليك لكي يضمن أنّك لن تخرّب عليه في زيجته هذه نظراً لعلاقتك بالفتاة وأهلها، وكانت طبيعة أفعاله بحيث يوجد احتمال وجيه أنّه يرجع إليها ـ وتكون مضرّةً بالفتاة لو وقع الزواج ـ حتى لو صدّقناه في ندمه وحملنا كلامه على الصدق، ففي هذه الحال يجوز لك نصيحة الفتاة وأهلها ببيان معايبه التي تتصل بهم وذات صلة بمستقبل هذه الزيجة وسلامتها.
وهذا الأمر لا يختصّ بالزواج، بل يشمل مجالات أخَر، كما لو استشارك صاحب عمل أو دكّان أو مؤسّسة أو شركة في توظيف شخص عنده أو في التعامل المالي مع شخص آخر أو مؤسّسة أخرى، وكنت تعلم بأنّ ذلك الشخص غير أمين مثلاً وبأنّه يلحق الضرر أو يحتمل جداً إلحاقه الضرر به، جازت الغيبة ضمن الحدود التي قلناها، وكذا لو استنصحك شخص في الانضمام إلى فرقة أو جمعيّة أو مؤسّسة أو تيار أو غير ذلك، وكنت ترى أنّهم غير صالحين، وأنّهم قد يُلحقون الضرر به أو بدينه وأخلاقه، فيجوز لك ذكر معايبهم المتصلة به وبعمله معهم؛ لإرشاده وتوضيح الصورة له.
وبعض الفقهاء ـ مثل الشيخ الوحيد الخراساني وما قد يظهر من السيد تقي القمّي حفظهما الله ـ يرى أنّ جواز الغيبة في باب النصيحة مشروط بحالة التزاحم، بمعنى أن تكون المفسدة التي تقع على الزوجة مثلاً من عدم الغيبة، أعظم من المفسدة اللاحقة على الزوج من استغابته، ولابدّ للمكلّف من رصد الأمور وموازنتها، ولعلّ ما ذهب إليه الشيخ الخراساني والسيد القمي هو الأقرب، بل لعلّ الأحوط استحباباً ـ على الأقلّ ـ أن يكون ذكرك لمعايبه بقصد تقديم المشورة والنصح للآخرين، لا بقصد الانتقام منه أو التشفّي أو لمصلحة شخصيّة، والعلم عند الله.