السؤال: يوجد حديث هذا نصّه: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، قال: حدّثني أبو محمد العلوي الدينوري، بإسناده رفع الحديث إلى الصادق عليه السلام قال: قلت له: لم صارت المغرب ثلاث ركعات وأربعاً بعدها ليس فيها تقصير في حضر ولا سفر؟ فقال: إنّ الله عز وجل أنزل على نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ لكلّ صلاةٍ ركعتين في الحضر، فأضاف إليها رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لكلّ صلاة ركعتين في الحضر، وقصر فيها في السفر، إلا المغرب والغداة، فلمّا صلّى المغرب بلغه مولد فاطمة عليها السلام، فأضاف إليها ركعة شكراً لله عز وجل، فلما أن ولد الحسن عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكراً لله عز وجل، فلما أن ولد الحسين عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكراً لله عز وجل، فقال: للذكر مثل حظ الأنثيين، فتركها على حالها في الحضر والسفر.
وسؤالي هو: ما مدى صحّة سند هذا الحديث وفقاً لآراء السيد الخوئي في علم الرجال؟ (سلمان، من البحرين).
الجواب: ورد هذا الحديث عند الشيخ الصدوق في كتاب علل الشرائع ج2، ص324، وفي كتاب من لا يحضره الفقيه ج1، ص454، ونقل الشيخ الطوسي هذه الرواية عن كتاب من لا يحضره الفقيه، وذلك في تهذيب الأحكام ج2، ص113. كما جاء في بعض الكتب الأخرى مثل ذكرى الشيعة للشهيد الأوّل والحدائق الناضرة للشيخ البحراني، أمّا كتاب ذكرى الشيعة وكتاب الحدائق الناضرة فهي كتب فقهية لا ربط لها بالحديث، ولهذا فهذه الكتب أخذت من المصادر المتقدّمة عليها، وإذا حلّلنا المصادر الثلاثة الأصلية لهذا الحديث، وجدنا أنّ الشيخ الطوسي في كتاب تهذيب الاحكام قد أخذ الحديث ـ كما يصرّح هو نفسه ـ من كتاب من لا يحضره الفقيه، ومن ثمّ فليس للطوسي سندٌ جديد لهذا الحديث حتى نحاكمه بمعزل عن سند الصدوق؛ وعليه فالمصدر الأساس إذاً هو كتابا: من لا يحضره الفقيه وعلل الشرائع، وهنا نقول: أما كتاب من لا يحضره الفقيه، فقد ورد فيه هذا الحديث بلا سند أساساً، والسيد الخوئي لا يأخذ بمراسيل الصدوق مطلقاً ـ كما هو الصحيح ـ وأما كتاب علل الشرائع الذي نقلتم نصّ الحديث منه، فهو المصدر الوحيد المسند، ولو راجعنا السند لوجدنا فيه عدّة نقاط ضعف، وهي:
أولاً: إنّ فيه إرسالاً؛ لأنّ أبا محمد العلوي الدينوري ذكر الحديث بسنده إلى الإمام الصادق، ولكن لم يذكر السند في كتاب العلل؛ فلهذا يكون الحديث مرسلاً بين الدينوري والصادق عليه السلام.
ثانياً: إنّ أحمد بن محمد بن يحيى العطار مجهول الحال عند السيد الخوئي وجماعة من العلماء، وهو الصحيح، ويمكن مراجعة نظر السيد الخوئي فيه ضمن كتاب معجم رجال الحديث ج3، ص 121 ـ 122.
ثالثاً: إنّ أبا محمد العلوي الدينوري رجل مهملٌ جداً، لا ذكر له على ما يبدو في كتب الرجال لا عند الشيعة ولا عند السنّة، ولم يذكره السيد الخوئي أساساً في المعجم، والقاعدة الغالبة تقول بأنّ كلّ من لم يذكره السيد الخوئي في المعجم، فهو غير ثابت الوثاقة عنده. ومن البعيد أن يكون هذا الرجل هو الحسن بن علي الدينوري العلوي؛ لأنّ الصدوق يروي عن هذا الرجل مباشرةً عن زكّار العلوي، فكيف يمكن أن يكون بينه وبين أبو محمد العلوي الدينوري هنا واسطتين هما: أحمد بن محمد بن يحيى العطار، ووالده محمد بن يحيى العطار، مع أنه يروي عن الحسن العلوي بدون واسطة، مما يدلّ على تغايرهما؛ فلهذا كلّه يكون هذا الحديث ضعيف السند عند السيد الخوئي.
أما على مستوى المتن، ففيه ـ من وجهة نظري المتواضعة ـ بعض الغموض البدوي على الأقلّ؛ إذ في أوله يقول بأنّ الصلاة شرّعت ركعتين ركعتين، ثم يقول بأنّ ركعتي المغرب زيدت فيها ركعة شكراً لمولد الزهراء صلوات الله عليها، ثم يقول بأنّ ركعتين زيدتا للحسن واثنتين للحسين عليهما السلام، فإذا قصد أنه بعد المغرب زيدت ركعتان، ثم ركعتان، فصارتا أربعاً، فصارت صلاة العشاء، فكيف قال في البداية بأنّ الصلوات شرّعت ركعتين ركعتين، مما يعني أنّ العشاء منذ الأوّل كانت ركعتين، فلو زيدت بعد المغرب أربع ركعات للحسنين، لصارت العشاء ست ركعات. وأما إذا قصد أنّ الركعتين المضافتين للحسن ثم للحسين عليهما السلام، مزيدتان على الصلوات الرباعيّة، فهذا يعني أنّ هناك صلاتين رباعيتين، وليس ثلاثاً، مع أنّ لدينا ثلاث صلوات رباعيّة. ثم الرواية نفسها تقول بأنّ الرسول منذ البداية أضاف على الاثنتين اثنتين إلا المغرب والصبح، مما يعني أنّ الصلوات الرباعية قد أضاف إليها الرسول قبل المولد الحسني والحسيني ركعتين، فصارت هناك ثلاث صلوات رباعية، فما معنى الزيادة هنا أربع ركعات لمولد الحسنين؟! اللهم إلا إذا قُصد من الركعات الأربع بعد مولد الحسنين ـ سلام الله عليهما ـ نافلة صلاة المغرب، لا صلاة العشاء، كما هو غير بعيد، فلا يأتي هذا الإشكال المتني. وعلى أيّة حال فإنّني أرجّح ـ وهو المتعيّن عند السيد الخوئي وفقاً لنظريّاته الرجاليّة ـ أنّ هذا الحديث ضعيف. والله العالم.