السؤال: ينقل عن الإمام الرضا عليه السلام أنّ النبيّ الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ليس بأمّي ـ لايقرأ ولا يكتب ـ بل هو يعرف القراءة والكتابة، وإلا لو كان أمّيّاً لما بُعِثَ لأمّيين قال تعالى: (هو الذي بعث في الأمّيين رسولاً منهم).. فمعنى الأمّي ـ حسب تعبير الامام الرضا ـ هو من انتسب (لأمّ القرى)، فأكثر من واحد يطلق عليهم (أميّون) نسبة لمكّة أو أمّ القرى.. لكنّ السؤال الوارد هنا: لو كان النبيّ يقرأ ويكتب، وعلمه من الله تعالى، وليس على يدي بشر قال تعالى: (علَّمه شديد القوى)، فكيف يتوافق ذلك مع الآية: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت: 48)؟ ألا تلاحظون بأنّ هذه الآية تنفي القراءة والكتابة عن النبيّ؟! إذلو كان يعرف القراءة والكتابة لاحتجّ عليه المشركون أو (المبطلون) وقالوا: إنّ هذا الكتاب من عندك أنت ألَّفته لذلك لا نقبله، لكن ما يظهر هو العكس، فقد كان الناس على علمٍ بأنّ النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّملا يقرأ ولا يكتب.. ما هو ردّكم؟ وفقكم الله لكلّ خير وحفظكم من كلّ مكروه.
الجواب: انقسم المسلمون فريقين في قضيّة أمّية النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، ففيما ذهب فريق ـ وهو مشهور جدّاً ـ إلى أنّ النبيّ كان أميّاً، بمعنى لم يكن يعرف القراءة والكتابة، مستدلاً بمثل قوله تعالى: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت: 48)، قال فريقٌ آخر بأنّ النبيّ كان أميّاً بمعنى أنّه لم يدرس عند أحد، ولم يسبق له أن كتب أو قرأ نصّاً مسطوراً، وهذا غير أنّه لا يعرف القراءة والكتابة بتعليمٍ من الله سبحانه، من هنا قالوا بأنّ (وما كنت تتلو) تفيد دخول (كان) على المضارع، وهو ما يفيد في اللغة العربية نفي الفعل أو العادة، لا نفي القدرة أو المعرفة، فعندما أقول: ما كان زيد يأتينا، دلّ ذلك على نفي عادته أو فعله، وأنّه ماكان يأتي، لا أنّه ما كان يمكنه أن يأتي، أو ما كان يعرف أن يأتي، وبهذه الطريقة ذهب القائلون بعلم النبيّ بالقراءة والكتابة إلى أنّ الاحتجاج على قريش وأهل مكّة كان بما يعرفونه من أمر النبي، وهو أنّه ما درس عند أحد، إذ مع قلّة عدد الذين يعرفون القراءة والكتابة في مكّة، كان من المفترض أن يُعرَف ويميّز الذين يعرفون القراءة والكتابة عن غيرهم، ويشيع أمرهم بين أهلهم وقومهم في مجتمعٍ صغير كمكّة. يضاف إلى ذلك، أنّ النبيّ ما كان يُعرف عنه أنّه يهتمّ بالكتب، فلم تكن لديه مكتبة، ولا كان يستنسخ الكتب، وهذا يعني أنّ قريشاً سوف تتأكّد من أنّ النبيّ ما جاء بهذا الذي أتى به من استنساخ، إذ لو كان كذلك لكان يفترض أنّ محمداً يُعرف بالاهتمام بأمر الكتب، أو شوهد ولديه كتاب يقرؤه أو يستنسخه، حتى إذا بلغ من العمر أربعين سنةّ مثلا ادّعى أنّه نبي، وما دعواه سوى هذه المعرفة التي أتى بها من الكتب السماوية السابقة مثلاً، وعلى حدّ تعبير الدكتور محمد عابد الجابري رحمه الله ـ على ما ببالي ـ فإنّ الآية تنفي أن يكون النبيّ من أهل الكتب والمكتبات والقراءة والمطالعة، فلم يجدوا بين يديه كتاباً يطالعه أو مخطوطةً يستنسخها، فما بالهم يدّعون أنّ ما أتى به كان من الكتب؟! وبهذه الطريقة يقول القائلون بعدم أمّية النبي بأنّ هذه الآية لا تريد نفي معرفته بالقراءة والكتابة أو نفي قدرته عليهما، بل تريد نفي كونه مهتماً بأمر الكتب قراءةً ومطالعةً ونسخاً وتلمّذاً وغير ذلك.
ولكنّ مجرّد أنّ هذه الآية لا تدلّ على أميّة النبيّ، لا يعني أنّ النبي لم يكن أميّاً، فعلى القائلين بعدم كونه أميّاً أن يثبتوا ذلك بالدليل، ولهذا وجدنا مناقشات وردود حول الروايات الواردة في نفي أميّة النبي، من حيث كونها قليلة العدد جداً، وضعيفة المصدر والإسناد، بحيث يصعب التأكّد منها، إلا إذا قلنا بالنظريّة الكلامية القائلة بأنّ النبي يعرف كلّ شيء، ومنه معرفته باللغات جميعاً، كما يرى ذلك جمعٌ من أهل السنّة والصوفيّة والشيعة، فإذا صحّ هذا المذهب الكلامي أثبتنا علمه بالقراءة والكتابة من الله، وهو علمٌ يُثبت نبوّته ولا يشكّك فيها؛ لأنّه من الله، وليس بالتلمّذ على يد الناس، فلا يتناقض مع الآية ومرادها هنا، فليلاحظ جيّداً. هذا، والكلام في أميّة النبي طويلٌ جداً، وكُتبت فيه مساهمات عديدة، لاسيما في تفسير كلمة (الأمّي) الواردة في القرآن الكريم، وتفسير كلمة (الكتاب) بمعنى (الكتابة) عند بعضهم، في قوله تعالى: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيم) (الشورى: 52)، فلتراجع، كي لا نطيل.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله علي سيدنا محمد وسلم تسليما
كلمة : من قبله في الآية تفسر كل الإشكال.
وضمير الغائب في قوله تعالى: تخطه.. يوضحه.
والسلام
ألسلام عليكم أعتقد أن ألنفي كان قبل نزل ألوحي لأن ألٱية تتبت ذالك
القول الفصل في هذا الموضوع هو انه لم يرد عن الرسول الكريم ص انه مارس الكتابه والقراءة ومثال ذلك ما حصل في صلح الحدبيبية فكان الكاتب علي ع وهذا لا ينفي قدرة الرسول ص على القراءة والكتابة والذين يصرون على ان النبي ص غبر امي فأنهم يؤيدون الشبهات التي تثار ضد الرسول الكريم ص بانه اطلع على التوراة والانجيل والف القران الكريم ### وقالوا اساطير الاولين وهذه الشبهات تثار قديما والان من قبل النصارى اليوم
القول في تأويل قوله تعالى : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ( 48 ) )
يقول – تعالى ذكره – : ( وما كنت ) يا محمد ( تتلوا ) يعني : تقرأ ( من قبله ) يعني : من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك ( من كتاب ولا تخطه بيمينك ) يقول : ولم تكن تكتب بيمينك ، ولكنك كنت أميا ( إذا لارتاب المبطلون ) يقول : ولو كنت من قبل أن يوحى إليك تقرأ الكتاب ، أو تخطه بيمينك ، ( إذا لارتاب ) يقول : إذن لشك – بسبب ذلك في أمرك ، وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه عليهم – المبطلون القائلون إنه سجع وكهانة ، وإنه أساطير الأولين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) قال : كان نبي الله – صلى الله عليه وسلم – أميا ؛ لا يقرأ شيئا ولا يكتب .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ) قال : كان نبي الله لا يقرأ كتابا قبله ، ولا يخطه بيمينه ، قال : كان أميا ، والأمي : الذي لا يكتب . [ ص: 51 ]
حدثنا ابن وكيع قال : ثنا أبو أسامة ، عن إدريس الأودي ، عن الحكم ، عن مجاهد ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ) قال : كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يخط بيمينه ، ولا يقرأ كتابا ، فنزلت هذه الآية .
وبنحو الذي قلنا أيضا في قوله : ( إذا لارتاب المبطلون ) قالوا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إذا لارتاب المبطلون ) إذن لقالوا : إنما هذا شيء تعلمه محمد – صلى الله عليه وسلم – وكتبه .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( إذا لارتاب المبطلون ) قال : قريش .