السؤال: كيف تفسّرون عدم استجابة أقارب الرسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ وفيهم أبو طالب ـ عندما دعاهم امتثالاً لأمر الله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين)؟
الجواب: إذا صحّ وقوع هذا تاريخيّاً، فإنّه أمرٌ متوقّع، حيث لم يكونوا قد آمنوا به بعدُ، أو ربما آمن بعضهم به ولكنّه لم يصل إلى مرحلة الشجاعة بإعلان إسلامه، أو إلى مرحلة الإقرار بقضيّة الولاية لعليّ عليه السلام المتضمّنة في حديث الدار. وعدم إسلام أقرباء النبيّ ليس نقطة ضعف في نبوّة النبي، كما يوحي به بعض النقّاد اليوم، بمن فيهم بعض المستشرقين والناقدين المسيحيين المعاصرين؛ لأنّ سيرة كثير من الأنبياء والرسل والصالحين والمصلحين الاجتماعيّين والمفكّرين النهضويين كانت قائمةً على أنّهم كانوا يحارَبون من أقرب الناس إليهم، وهذا التاريخ ببابنا فلنقرأه.
وأمّا وجود أبي طالب، فإذا قلنا بأنّ إسلامه لم يثبت، كان الأمر واضحاً، وإذا قلنا بثبوت إسلامه من خلال المعطيات التاريخيّة في أنّه أسلم، فهذه المعطيات قد يقول المنتصرون لها هنا بأنّها لا تثبت أنّه أسلم منذ بدايات إعلان الدعوة، بل أسلم بعد ذلك، فلا يضرّ موقفه في تلك الحادثة بأصل إسلامه الثابت تاريخيّاً وأنّه مات مسلماً، وأمّا إذا قلنا بأنّ آباء الأنبياء والأئمّة لم يكونوا كافرين يوماً بمطلق أنواع الكفر الشامل للكفر بالرسالة النبويّة، فهنا لابد من تفسير سكوت أبي طالب على أنّه تقيّة أو بتوجيه نبوي أو غير ذلك، ويترجّح هنا حُسنُ تقديم معطيات موثقة تقوّي هذا الاحتمال.