السؤال: جاء في بعض الروايات أنّ السيدة زينب عليها السلام نطحت رأسها بعمود مقدّم محمل الناقة، وفي بعضها أنّ الإمام زين العابدين نطح راسه بالجدار، مع العلم أنّ كلمة (نطح) في اللغه كلمة تُستخدم للحيوان ـ أستغفر الله ـ فكيف صارت تستعمل في حقّ أقدس أهل الارض آل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلّم؟!
الجواب: سبق أن تحدّثنا في دروس التفسير القرآني عن ما اعتبرناه قاعدةً في الفهم اللغوي والتفسيري، وهي قاعدة أن لا يغترّ الإنسان بما ينسبق إلى ذهنه من الكلمات، لاسيما لو كان هو إنساناً عربيّاً، بل عليه دوماً أن يرجع إلى المصادر اللغوية والاستخدامات العربية القديمة للكلمة. ومن تطبيقات هذه القاعدة كلمة (نطح)، فهي تنصرف عندنا اليوم عربيّاً إلى الحيوانات والكبش والماعز والثور ونحو ذلك، وهي في جذرها اللغوي تستعمل بهذا المعنى أيضاً، لكنّها لا تقف في لغة العرب عند هذا الحدّ، بل يستخدمها العرب في مطلق المواجهة الشديدة المباشرة (وجهاً لوجه)، يقول الفراهيدي: (النَّطْح للكباش ونحوها، وتَنَاطَحَت الأمواج والسيول والرجال في الحروب. والنَّطِيح: ما يأتيك من أمامك من الظباء والطير وما يزجر..) (العين 3: 172؛ وانظر أيضاً: المحيط في اللغة 3: 26). ومنه قيل: نواطح الدهر أي شدائده التي يواجهها الإنسان، ويقولون: أصابه ناطحٌ أي أمر شديد (انظر: الصحاح 1: 412؛ ومعجم مقاييس اللغة 5: 442؛ ومفردات القرآن: 811).
وهذا يعني أنّ هذه الكلمة قد بدأت عند العرب في منطلقها مع تناطح الكباش ونحوها، ولكنّ العرب على طريقتهم ـ وهي طريقة أهل اللغة عموماً ـ يقومون بتوسعة المفهوم ليطبّقوه على مطلق المواجهة الشديدة المباشرة بين شيئين، دون أن يحمل التطبيق الجديد كنايةً سلبيّة في تشبيهه بالحيوان، ولهذا نحن نقول اليوم للأبنية الشاهقة الارتفاع: (ناطحات السحاب)، دون أن يأتي إلى ذهننا مفهوم الكبش والماعز والثور؛ لأنّنا أخذنا من النطح جذره المعنائي، وليس دلالته التطبيقيّة على الحيوان. ومثل هذا كثير للغاية في لغة العرب؛ فالعرب قد أخذوا أكثر مفرداتهم من طبيعة حياتهم المحيطة بهم، ولهذا تجد أنّ الكثير من الكلمات أساسها عندهم زراعي نباتيّ حيواني، ثم من ذلك اشتقّت لتأخذ لها معنى أوسع في الحياة، مثلاً كلمة فسق، استعملت بمعنى خروج نواة التمرة منها، لكنّ العرب وسّعتها لمطلق الخروج عن الحالة السويّة الأصليّة وهكذا. من هنا فكلمة النطح في هذه الروايات التاريخية لا تستبطن بالضرورة مدلولاً سلبيّاً حتى ننفي هذه النصوص التاريخية من خلالها، وإنّما ننفيها بوسائل نقديّة أخرى، وقد سبق أن أجبنا عن رواية نطح الإمام زين العابدين رأسه بالجدار وقلنا بأنّها غير ثابتة، فليراجع.
بسم الله الرحمن الرحيم
كلام الشيخ سديد ؛ لكنّه لا يخلو من الخدش ، فالمعنى المعجمي المقترن بالسياق هو الذي أخرجه لما يخطر في عقول السائلين !
فالنطح المقرون بالاسناد ( نطحت رأسها ) ليس كما ذكر الشيخ من عموم النطح المسلوب منه وصف القدح …
لماذا تخدش زينب رأسها بعمود الخيمة او حتى تضرب راسها بفاس … الا يفترض انها تعلم سلفا بان الحسين سيقتل وانها ستسبى وانه لن تبقى عين تطرف من عائلتها كما يقول رجال الدين ؟! هل فوجئت زينب بان اخيها قتل ولم يحقق شيئا مما كان يصبو اليه فضربت رأسها ام انها اساسا كانت تعلم بقتله وضربت نفسها جزعا من قضاء الله وقدره كما تزعمون؟! الحسين سيد شباب اهل الجنة على حد قول محمد يذهب شهيدا تاركا هذه الدنيا الى الجنة وهو قد اخطر زينب مسبقاً بان هذا هو خياره الوحيد وزينب المتعلمة تضرب رأسها هنا وهناك جزعا من المصير .. ماذا ابقت زينب لنسائنا اذن ولم تفعله ؟! وما حال اي امراة منا عندما تفقد اخا عزيزا على قلبها بصورة مفاجئة تماما وهي غير متاكدة ان كانت يمكن ان تراه في الجنة ام ﻻ كالحسين ؟! هل يبيح لها الاسلام وفق هذه النظرة الضيقة التي تجعل لكل تصرف عابر او إنساني صفة التشريع والقداسة ان تهشم معظم راسها بالحائط او تكسر بعض اضلاعها مثلاً ؟!
لا اعلم شيئا هو اكثر جزعا واعتراضا على القضاء والقدر بل اعتراضا على قرار الحسين نفسه بالقتال حتى الموت من ان تاتي اخته لحظة قتله وتضرب رأسها بالحائط؟! لماذا تهشم زينب راسها بعد موت الحسين واتخاذه قرار المواجهة كان يمكنها ان تهدد الحسين بتهشيم رأسها امامه عندما كان على قيد الحياة لتعدل به عن قرار المواجهة الى قرار الاستسلام وبذلك تربح راسها واخيها ما دامت رافضة من الاساس ان يستشهد اخيها ويذهب الى الجنة بهذه الطريقة المغالية من الجزع ؟!
وبالمناسبة أيضاً زينب لم تفقد الحسين وحده بل فقدت ثلاثة او اربعة ابناء والعديد من الاخوة وابناء الاشقاء في تلك الحادثة ولو كانت ضاربة رأسها لضربته منذ البداية فالجميع حياته عزيزة على قلبها كالحسين وشتان ما بين زينب التي يروجون لها وزينب التي تقول لابن زياد عندما شمت بها قائلاً ( كيف رايت صنع الله بك وبطاغيتك الحسين؟) فاجابته: ( ما رايت الا جميلاً .. هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مصارعهم ! ) فزينب التي تبدو هنا هي شخص إنساني لا ينكسر كالجبال يستند على بركان من العقيدة والمعنويات العالية .
ولعمري ليت شعري اذا كان الحسين يعلم أساساً حق اليقين انه مقتول لا محالة منذ باديء ذي بديء اي فائدة في ان يجلب زينب وامثالها من نسائه الى الكوفة اذا كان الحسين عليه السلام صادقا في دعواه هيهات منا الذلة فلا توجد ذلة على المرء اكثر من ان تسبى اخته او زوجته وابنته او تسلب وتهان وتذل بموافقته ثم هو يدعي الاباء والشهامة ؟! فالعقل يدل على ان الحسين لم يكن يعلم شيئاً عن مسألة موته البتة والاحاديث التي تدعي مثل ذلك كلها مكذوبة حكماً وانه كان يعتقد انه ملك العراق المتوج لشدة ما اغراه اشباه الرجال من اهل الكوفة ومن الشيعة بالدرجة الاساس لا سيما سليمان بن صرد واتباعه فانهم هم الذين يتحملون الوزر الاكبر في استدعاء الحسين وعدم الوفاء بنصرته وهم يعرفون ذلك والا لم يسموا انفسهم بالتوابين بعد قتل الحسين فان التوبة ﻻ تكون اﻻ من ذنب لا من سراب ذنب فقد خدعوا الحسين واوهموه ان كل شيء مستتب له في العراق وان ما عليه الا ان يهاجر باهله وعياله ليستلم السلطة كما هاجر جده الا المدينة وشتان بين وفاء اهل المدينة بني النجار وبين دناءة هؤلاء وتقلبهم كما شت ما بين السماء واﻻرض .