• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
59 تعليق على استدلالاتٍ قرآنية للعرفاء على صحّة منهجهم 2014-05-12 0 1275

تعليق على استدلالاتٍ قرآنية للعرفاء على صحّة منهجهم

السؤال: يستدلّ بعض العرفاء ـ ومنهم العلامة الطباطبائي ـ على صحّة المنهج الكشفي والقلبي في المعرفة بآيتين هما: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: 69)، و (…وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة: 282)، على أساس أنّ الجهاد في الله وهو الجهاد الروحي يؤدّي إلى الهداية، وأنّ تقوى الله يحصل منها تعليم الله للإنسان، فما هو رأيكم بهذا الاستدلال؟ (فريد، لبنان).

 

الجواب: أولاً: لو سلّمنا أنّ معنى (جاهدوا فينا) هو جهاد النفس، فإنّ غاية ما تدلّ عليه الآية الكريمة هو أنّ الله يهدي أولئك الذين يعملون على تهذيب نفوسهم وتطهيرها من المساوئ الأخلاقية والانحرافات الروحية، لكنّ الآية لا تشير إلى طبيعة الهداية، وهل هي هداية عبر الكشف القلبي أم هداية العقل وتصويب الفكر والسلوك؟ فهذا مثل قولك: طهّر قلبك وسوف أعلّمك علم الفيزياء، فهو لا يعني أنّ تطهير القلب هو وسيلة مباشرة بحيث لا دور للعقل في معرفة الفيزياء، نعم الآية مهمّة من جانب آخر سبق أن أشرتُ إليه في كتابي (مسألة المنهج في الفكر الديني)، وهو أنّ تهذيب النفس وتقويم الشخصيّة الإنسانية له دور في الهداية ورؤية الحقّ؛ لأنّ النفس المريضة الخاضعة لأهوائها وميولها سوف تخضع في فكرها في كثير من الأحيان لهذه الميول، الأمر الذي سوف يؤدّي إلى انحراف في الفكر والمعرفة، فحبّ الأنا قد يفضي بالإنسان إلى إنكار الحقّ عندما يكون الحقّ لغير مصلحته وأنانيّته، وسيفضي الغضب إلى التسرّع في إصدار الأحكام والمواقف الثقافيّة والدينية، وستكون النفس المصلحيّة التي تتبع المال والجاه مستعدّةً لإقناع ذاتها بصحّة منهج أو مذهب فكري معيّن؛ لأنّ هذه النفس تنتفع بهذا المنهج وتعتاش عليه. نعم العلاقة وطيدة وفي غاية المتانة والوثوق بين الأخلاق والمعرفة، وهذا شيء يكاد يكون واضحاً، لهذا كانت لي ملاحظة متواضعة على مثل مشروع الدكتور محمّد عابد الجابري، في أنّه اعتبر، أو فلنقل: حصر المشكلة في العقل العربي، فيما أعتقد شخصيّاً أنّ هناك وجهاً آخر للمشكلة، وهو عبارة عن الشخصيّة العربيّة، فلابدّ أن نكتب أيضاً في نقد الشخصيّة العربيّة، فهل هي شخصيّة سويّة أم تعاني من أمراض لأسباب أو لأخرى؟ فعندما لا تكون شخصيّتك سليمة ومتوازنة تعتمد الأخلاقية والمهنية والتجرّد والموضوعيّة (وهذه كلّها صفات ترجع للبعد الروحي والأخلاقي) فإنّك قد لا تصل إلى نتائج سليمة، بل ستظلّ تدافع عن الباطل وتوهم نفسك أنّه الحقّ، وهذه هي مشكلة الكثير من خصوم الأنبياء في عصورهم، فلو نحن تتبّعنا نصوص خصوم الأنبياء واحتجاجاتهم في القرآن والإنجيل والتوراة فسنرى أنّ أغلبيتها لا تنطلق من بُعد موضوعي معرفي عقلي بقدر ما تنطلق من استبعاد فكرة معيّنة، أو أنّه لم يعهدها آباؤهم، أو استخدام منطق السخرية والاستهزاء والتهاون بالأمور، وكلّها مساوئ أخلاقيّة تفضي بالإنسان إلى إنكار الحقّ، وعدم الاستعداد للجلوس مع الحقّ جلوساً علميّاً موضوعيّاً هادئاً طالباً للحقيقة بأمانة وصدق، ولهذا قال تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (النمل: 14).

ولهذا كنت دائماً أقول بأنّ المواقف الفكرية المعارضة للدين اليوم تشبه ـ في بعض جوانبها ـ طبيعة المنطلقات التي انطلق منها خصوم الأنبياء، لكنّ بعض جوانبها الأخرى لا تشبهها إطلاقاً وإنّما هي مسبَّبة عن الأزمة المعرفيّة وليس الأزمة الأخلاقيّة، وأنّ علينا أن نميّز في هذا الإطار حتى لا نُسقط الآيات القرآنية على كلّ واقعنا بطريقة خاطئة، فالقرآن الكريم كان بالدرجة الأولى يواجه اللاموضوعيّة عند العرب وقريش، ولم يكن في مقابله مفكّرون يثيرون فكراً علميّاً قد يكون خاطئاً، فهذه حالة محدودة، وجملة من نصوص القرآن لابد من فهمها في هذا السياق، ولا أدّعي الشموليّة، ومن هنا كان يرى مثل السيد محمد باقر الصدر فيما ينقل عنه، وكذلك ما ينقل عن السيد الخوئي شفاهاً، من أنّ عصرنا هو عصر شكّ نوعي، وليس كلّ من شكّك في قضيّة دينية فهو مرتدّ؛ لأنّ إنكار الضروريات عن شبهة لا يوجب الكفر، كما أنّ معنى كونه ولد من أبوين مسلمين ـ كما ينقل شفاهاً عن السيد الخوئي ـ ليس المعنى المادي، بل بمعنى أنّه عاش المحيط الإسلامي الذي يوجب القناعة بصحّة الدين بشكل طبيعي، وهو ما قد لا ينطبق في الجملة على بعض الحالات المعاصرة، وللحديث في هذه القضية مجالٌ آخر، لا نستطرد فيه الآن.

وعليه، فجهاد النفس وإصلاح السلوك وتهذيب الروح كلّها مناهج لإصلاح الذات العاقلة حتى يمكن للعقل أن يتحرّك متحرّراً من الذات الأنانية الراغبة في مصالحها، وبهذا تكون هناك علاقة محكمة بين (جاهدوا فينا) و (لنهدينّهم سبلنا)، فكلّما طهّر الإنسان نفسه من المصالح والذاتيّات والأنانية واستعدّ لتقبّل الحقيقة كيفما كانت ـ استعداداً حقيقيّاً لا شكليّاً ـ صارت هناك فرصة أكبر لاكتشاف الحقيقة أو بعض زواياها المضيئة، فلا ربط للآية لزوماً بالمنهج الكشفي عند العرفاء.

ثانياً: إنّ الأمر بتقوى الله تعالى في الآية الكريمة، ثم تعقيب ذلك بأنّ الله يُعلّمكم، يجري على نفس المنوال الذي شرحناه في الآية السابقة، بل توجد هنا مشكلة أخرى، وهي أنّ حرف (الواو) في لغة العرب لا يفيد الترتيب، فضلاً عن العليّة والسببية، فإذا قلت: راجع دروسك وأنا أصلح المدفئة، فهذا لا يعني بالضرورة أنّ مراجعة الدروس يكون في البداية وإصلاح المدفئة يكون بعد ذلك، كما لا يعني أنّ مراجعة الدروس علّة لإصلاح المدفئة، بل هو مجرّد احتمال، وهكذا إذا قلت: جاء زيد وعمرو، فإنّه لا يعني أنّ زيداً جاء قبل عمرو، كما لا يعني أنّ مجيئ زيد كان السبب في مجيئ عمرو؛ لأنّ حرف الواو يفيد الاشتراك، ولا يفيد الترتيب ولا التعليل، أمّا لو قال: اتقوا الله فيعلّمكم الله، لربما استعطنا الاقتراب من الفكرة المدّعاة، لكنّ العطف بالواو لا ينفع لوحده، ما لم تكن هناك قرينة أو شاهد إضافي.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36841774       عدد زيارات اليوم : 1969