السؤال: الأخ الأستاذ حيدر حب الله حفظه المولى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد السلام والدعاء لكم بالصحة والعافية، فلقد اطّلعت على ردّكم على سؤال حول هذه الرواية: (قولوا فينا ما شئتم ونزّهونا عن الربوبية)، والحقّ أنّه ردّ مفيد ومستوعب وجهد مقدَّر، وفّقكم الله لكلّ خير. وقد كنت بحثت جزئيّاً حولها منذ فترة، ولديّ بعض المداخلات والاستفسارات حول بعض ما ورد في ردّكم، أودّ إفادتي برأيكم مشكورين جدّاً (أبو عبد الله).
الجواب: بعد الشكر على تفضّلكم بهذه المداخلة، سوف أقوم بالتعليق ـ مختصراً ـ على كلّ نقطة من النقاط التي أوردتموها بعد ذكرها، وذلك على النحو التالي:
(أبو عبد الله) أولاً: بالنظر إلى الروايات التي وردت في الردّ يتضح أنّ جلّها ـ إن لم نقل كلّها ـ تشترك في المضامين التالية: اجعلونا مربوبين، وفي بعضها عبيداً، مخلوقين، مرزوقين، إلى جانب ما وقع فيه النقاش: وقولوا فينا ما شئتم، وفي بعضها: لن تبلغوه. ويظهر أنّها تكاد تكون قاسماً مشتركاً بينها.
(حب الله): هذا صحيح لا غبار عليه.
(أبو عبد الله) ثانياً: المصادر التي اشتملت على المضمون، فهي البصائر للصفّار بطريقين، وتفسير العسكري، والخصال للصدوق، وتحف العقول للحراني، والهداية للخصيبي، والاحتجاج للطبرسي، بالإضافة إلى الحلّي في مختصر البصائر، والراوندي في الخرائج، وابن حمزة في الثاقب، والحافظ البرسي في المشارق، والإربلي في كشف الغمّة.
(حب الله): هذا صحيح أيضاً، لكنّ أغلب هذه المصادر من الدرجة الثالثة، مثل تفسير العسكري وتحف العقول والاحتجاج، فضلاً عمّا بعدها، وهذا يجب أخذه بعين الاعتبار، وإلا فتكثير المصادر ليس دليلاً على قوّة الحديث دائماً كما تعرفون، والمهم قبل التكثير هو التمييز، بحيث نضع المصادر ضمن مجموعات، تمثل كلّ مجموعةٍ طبقةً معيّنة من طبقات المصادر، وحينئذٍ فقد تكون خمسة مصادر من الدرجة الثالثة تساوي في القيمة مصدراً واحداً من مصادر الطبقة الأولى، وهذه أحد أخطاء الجدل المذهبي أيضاً، فقد يستند الشيعي في الاحتجاج إلى مثل كتاب ينابيع المودّة للقندوزي، فيما يستند السنّي إلى مثل كتاب عوالي اللئالي للأحسائي، ويرى الطرفان في المقابل أنّ هذه المصادر لا ترتقي إلى مستوى الاحتجاج؛ لأنّها مصادر من الدرجة الثالثة أو الرابعة التي لا تعبّر عن الحديث عند هذا الفريق أو ذاك، ولهذا كلّه عِيبَ على بعض المؤرّخين المعاصرين، كما تعرفون، أنّه يكثر المصادر في الهامش، وكلّها أو أغلبها غير مهمّ في إثبات الحدث التاريخي، كأن يقول لك مثلاً بأنّ السيد شرف الدين ذكر هذه الحادثة التاريخيّة في الكتاب الفلاني، نعم هو من باب التأييد لا أكثر مقبول.
(أبو عبد الله) ثالثاً: كما هو معروف أنّ بعضهم صرّح في مقدّمته بما مفاده أنّه حذف الأسانيد للاختصار والتسهيل، غير أنّه ما روى فيه إلا بما يعتقد صحّته واعتباره وما شابه، ممّا قد يستظهر بعض منه بأنّه بمثابة تصحيح للروايات التي نقلها أو كونها معتبرة ـ على الأقلّ ـ كما في تحف العقول والاحتجاج.
(حب الله): أعتقد أنّكم أعلم منّي بهذا، فليس كلّ من قال بمثل هذه المقدّمات في الكتب معناه أنّ كتبه صحيحة، وليس كلّ من صحّح روايات كتابه من القدماء فهو يقصد التصحيح السندي بمعنى توثيق الرواة؛ إذ الصحّة في الكثير من كلمات المتقدّمين تعني الثبوت، وقد يثبت الخبر عنده ويكون صحيح السند، وقد يثبت للقرائن، وإلا لزم الحكم بصحّة كلّ روايات كتاب من لا يحضره الفقيه، فأمّا تصحيحه الصدور للقرائن عنده ـ مع العلم أنّ بعض روايات هذه الكتب واضح الضعف ـ فهو ليس حجّةً علينا؛ لأنّ هذه القرائن لم تتضح لنا، ومجرّد أنّه حصل له اطمئنان بالحديث لوجود قرائن لديه، لا يعني أنّ هذه القرائن لو وصلتنا فستكون مقنعةً لنا، لاسيما وأنّ الكثير من المتقدّمين لا نعرف شيئاً عن مناهجهم في إثبات الحديث، فقد يكونون سريعي التصديق كبعض المعاصرين، وقد يكونون متشدّدين كبعض المعاصرين أيضاً، ولم يشرح الكثير منهم لنا منهجَه الذي اعتمده، بل أطلق القول بالتصحيح بلا بيان، بحيث من الصعب في بعض الأحيان تحصيل معلومات دقيقة عن منهجه كي نخضعه للمحاكمة وتحديد إمكانية الوثوق به. نعم، إذا قصدتم جعل هذا شاهداً على الوثوق وقرينة لا دليلاً فلا بأس. فإذا كان كذلك لزمنا ملاحظة قرائن عدم الوثوق أيضاً، مثل: ضعف سند كلّ الروايات أو أغلبها على الأقلّ، ووجود أغلبها في مصادر بعيدة زمنيّاً نسبيّاً، وفقدان جملة منها للأسانيد أساساً، وعدم تداولها في كتب العلماء بوصفها مرجعاً حديثيّاً في قضايا الإمامة مع أهميّتها في نظري، وغياب أسماء كبار الرواة عن أسانيدها، وغياب مثل كتاب الكافي عنها، ووجود تعبير (نزّهونا) في بعضها مما يشكل مشكلةً متنيّة، وشبهة معارضتها للكتاب الكريم، وتناسب بعض متونها مع لغة الصوفيّة، وبُعدها عن لغة القرن الأوّل الهجري، وإمكانية استفادة الغلاة منها، لاسيما الغلاة الذين كانوا يقولون بنبوّة الأئمة كما تفيده صحيحة ابن أبي يعفور المعروفة التي ينقلها الشيخ الكشي، وهذا ما يعني توفّر الدواعي للكذب فيها أيضاً. وغير ذلك. ثم بعد ذلك نقوم بحساب مديات الوثوق وعدمه، فهل يحصل اطمئنان بالصدور في مثل هذه الحال أم لا؟
(أبو عبد الله) رابعاً: إنّ جلّ ما قيل عن الرواة في المصادر التي ذكرت السند بأنّهم بين مهمل أو مجهول، ولم يرد في أحدهم تصريحٌ بالكذب أو الوضع.
(حبّ الله): هذا جيّد جدّاً، لكنّكم لم تشيروا إلى وجود إرسال ـ جزئي أو كلّي ـ في أغلب هذه الروايات، ومع الإرسال يصبح احتمال وجود الوضّاع وارداً، وهذا هو الفرق بين الحديث المرسل والمسند في بعض الجوانب، ففي الحديث المسند ـ ولو كان رواته غير موثقين، لكنّهم غير مضعّفين ـ يقلّ احتمال الوضع مقارنةً بالحديث المرسل الذي يمكن عادةً أن يكون راويه أحد الوضّاعين المشهود عليهم بالكذب ولم يذكر اسمه في السند.
(أبو عبد الله) خامساً: ذكرتم في الردّ أنّ سند الصدوق في الخصال اشتمل على القاسم بن يحيى والحسن بن راشد ولم يوثقا. بل يذكر أنّ ابن الغضائري ضعّف الأوّل، ولكن ـ وكما هو معروف ـ ردّ جملة من المحقّقين تضعيفاته إمّا لعدم ثبوت الكتاب إليه، أو لتسرّعه وتشدّده وما إلى ذلك. غير أنّ السيّد الخوئي انتهى إلى وثاقة القاسم؛ لتوثيق ابن قولويه صاحب الكامل، ولحكم الصدوق بصحّة ما رواه في زيارة الحسين عليه السلام عن الحسن بن راشد، وفي طريقه إليه القاسم بن يحيى، بل ذكر الصدوق بأنّها أصحّ الزيارات عنده. (المعجم 14/65)، وأكّد على وثاقته في ترجمة الحسن بن راشد (4/324). وعليه فهو ثقة عند من يستظهر ويعتمد التوثيق العام لابن قولويه في الكامل، مضافاً إلى ما قد يستفاد من تصريح الصدوق في الفقيه. أمّا الحسن بن راشد فقد ذكر السيد الخوئي في المعجم بأنّه ثقة. وعدّه الشيخ المفيد في العددية من الفقهاء الأعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام الذي لا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لذمّ واحد منهم. وذكره الشيخ في الغيبة من الممدوحين من وكلاء الأئمة عليهم السلام. وذكر السيد عدّة روايات في فضله، ولكنّه قال: إنّها ضعيفة، والمعتمد عليه هو رواية الشيخ في الغيبة (4/326)، مما يعني أنّ السيد الخوئي انتهى إلى وثاقته، مضافاً إلى ما جاء في كلام الصدوق المتقدّم عنه وعن صاحبه. وأذكر أنّي قرأت ـ فيما سبق ـ رأياً منقولاً عن المجلسي في بحث آخر وردا في طريقه، بأنّه قال ما مفاده أنّه أكثر الطرق وثاقة على طريقة الأقدمين.
وعوداً على بدء حول سند الرواية، فبناء على أنّ الحسن بن راشد مشترك، وأنّ الذي مدحه المفيد في الرسالة العدديةهو غير الذي روى هذه الرواية، وهو غير الذي ضعّفه النجاشي، نعم هو جدّ القاسم بن يحيى الذي ضعّفه ابن الغضائري وتابعه بعض على ذلك. أما القاسم بن يحيى والحسن بن راشد، فلميُنصّ على وثاقتهما في الأصول الرجاليّة، كما ذكرتم. ومع ذلك فهناك من اعتمد على روايتهما من القدماء كالصدوق، بل نقل عنه ما قد يفيد وثاقتهما الضمنيّة. ولكن وثقهما أو قوّى روايتهما بعض المتأخّرينكالوحيد والسيد الخوئي والسيد سعيد الحكيم وغيره. ممّا يعني أنّرواية الصدوق فيالخصال حسب بعض الآراء معتبرة.
(حبّ الله): هنا أمور:
1 ـ ما أكتبه هو رأيي الشخصي، ووثاقة الحسن بن راشد مبنيّة على كامل الزيارة الذي عدل عنه السيد الخوئي، وعلى تفسير القمّي الذي لا أعتقد به، وعندما أكتب فأنا أكتب وجهة نظري الشخصيّة المتواضعة، ولا أكتب وجهة نظر، لا المشهور ولا السيد الخوئي ولا جمهور الإماميّة، ولست بملزمٍ أحداً برأيي، ولا أنسبه إلى الطائفة، وأحياناً أشير إلى تأييد وجهة نظري برأي الآخرين لرفع الاستيحاش فقط، فمن لا يقول بمبنيي القمّي والزيارة (وأنا أقول بوثاقة مشايخ كامل الزيارة المباشرين فقط وهم حوالي 32 شخصاً)، فلا تكون الرواية معتبرة عنده.
2 ـ أمّا قولكم بأنّ بعض المتأخّرين وثق ابن راشد، فما من راوٍ إلا وتجد بعض المتأخّرين قد وثقه، لاسيما الشيخ الوحيد البهبهاني والشيخ النمازي اللذين لم يسلم من توثيقهما ـ إذا صحّ التعبير ـ راوٍ، ولو راجعت منهجهما الذي صرّحا به في كتبهما، فسترى أنّه قد لا يكون هنا راوٍ ضعيف أو غير ثقة عندهما، بل هما وثقا مشاهير الضعفاء فراجعوا ذلك. كما لا أظنّ أنّ هناك روايةً لا تجد ولو واحداً من العلماء يصحّحها، بصرف النظر عن تفسيره لمضمونها، فإذا كان الحديث الذي نبحث عنه قد صححّه بعض العلماء فهذا شيء طبيعي جدّاً لا يغيّر من واقع النتيجة شيئاً؛ لأنّ هناك مدارس حديثية معروفة بتساهلها في أمر إثبات الحديث وعدم تشدّدها ولا تدقيقها النقدي في الروايات.
3 ـ إنّ القاسم بن يحيى ثقةٌ عندي، وقد حقّقته في كتاب موسوعة الحديث النبوي، وتوصلت لوثاقته، وما ذكرته أنا هنا من سهو القلم، فكلامكم صحيح، وجزاكم الله ألف خير، لكن تظلّ الرواية ضعيفة بالحسن بن راشد.
(أبو عبد الله) سادساً: بالنسبة لتفسير العسكري عليه السلام، أليس هناك من العلماء من يعتمده كما يقرّر المجلسي مثلاً بأنّ بعض القدماء كالصدوق اعتمد عليه. فالمجلسي والحرّ ومن يميل إلى الاتجاه الحديثي يعتمد عليه. ونقل القرشي أنّ بعض العلماء منهم الشهيد الثاني والمحقق الكركي اعتمدوا عليه في بعض كتبهم.
(حبّ الله): لقد أشرت لكم آنفاً أنّني أكتب وجهة نظري، وسند هذا التفسير ضعيف، وعندما أذكر بعض الأشخاص فمن باب تأييد وجهة النظر لرفع الاستيحاش لا أكثر، لا من باب أنّني أعرض وجهة نظر الطائفة فيه، حتى يؤخذ عليّ بأنّني لم أذكر المؤيّدين لهذا التفسير، لاسيما والمقام ليس مقام البحث عن أصل هذا التفسير، علماً أنّني ذكرت الاتجاهات في هذا التفسير في كتابي المتواضع (دراسات في الفقه الإسلامي المعاصر 1: 471 ـ 473)، وبيّنت حال المؤيدين له؛ لأنّني هناك كنت بصدد عرض الاتجاهات وبيان الموقف من هذا التفسير، ولا يجب على الإنسان أن يظلّ يذكر كلّ الآراء عند كلّ بحث كما تعلمون، وهذه هي عادتهم أيضاً. هذا ومن الطبيعي أن يصحّح الإخباريون هذا التفسير، فقد صحّحوا الكتب التي قد لا يخطر على بال أحدٍ قبلهم تصحيحها بهذه الطريقة، فليس شيئاً جديداً حشد التيار الإخباري هنا، وقد أشرت لكم قبل قليل بأنّه ما من كتاب أو رواية إلا وتجد من يصحّحه، لكنّ هذا غاية ما ينفع في ضرورة البحث في هذه الكتب، لا تقليد هؤلاء العلماء في أمرها مع احترامنا الكامل لهم. وأمّا عامة الناس غير المختصّين فعندما تتعارض أمامهم مواقف العلماء في تصحيح رواية، فعليهم التوقّف ـ في غير قضايا الفروع التقليدية ـ إلى أن يثبت لهم قناعة بالصحّة، لا أن يسيروا مع الجوّ السائد، سواء كان لصالح التصحيح أم التضعيف، وإن كان بإمكانهم أن يقولوا بأنّنا لم تثبت لدينا صحّة هذه الرواية أو تلك فلا نأخذ بها، لكن لا ننكرها ولا نجزم بعدم صدورها، ما لم تقم عندهم معطيات مقنعة للإنكار، فالإثبات هنا هو الذي يحتاج أكثر إلى دليل؛ لأنّ الآخر يمكنه الاكتفاء بعدم الثبوت، ومن ثمّ عدم ترتيب الأثر، ولو لم ينكر الصدور واقعاً.
(أبو عبد الله) سابعاً: بالنسبة للرجبية التي رواها الشيخ في المصباح والسيد في الإقبال، فإنّ الشيخ رواها ـ حسب النسخة السائدة ـ عن علي بن جبير ولم يذكر في المعجم. ولكن السيد الخوئي في المعجم ذكر في ترجمة علي بن خير بأنّه روى التوقيع المذكور وصرّح بأنّه مجهول الحال وابن عياش ضعيف. وقال السيد الخوئي عن مضمون التوقيع بأنّه غريب على أذهان المتشرعة وغير قابل للإذعان بصدوره عن المعصوم عليه السلام (7/ 83).
(حبّ الله): لم يتضح لي ما ذكرتموه هنا، فهل تقصدون تقديم تعليق نقدي أم إضافة ومداخلة؟ حيث يبدو لي أنّكم تؤيدون ما سبق أن قلتُه شخصيّاً. وما كنتُ ذكرتُه هو النسخة المتوفّرة عندي.
(أبو عبد الله) ثامناً: قرأت في بعض بحوث السيد محمد صادق الصدر حول واقعة الطف أنّه بعد أن نصّ على ضعفه سنداً ومتناً، واستبعد أن يكون الوارد نزهونا عن الربوبية؛ لأنّها كمال لا يناسبه ذلك، احتمل في بعض بحوثه باشتباه الراوي الذي رواها بدلاً من: نزّلونا، فرواها بنزّهونا. ولكن ألا يمكن أن يقال بأنّ الربوبية في المقام من صفات الله تعالى، ونسبتهم إليها من البطلان بمكان، ولهذا يمكن أن يقال بأنّ مضمونها هو نزّهونا عن هذا القول وهذه العقيدة الباطلة؟
(حبّ الله): هنا أمور:
1 ـ كلمة (نزهونا) تعلّقت بالربوبية لا بادّعاء الربوبية، وفرق بينهما، فهناك فرق بين أن يقول: نزهونا عن الربوبيّة، وأن يقول: نزهونا عن القول بالربوبية، كما أنّ ذيل الحديث واضح في المساعدة على افتراض التنزيه عن نفس الربوبية لا عن ادّعائهم الربوبية، وهو أنه لو اُريد التنزيه عن ادّعاء الربوبية لكان من المناسب أن يقولوا: انقلوا عنّا ما شئتم ونزهونا عن الربوبية، لا قولوا فينا ما شئتم. وورود نفس التعبير مكرّراً في المصادر دون أن يكون هناك تعبير (نزهونا عن ادّعاء الربوبيّة، أو عن عقيدة الربوبية) يجعل الاحتمال الذي أثرتموه قائماً على التقدير الذي لا شاهد له.
2 ـ من الممكن أن يكون الأمر كما قال السيد محمد الصدر، لكنّه مجرّد احتمال أيضاً بلا أيّ شاهد، إلا إذا وردت في كلّ الروايات كلمة (نزلونا)، ثم جاءت في رواية واحدة مثلا كلمة (نزهونا)، فهنا يصير احتمال التصحيف وارداً، لكنّ كلمة (نزلونا) لا وجود لها في أغلب الروايات إن لم يكن جميعها، فلاحظوا ذلك. علماً أنّني ردّيت الإشكال الذي سجّل على الحديث من ناحية (نزّهونا).
(أبو عبد الله) تاسعاً: أشرتم أنّ السيد البروجردي استنكر الرواية بحضور السيد الخميني، فهل كان ذلك استنكاراً على السيد الخميني كما ربما يفهم مما ذكر في الردّ؟
(حبّ الله): كلا، فلم يكن الأمر استنكاراً على الإمام الخميني، نعم حاول الإمام الخميني القول باحتمال وجود تخريج للموقف، دون أن يقدّم شيئاً واضحاً، لا أنّه كان هناك نقاش بينهما حول هذه القضية أو استنكار من السيد البروجردي على السيد الخميني أو دفاع من السيد الخميني.
(أبو عبد الله) عاشراً: ذكر في الردّ بأنّ الفريق الآخر يسهل عليه أن يضيف قيداً على الإطلاق يستثني منه النبوّة وما شاكل، وبالفعل فإنّ صاحب علم الإمام قيّده بذلك. ولكن فهم من العبارة وكأنّ إضافة مثل هذا القيد هو نوع تكلّف يأباه اللفظ. مع أنّه قد يقال بأنّه اسثناء بما خرج بالدليل، بل ببداهة دين الإسلام بالنسبة للنبوّة. ومثله دارج عندهم.
(حب الله): هذا الكلام صحيح مقبول وعلى القاعدة، لكنّه هنا غير مستساغ، والسبب أخي الحبيب هو أنّه لو كان الأمر كذلك فلماذا اتفقت الروايات جميعها على استثناء الربوبية، مع أنّ خروج الربوبية عن النص (قولوا فينا ما شئتم) أجلى وأوضح بعشرات المرّات من خروج النبوّة أو غيرها، فهذه الخصوصية في النصّ تبعّد هذا الاحتمال الذي ذكرتموه، وتجعله بحاجة لمزيد قرائن.
(أبو عبد الله) حادي عشر: ما ذكره السيد الخوئي حول الرواية ـ حسب فهمي المتواضع ـ ليس فيه تأييد لها ولما فهمه بعضٌ منها، فمن المفروغ منه أنّ تنزيه النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، فضلاً عن الأئمة عليهم السلام، عن صفات الربّ تعالى المختصّة لا يحتاج إلى رواية معتبرة أو غير معتبرة. كما أنّ اتصافهم عليهم السلام ثابت بما عدا ذلك من صفات الكمال التي يمكن أن تنالها البشرية في قدسيتها، كما أنّهم منزهون عمّا لا يليق أن يتصف به المخلوق عن الزلل والمعاصي، وهو لا يحتاج إلى رواية معتبرة. فيلاحظ أنه استثنى ما يختصّ به الله تعالى، ثم قيّد ما يمكن أن يتصفوا به من صفات كماليّة قدسيّة بما يمكن أن يتصف به بشر، وأكّد على تنزّههم عما لا يليق أن يتصف به معصوم. أضف إلى ذلك أنه لم يشر إلى صحّة أو ضعف أو وضع الرواية، غاية ما في الأمر صحّح للسائل بأنّ الواضحات في العقيدة لا تحتاج إلى رواية أحادية لإثباتها أو نفيها.
(حبّ الله): السيد الخوئي في مقام الجواب عن مدى قيمة الرواية، وظاهر جوابه تصحيح مضمونها لا تصحيح سندها، فإذا قصد إثبات كلّ كمال ممكن لمخلوق فهذا أوّل الكلام، فكيف يقول بأنه لا يحتاج لرواية، وهو نفسه توقّف في مسألة علم الإمام؟ فهل علم الإمام والولاية التكوينية لا تحتاج لرواية، وهي كمال يثبت لمخلوق ممكن لا ينافي إنسانيّته عندهم؟! ولهذا أنا قلت ـ لو تراجعون ـ أنّني أحتمل أنّ السيد الخوئي لم يفهم أساساً من الحديث كلّ ما يفهمه بعض مناصري هذا الحديث اليوم، ولهذا أيضاً وضعتُ ثلاثة احتمالات في تفسير كلام السيد الخوئي، ولعلّها لا تنافي ما تقولون، فليراجع ما قلته هناك في الجواب.
(أبو عبد الله) ثاني عشر: ذكرتم ضمن المناقشات ما ورد في جواب السيد الخوئي في صراط النجاة حول أنّ القدر المتيقن من عصمتهم هو نفي السهو في غير الموضوعات. ولكن قد يقال بأنّه جواب بلحاظ ما ورد عن بعضهم كالصدوق وأستاذه مثلاً، وإلا فالسيد الخوئي أوضح رأيه بما لا مزيد عليه في أكثر من مورد من كتبه الفقهية عند بحث الخلل والسهو، أثناء مناقشة روايات السهو وما عن ذي الشمالين وفي بحثه عن مناسك الحج حول الشك في عدد الطوافات، حيث ردّها حتى على فرض صحّتها، مصرّحاً بأنّ مضمونها يخالف القواعد العقلية وكذا أصول المذهب.
(حبّ الله): كلامكم هذا كلّه محتمل، وقد أشار له الميرزا التبريزي رحمه الله عندما سألوه عن موقف السيد الخوئي وعبارته، ولكن أخي الفاضل هذا تخريج لا أكثر، وإلا فعبارة السيد الخوئي واضحة في توقّفه في القضيّة بقرينة المقارنة بين السؤال والجواب في مسألة السهو، ولعلّه عدل عن رأيه الذي ذكره في سائر كتبه أو كان هنا متريّثاً في الأمر، لا أنّه بصدد الجواب عن قضيّة بلحاظ وجود خلاف من الصدوق، مع كونه جازماً بالنفي، وسأنقل لكم جوابه مع السؤال لتروا أنّ الواضح أنّه يرى في الأمر بحثاً، فلو كان السهو عنده في الموضوعات منفيّاً بأصول المذهب والقواعد العقليّة للزمه بيان ذلك في مقام الجواب عن السؤال المتعلق بالقضية نفسها، ولما قال هذا الجواب الغامض المغلق المثير، بل جوابه قد يفهم منه القول بالجواز، وهذا نصّ السؤال والجواب يمكنكم قراءته لتروا ما يفهم من العبارة، وأنّ افتراض تقدير قضية الشيخ الصدوق في فرضيّة كلمة (القدر المتيقن) هو افتراض تأويلي أقحمه الميرزا التبريزي رحمه الله هنا، ولم تتمّ الإشارة إليه لا في سؤال السائل ولا في جواب السيد الخوئي، وهذا نصّ السؤال والجواب: (ما هي حقيقة الحال في مسألة إسهاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صلاة الصبح، وهل يلزم أن يسهي الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ليعلم أنه ليس بإله، والله تعالى يقول: (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) ـ الفرقان: 25 ـ 7 إلى آيات أخرى تدل على أنه بشر علاوة على ولادته ووفاته صلى الله عليه وآله وسلم، ثم هل يلزم أن يسهي الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم لتكون رحمة للأمة لكي لا يعير أحد أحداً إذا نام عن صلاته، وقد أجرى الله سبحانه كثيراً من أحكامه على أناس آخرين لا على الرسول نفسه صلى الله عليه وآله وسلم هذا إذا لاحظنا أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان قد (أنيم) وليس (نام) والفرق واضح بين الحالتين؟ وهل صحيح أنّ ذا اليدين الذي تدور عليه روايات الإسهاء أو السهو لا أصل له وأنه رجل مختلق كما يذهب إلى ذلك الشيخ الحرّ العاملي (قدّس سرّه) في رسالته التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو النسيان؟.
الخوئي: القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجيّة، والله العالم).
فهل هذا الجواب من السيد الخوئي يفهم منه ـ بالله عليكم ـ أنّه بصدد بيان مواقف الشيعة، وأنّه لأجل الصدوق قال هذا؟ ولماذا لم يقل للسائل أيّ جواب عن سؤاله؟ ومن هو الذي سأله عن الإجماع حتى يجيب بجواب يهدف الإشارة إلى خرق الشيخ الصدوق للإجماع؟ وما هي القرينة على إقحام قضية الشيخ الصدوق هنا مع أنّه لا عين ولا أثر له لا في السؤال ولا في الجواب؟ أعتقد أنّ هذه القضية هي تخريج لهذا السؤال ليس أكثر، وهو تخريج غير مقنع. هذا ما أفهمه بنظري القاصر.
(أبو عبد الله) ثالث عشر: فهم من الردّ بأنّ هناك علماء في القرون التسعة الماضية من كان ينفي صدور المعجزات والكرامات عنهم عليهم السلام، فيا حبذا لو تذكروا أسماء بعضهم مع ذكر كتبهم للبحث عنها.
(حبّ الله): يمكنكم مراجعة ما ذكره الشيخ المفيد عن بني نوبخت من أنّهم أنكروا ظهور المعجزات والكرامات على يد غير الأنبياء، قال المفيد: (القول في الإيحاء إلى الأئمة وظهور الاعلام عليهم والمعجزات وأقول: إنّ العقل لا يمنع من نزول الوحي إليهم وإن كانوا أئمّة غير أنبياء، فقد أوحى الله ـ عز وجل ـ إلى أمّ موسى: (أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) فعرفت صحّة ذلك بالوحي وعملت عليه ولم تكن نبياً ولا رسولاً ولا إماماً، ولكنها كانت من عباد الله الصالحين. وإنما منعت من نزول الوحي عليهم والإيحاء بالأشياء إليهم للإجماع على المنع من ذلك والاتفاق على أنّه من يزعم أنّ أحداً بعد نبيّنا (ص) يوحى إليه فقد أخطأ وكفر، ولحصول العلم بذلك من دين النبي (ص)، كما أنّ العقل لم يمنع من بعثة نبيّ بعد نبينا (ص) ونسخ شرعه كما نسخ ما قبله من شرائع الأنبياء، وإنّما منع ذلك الإجماع والعلم بأنه خلاف دين النبي (ص) من جهة اليقين وما يقارب الاضطرار. والاماميّة جميعاً على ما ذكرت ليس بينها فيه على ما وصفت خلاف. فأما ظهور المعجزات عليهم والاعلام فإنّه من الممكن الذي ليس بواجب عقلاً ولا ممتنع قياساً، وقد جاءت بكونه منهم ـ عليهم السلام ـ الأخبار على التظاهر والانتشار، فقطعت عليه من جهة السمع وصحيح الآثار، ومعي في هذا الباب جمهور أهل الإمامة. وبنو نوبخت تخالف فيه وتأباه، وكثير من المنتمين إلى الإمامية يوجبونه عقلاً كما يوجبونه للأنبياء. والمعتزلة بأسرها على خلافنا جميعا فيه سوى ابن الأخشيد ومن اتبعه يذهبون فيه إلى الجواز، وأصحاب الحديث كافّة تجوّزه لكلّ صالح من أهل التقى والإيمان) (أوائل المقالات: 68 ـ 69). وقال الشيخ فضل الله الزنجاني معلّقاً على كلام المفيد: (الأقوال التي ينسبها في الكتاب إلى بني نوبخت هي آراء من تقدّم منهم على عصره، ولا سيما آراء المتكلّمين الجليلين الشهيرين أبي سهل وأبي محمد النوبختيين ـ رحمهما الله ـ وبعض النوبختيين المتأخّرين يوافقون في ظهور الاعلام والمعجزات على أيدي الأئمة ـ عليهم السلام ـ. قال الشيخ الجليل أبو إسحاق إبراهيم بن نوبخت في كتابه الموسوم ب (الياقوت) ما لفظه: وظهور المعجزات على أيدي الأئمة جائز ودليله قصّة مريم وآصف وغير ذلك. وقال العلامة الحلي رحمه الله في شرحه: إنّه غير مستحيل ولا قبيح فجاز إظهاره، أما عدم قبحه فلأنّ جهة القبح هو الكذب وهو منتف هيهنا إذ صاحب الكرامة لا يدّعي النبوة فانتفى وجه القبح. ومن ذهب إلى جواز صدور الكرامات عنهم من مشايخ المعتزلة غير من أشار إليه المصنّف هو أبو الحسين البصري) (المصدر نفسه: 176). وعلّق العلامة المجلسي على مذهب بني نوبخت هنا بعد نقله كلام الشيخ المفيد فقال: (ومذهب النوبختيّة هنا في غاية السخافة والغرابة) (بحار الأنوار 27: 31). وأنتم تعرفون أنّ بني نوبخت من رموز مشايخ الكلام عند الإماميّة القدماء، كما وصف النجاشي أبا سهل النوبختي (المشار إليه أعلاه) حين ترجمه فقال: (إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت، كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا وغيرهم، له جلالة في الدنيا والدين يجري مجرى الوزراء في جلالة الكتاب) (الرجال: 31)، وقال عنه الطوسي في (الفهرست: 49): (إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت، أبو سهل، كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا ببغداد ووجههم، ومتقدّم النوبختيّين في زمانه..).
(أبو عبد الله) رابع عشر: هل هناك حسب اطلاعكم روايات بمضامين متقاربة قد يتمسّك بها المؤيّدون على أنّها مصحّحة لبعضها.
(حبّ الله): لا يحضرني الآن، فإذا رأيتم شيئاً فسيكون بالنسبة لي مفيداً، وأشكركم عليه سلفاً.
(أبو عبد الله) خامس عشر: يلاحظ أنّه لم يتمّ البحث حول مدى توافق أو مخالفة الروايات كلّها أو بعضها، جزئيّاً أو كليّاً للكتاب والسنة، كما أشير في النتيجة، إلا إذا قصد منه ما ورد بالإجمال في إحدى الفقرات من الجواب.
(حبّ الله): لقد كان المقام مقام جواب عن سؤال، وقد سبق لي أن أجبت عن موضوع علم الإمام، ولا يسمح المقام ببيان تفصيلي، لهذا بنيتُ المسألة على ما يبنيه الإنسان من قضيّة القرآن الكريم في تصويره للمعصومين، وأظنّكم أعرف منّي بتلك الإشكاليّات المعروفة التي أثيرت في وجه نظرية الولاية التكوينية وعلم الإمام من خلال القرآن الكريم ومزاجه العام، فمن يأخذ بمثل هذه الإشكاليات يمكنه تبنّي الإشكال المتني هنا فيكون الموضوع مبنائيّاً كما ألمحتُ إلى ذلك في جوابي السابق، ولا يصحّ ـ بل لا يمكن عادةً ـ في كلّ جواب عن سؤال أن يفصّل الإنسان كلّ المباني، ثم يبرهن عليها، ثم يقول بأنّه على هذا المبنى يكون الموقف كذا وكذا، وما سلكتُه أظنّ أنّه الطريقة السائدة أيضاً.
(أبو عبد الله) سادس عشر: بتقديري المسألة تحتاج في مرحلة سابقة إلى تحرير القول في الغلوّ وتحديد وضبط مفهومه. وكذا البحث في أقصى ما يستفاد من المضامين المشتركة للروايات على فرض القول بصحّتها والتغاضي عما في أسنادها. وكما نعرف إنّ الفريق المؤيّد قد حدّد مفهوم الغلو وأصله حسب مبانيه بالعقل والنقل، لكن يظلّ بعض من لا يوافقه يرمي أصحابه بالغلو ولا أدري إن كان بحث في الأمر وحدّد مفهومه وضبطه وأصله بشكل علمي حسب مبانيه. بل لعلّ الحاجة إلى بيان معالم منهج البحث في العقائد سواء على مستوى الأصول والضرورات والمسائل التفصيلية، وما يعتمد فيه على الروايات الآحادية وما لا يعتمد عليه. وهذا قد يجرّ إلى الحاجة إلى بحوث أخرى. وهكذا يبدو أنّ ثمّة حاجة إلى إعادة البحث في بعض الأمور المنهجية وسدّ الفجوات أو توضيحها عبر خطاب معاصر.
(حبّ الله): أغلب كلامكم صحيح؛ ولكنّه لا يقف عند سؤال على جواب، ولهذا لو تلاحظون فإنّ أكثر ما درّستُ ونشرت أو لم أنشر، كان يدور حول هذه القضايا التي تفضّلتم بالإشارة إليها على مستوى منهج التعامل مع السنّة والحديث، والتي أعتقد بأنّها منهجيّة بامتياز. ورغم قلّة حيلتي وقصر باعي وضحالة معلوماتي لكنّني حاولت أن أقدّم فيما كتبت شيئاً بسيطاً من قضايا المنهج في السنّة والحديث، وأتمنّى أن يكون الآخرون أيضاً ممّن يعملون لتقديم معاييرهم الواضحة والجليّة، بعيداً ـ من الجميع ـ عن لغة الخطابة والعاطفية إن شاء الله. كما أنّ لي بعض التحفّظ على تصويركم الفريق الذي يعتبر هذه الفكرة أو تلك غلواً بأنه ليس له منهج، فيما أوحيتم بأنّ الفريق الآخر قد نظّر ووضع المناهج، فلا أجد التصوير دقيقاً، إذ يبدو لي أنّكم تفترضون جماعةً خاصّة بعينها على أنها الفريق الوحيد الذي واجه هذه الأفكار، وأنّه الممثّل الحصري لتيار مواجهة الغلو حسب تسميتهم، وتتركون جماعات كثيرة في العالم الإسلامي والشيعي ـ لاسيما في إيران ـ نظّرت لنقد تيار الغلو حسب تلك التسمية، فهل يوجد قبل صالحي نجف آبادي من كتب شيئاً مهمّاً في تحليل ثورة الإمام الحسين وناقش قضية العلم بالموت قبل حصوله؟ أليس هذا الفريق النقدي ـ على زلاته ـ هو الذي أخرجنا من حالة العقائدية العفوية إلى مرحلة العقائدية التنظيرية في قضايا تفاصيل العقيدة؟ ألم يكتب هؤلاء عشرات الكتب ومئات المقالات حتى الآن في هذه الموضوعات؟ لماذا نترك إسهامات الكثير من هؤلاء (وكثير منهم لم نقرأهم) مثل محسن كديور، وميرمعزي، ومدرسي طباطبائي، وصالحي نجف آبادي، وهاشم معروف الحسني، والصادقي الطهراني، وآصف محسني، ومحمد حسين فضل الله، ومحمد باقر البهبودي، ومحمد جواد الإصفهاني، ومصطفى حسيني طباطبائي، وعلي شريعتي وغيرهم، فضلاً عن العشرات اليوم هنا وهناك (في إيران والعالم العربي وفي باكستان وأفغانستان أيضاً) ممّن لا داعي لذكر اسمه؟ لماذا نعتبر تراكم جهود التيار الرسمي تعبيراً عن منهج متكامل فيما تراكم جهود هؤلاء ليس كذلك؟ أين هي الكتب التي تعبّر عن تنظير علمي لقضية الغلو عند الفريق الرسمي؟ وأساساً أين هو الاختصاص في علم الكلام منذ عدّة قرون على مستوى تفاصيل العقيدة التي هي محل نظري الآن؟ وكم كتب ـ قبل نقد الناقدين الذين يرجع إليهم الفضل اليوم في إحياء علم الكلام الداخلي ـ حول الولاية التكوينية وعلم الإمام وأحاديث الأنوار وغير ذلك مما هو محلّ جدل اليوم؟ أين هي الكتب التي تحقق أسانيد ومصادر وقيمة الروايات العقائدية كما حصل في الفقه؟ ألم تثر كتابات النقاد الكثير من الأفكار وتقدّم العقل الشيعي العقائدي عقوداً نحو الأمام وتكشف عن مدى الثغرات التي نواجهها في البحث العقائدي التفصيلي؟ لماذا نعتبر أنّهم لا منهج لهم مع أنّهم يقولون بأنّ منهجنا هو عرض الحديث على القرآن ويرتبون الآثار على ذلك؟ هل لأنهم نقدوا الحديث صاروا بلا منهج فيما الذي أخذ الحديث بغثه وسمينه وادّعى لنا كلّ يوم تواتراً هنا وهناك صار له منهج؟ لست أريد أن أنتصر لهذا الفريق أو ذاك بقدر ما أريد أن لا نقارب المشهد الكبير من زاوية صغيرة، وأن لا نبخس الناس أشياءهم، كما لا أدّعي أنّ الفريقين متساويان في الإجمالي العام لمنجزاتهما، بل أقصد أن لا نصوّر أحدهما وكأنّه لا تنظير له أبداً، فيما الآخر وكأنّه محض العلم محضاً! إنّ الحديث عن هذا الموضوع طويل وهو ذو شؤون وشجون، أتركه لمناسبة أخرى، لأنّي أجد من غير الإنصاف تصوير هذا الفريق بأنّه لم يحقّق شيئاً ـ رغم عمره القصير نسبيّاً ـ فيما تصوير الآخرين الذين رأينا اللغة الخطابية والشاعرية العرفانية والتحشيد النصوصي غير التحقيقي ليس بقليل عندهم، على أنّهم هم المحقّقون الألمعيّون.
(أبو عبد الله) سابع عشر: إنّ النقطة الخامسة من جوابكم السابق، تبدو مبهمة وموحية بعض الشيء، ولمزيد من الاستيضاح، هل تقصدون أنّ معظم العلماء في القرون التسعة أو العشرة السابقة قائلون بمفردة من هذه المفردات المذكورة في الجواب أو ببعضها وما يشاكلها مثلاً؟ وهذا لا يتفق مع مضمون هذه الروايات، مما قد ينفي دعوى تواترها. ومع الأخذ في الاعتبار بأنّ بعض المصطلحات والمفردات المذكورة في الجواب في النقطة الخامسة، ظهرت في عصور متأخّرة من قبيل الولاية التكوينية، وأنّه اشتهر عن الصدوق وشيخه القول بإسهاء الله تعالى لنبيّه، وأنّ هناك من قاس السهو على النوم كالطبرسي، فإنّ السؤال الذي يطرح هنا: هل التعميم أو ما يشبهه في النقطة الخامسة متأسّس على تتبع واستقراء واسع للآراء أم من استنتاجات؟ وكيف تمّ التعرّف على آراء العلماء في القرون الثلاثة الأولى مثلاً؟ هل مما نقل عنهم في التراجم الرجالية أم من مصادر أخرى؟ أم أنّه بناءً على نقول بعض العلماء من قبيل ما ينقله المفيد والمرتضى عن جماعات من الشيعة أو ما نقله الشهيد في الحقائق وما شابه؟ وفي المقابل، هل هناك من قال ـ وإن ندروا ـ لا سيما في القرون الخمسة الأولى، بأنّ النبي وأهل بيته لهم كلّ صفات الكمال عدا الألوهيّة؟ أرجو ذكر بعض الأسماء والمصادر مع الشكر.
(حبّ الله): هنا نقاط:
1 ـ ما قصدته من النقطة الخامسة من الجواب السابق هو أنّ مفاد هذا الحديث ـ بالتفسير القائم له ـ هو ثبوت تمام الكمالات للمعصوم حيث تكون ممكنة، وهذا المفهوم الذي هو موجبة كلية (كلّ كمال ممكن لموجود ممكن فهو ثابت للمعصوم)، يناقضه منطقيّاً السالبة الجزئيّة، وهذا معناه أنّه إذا رأينا عبر القرون العشرة الأولى من يلتزم بهذا المبنى صار رأي هذا العالم موافقاً لمضمون الحديث، أمّا إذا رأينا العلماء عبر القرون يقول كلّ واحدٍ منهم بسلبٍ جزئي، فهذا معناه أنّهم لم يأخذوا بمضمون هذا الحديث، وهذا هو محقِّق الإعراض من قبلهم عنه. هذا ما قصدته هناك. وهذا بلا فرق بين أن تكون مصطلحات مثل الولاية التكوينية موجودة في العصور السابقة أم لا، فهذا لا علاقة له بالمداخلة التي قدّمتُها شخصيّاً في النقطة الخامسة هناك، فهل الشيخ المفيد يقول بالولاية التكوينية ولو سمّيناها شيئاً آخر؟
2 ـ أمّا حديثكم عن التتبّع، فلو لاحظتم بداية النقطة الخامسة، فإنّني قلت هناك (وفقاً لمعايير إعراض العلماء الموجب لتضعيف صدور رواية)، ولهذا سرت في هذه النقطة وفقاً لهذه المعايير المعروفة بينهم والمعتمدة، فهو إشكال على مبنى الإعراض، وعليه فطريقة العلماء في إثبات الإعراض هي محاولة الجمع بين:
أ ـ مراجعة الموارد التي يحرز منها الإعراض من هذا العالم أو ذاك.
ب ـ مراجعة النقل التاريخي وادّعاءات الإجماع والشهرة من هذا العالم أو ذاك بما يدعم الإعراض.
ج ـ عدم وجود رأي موافق للرواية في مدّة زمنية يُعلم من خلالها أنّه لو كان هناك رأيٌ موافقٌ لظهر وبان.
وعليه، فلو أتينا إلى روايتنا محلّ الشاهد، فإنّه يصدق فيها العناصر الثلاثة، وإلا فلا يوجد أحد في العالَم استطاع تتبّع كلّ آراء العلماء حتى الذين فُقدت كتبهم ولم يصلنا منهم أو عنهم شيء، فإشكالكم لا يجري هنا، بل لو جرى لجرى في كلّ الموارد على الإطلاق، سواء على قاعدة الوهن أم على قاعدة الجبر. علماً أنّ قاعدة الإعراض والوهن لا يشترط فيهما انعقاد الإجماع على الترك أو الأخذ، بل يكفي اشتهار ذلك، فخروج شخص أو اثنين أو ثلاثة (حسب نوعيّتهم) لا يضرّ بهما عادةً عندهم. وعلى أيّة حال فإشكالي هذا على مبناهم في الإعراض وطريقتهم في العمل عليه، كما تلاحظون من مطلع النقطة الخامسة. ويزداد ما قلته وضوحاً في أنّني أردت في النقطة الخامسة نسف ادّعاء التواتر لا نسف صدور الحديث، وحينئذ فعدم حضور هذا الحديث عند المتقدّمين من المتكلّمين يضعف من احتمال تواتره، فقاربوا بين الإعراض والتواتر ليتبيّن ما قصدته هناك.
(أبو عبد الله) ثامن عشر: من جهة أخرى، إذا كانت المناقشة حول دعوى التواتر مع صاحب الإمامة الإلهية مثلاً، فإنّه طرح مفهوماً محدّداً للتواتر، لم يشترط بموجبه التواتر في كلّ الطبقات، واكتفى بضابطة عدم التواطؤ على الكذب ولو من تراكم الشواهد والقرائن، فإنّ المناقشة معه يفترض أن تأخذ مفهومه بعين الاعتبار. فلا يضير في نظره إن لم يكن متواتراً في بعض القرون، يكفي أنّه كان مرويّاً في مختلف القرون في كتب الرواية المعروفة ببعض الصيغ، وأنّ هناك قرائن تعضد مفهومه ومعناه. وفي نظره يكفي وروده في البصائر والخصال والتحف وتفسير العسكري والهداية والاحتجاج و.. وإن تفاوتت ألفاظه، وتعضده روايات المعاجز و الكرامات وأخبار المغيّبات وبأنّهم يعلمون ما كان وما يكون، وأعطوا أربعاً وسبعين حرفاً من العلم وما شابه. صحيحٌ ورد أيضا ما يعارضها ولكن هذا الفريق، وكما هو معروف، يعالج ذلك بحملها على التقيّة أو على قدر فهم المخاطب بها وما شابه.
(حبّ الله): ثمّة نقاط هنا أيضاً:
1 ـ ما أشرتم له في قصّة التواتر وصاحب الإمامة الإلهية، فأنا لم أقصد التواتر بالمعنى التقليدي، الذي هو التواتر في تمام الطبقات، فهذا التواتر مفهومٌ غير واقعي، ولا يوجد له تطبيق في الحديث عند المسلمين، إنّما قصدت التواتر بمعنى تعدّد الطرق بحيث يحصل العلم بالصدور، وليس من التواتر ـ أخي الفاضل ـ وجود شواهد وقرائن لخبر آحادي تفيدنا هذه القرائن الوثوق، فهذا لا يسمّى تواتراً، بل يسمّى بالحديث الآحادي المحفوف بالقرينة القطعيّة.
2 ـ هنا هل وجود حديث بطريقين أو ثلاثة وفيها رواة مجاهيل، مع وروده في هذه الكتب يعني التواتر؟ إذا كان هذا تواتراً أو علماً بالصدور فهذا يعني أنّ لدينا في كتب الحديث الإماميّة أكثر من عشرة آلاف حديث متواتر! هذا هو الذي قصدته، فلو تذهبون مع الأحاديث ستجدون مثل هذا كثيراً، ومع ذلك فهم في مختلف الأبواب العلمية تعاملوا معه معاملة الآحاد الظنيّة.
3 ـ وفي الحقيقة أستاذي الفاضل، لو تأملتم قليلاً فيما تشيرون إليه وتشير إليه النزعة التي بتنا نشهدها اليوم، لرأيتم أنّ هذا ليس سوى دعوى الإخباريين، وأنّ هذه هي المعركة بينهم وبين الأصوليين، فالإخباري لم يقل أكثر من هذا الذي بتنا اليوم نعيشه إزاء الأحاديث الكلامية والعقائديّة، وراجعوا قرائن الوثوق التي ذكرها مثل الحرّ العاملي والشيخ الحسين الكركي، ستجدون أنّها عين هذا، مع فارق أنّ الإخباريين طبقوها على نطاق واسع يشمل الفقه أيضاً. فلو كان مثل هذا الحديث متواتراً بالمعنى أو معلوماً صدوره، لكان عدد المتواتر بالآلاف لا شك في ذلك (وهذا أيضاً يوجد مثله كثير عند أهل السنّة)، ولهذا جزم الإخباريون بصدور كلّ هذه الروايات؛ لأجل هذه النزعة التي بدأنا ننساق إليها اليوم في الروايات العقائديّة. أرجو أن تتأمّلوا في هذه النقطة وتلاحظوا بالضبط المشهد الإخباري في هذه القضيّة بالذات. طبعاً الإخبارية ليست فزّاعة، فمن أراد أن يكون إخبارياً فهذا حقّه، ومن حقّ الآخرين أن يختلفوا مع منهجه، ولهذا أنا قلت بأنّ بعض المعاصرين إخباريٌّ بلباس أصولي، فهذا ما بتنا نراه اليوم (طبعاً إخباري في روايات العقائد فقط لا غير).
4 ـ أمّا قولكم بأنّهم جمعوا كلّ تلك الروايات فاستفادوا مضمون هذا الحديث، وحملوا المعارضات على التقيّة..
فأولاً: كلّ تلك الروايات لا تساوق المساحة البحثية للحديث، لأنّه أعمّ منها، وفي التواتر لابد من أخذ القاسم المشترك، فحديث (نزّهونا) يصلح لتأييد حديث علم الإمام، وليس العكس؛ لأنّ الأعم يثبت الأخصّ دائرةً دون العكس، لاسيما وأنّ حديث نزّهونا يشمل النبوّة والخالقيّة، وهذا قد لا تشمله أحاديث العلم، والنتيجة: إنّ الحديث هنا أعمّ، والأعم لا يثبت بالأخصّ بل يتأيّد به فقط.
وثانياً: لا أستطيع الآن الدخول في (التقيّة) التي يعلّق كلّ واحد عليها ما يريد أن يردّه من حديث بلا شاهد أو دليل، حتى ردّوا بها عشرات الأحاديث الصحيحة، ولكنّني أقول لكم في المقابل، بأنّ هذه الروايات يراها الفريق الآخر تعارض القرآن الكريم، ومن ثم لا حاجة لفرض التقيّة في معارضها؛ لأنّ معارضة الكتاب تسقط احتمال الصدور، والتقية تسقط جهة الصدور، والصدور مقدّم على جهته، ولهذا قال بعض العلماء بتقديم الترجيح بموافقة القرآن على مخالفة السنّة، وبهذا يتقوّى فرض الوضع والدسّ والاختلاق على أهل البيت، إذاً فلكلّ فريق وجهة نظره، ومن حقّ الذي يرون فهم القرآن بالطريقة الأخيرة أن لا يعبؤوا بروايات بصائر الدرجات التي يرون أغلبها معارضاً للقرآن الكريم، ويرفضون هدر دلالات القرآن قطعيّ الصدور لأجل نصوص ظنيّة الصدور، فهل كلامهم هذا شاعري فيما الحمل على التقية علمي أم المسألة تحتاج لتريّث أكبر؟ وأنتم تعرفون أنّ قسماً عظيماً من الروايات التي تتخذ اليوم أساساً لنظريّات الإمامة الوجوديّة مرجعها كتاب بصائر الدرجات، الذي يناقش بعض العلماء في أصل صحّة نسخته التي بين أيدينا اليوم، مثل السيد محمد باقر الصدر والشيخ آصف محسني وغيرهما.
(أبو عبد الله) تاسع عشر: إنني أتفق معكم بأنّ العالم والمفكّر في إجاباته يعبّر عن رأيه وما انتهى إليه بحثه وقناعاته العلميّة وهذا أمر مفروغ منه. ولكن أقترح بأنّه في حالة الاستشهاد بأسماء وآراء آخرين في طرف من القضيّة، لأيّ سبب كان، لاسيما عند مخاطبة الجمهور العادي أمثالنا، فمن المفيد الإشارة إلى من يتبنّى الرأي الآخر، حتى تكتمل الفكرة لدى المتلقّي.
(حبّ الله): ما تفضّلتم به جيّد جدّاً، ولعلّي من أكثر الناس استعراضاً في كتاباتي للآراء المختلفة، وأنتم تعلمون ذلك أخي الكريم، لكنّ من المفارقات أنّني عندما أستعرض الآراء التي تخالف السائد يُعاب عليّ، وفي المقابل عندما لا أستعرض الآراء التي توافق السائد يعاب عليّ أيضاً!! (أنا لا أقصدكم، بل أقصد الحالة العامّة)، وهذا يعني أنّ القضيّة ليست قضيّة أن تستحضر الآراء، بقدر ما هي قضية أن تستحضر الآراء التي تبعث الطمأنينة في الواقع السائد ولا تهزّه. وفي نفس هذا السؤال والجواب ذكرتُ رأي صاحب الإمامة الإلهيّة، وذكرت رأي السيد الخوئي، لكن هل المطلوب حقّاً ـ حتى في التفاصيل الرجاليّة عندما أمرّ، على مستوى سؤال وجواب أيضاً ـ أن أستعرض كلّ الآراء والمباني في هذا الراوي أو ذاك، مع أنّ السؤال والجواب ليس عن هذا الراوي وليس في مقام بيان المواقف منه؟ هل يفعل ذلك أحدٌ من العلماء والخطباء والمنبريين والمدرّسين ومن على شاشات التلفزة وغير ذلك؟
(أبو عبد الله): أستاذي الكريم أكرّر شكري وتقديري لشخصكم الكريم على تواضعكم الجمّ واهتمامكم بهذه التساؤلات المتواضعة، داعياً الله تعالى أن يحفظكم ويوفّقكم للخير، ويسدّدكم على طريقه. أشكركم كثيراً ومعذرةً على الإزعاج.
(حبّ الله): بل لكم الشكر على ما تتفضّلون به عليّ دوماً من الملاحظات والانتقادات والتعليقات النافعة، فوجود أمثالكم بالنسبة لي ضمانة صحيّة لشخص مثلي، كي لا تذهب به الأفكار الخاطئة، وطغيان العقل الثائر، إلى مكان غير سليم، بل يظلّ في صراط سويّ إن شاء الله. أخوكم حيدر حبّ الله.
السلام عليكم سماحة الشيخ الأستاذ
1-لم تعلقوا على توثيق الشيخ الصدوق لرجال زيارة الإمام الحسين في الفقيه جزء2 ص375 ذيل ح3200 ومنهم القاسم بن يحيى وجده الحسن بن راشد . فيخرج الحسن من الجهالة إلى الوثاقة بعد تمييزه عن المشتركين معه في الاسم ؛ لكونه من رجال الصادق -عليه السلام- وليس من رجال الرضا والجواد -عليهما السلام-.
2- وقع الحسن بن راشد في أحد الذين روى عنهم ابن أبي عمير في الكافي ج3 ص104 ح2
ولست أعلم عن مبناكم في متصلات ومرسلات ابن أبي عمير .
3- وقع في إسناد محمد بن أحمد بن يحيى الذي حكم ابن الوليد بوثاقة رجاله إلا ما استثناه وذلك في الخصال ص388 ح77 .
4- الجدير بالذكر أن نفس الزيارة التي صحح سندها الصدوق تتضمن معان مصداقية لروايتنا التي هي محل البحث .