السؤال: س1 ـ في جوابك على سؤال (التسقيط)، قلت بأنّه صار ديدننا بأن نقول: قال فلان وقال فلان، ولا نقول: قال الله أو قال رسوله. والسؤال هو: أليس هذا هو الأسلوب العلميّ الصحيح والمتّبع عند الإنسانيّة؛ لأنّه دائماً المفكّرون قليلون، وعندما تأتي فكرة لأحد المختصّين وتكون جديدة وتستحسنها البشريّة، فإنّها تأخذ فيها، وأنت تعلم بأنّ المختصّين، وخصوصاً المفكرين منهم، قليلون؟ (نبيل، الكويت).
س2 ـ البعض يمارس التسقيط واللعن تجاه من يستحقّ في تقديره، بحجّة وجودهما في القرآن وفي سيرة العترة، ما قولكم في هذا السلوك؟ والأهم ما الفائدة المرجوّة من التسقيط المذكور في القرآن و سيرة العترة؟ (عبد الله).
الجواب: أولاً: في غير قضايا الشريعة على الرأي المعروف، ليست الحجّة بقول زيد ولا عمرو، وإنّما الحجّة بالدليل، لهذا لا تقليد في هذه الأمور عندهم، فلا يصحّ لي أن أختار رأياً عقائديّاً أو تاريخيّاً أو فلسفيّاً لأنّ الشيخ المفيد اختاره أو لأنّ السيد الخوئي اعتقد به أو لأنّ الملا صدرا قاله، وإلا فسوف يكون قولي بلا حجّة، فما الموجب لترجيح قول هؤلاء على قول غيرهم من المختصّين حتى أدين الله بذلك وأنفي بضرسٍ قاطع أحياناً قول غيرهم، ثم أقوم بتسقيط من يختلف معي في الرأي؟! إنّ الناس ترجع لأهل الخبرة في مقام العمل لا في مقام العلم وبنحو الإلزام، فليست سيرة العقلاء على الاعتقاد بما اعتقد به هذا الطبيب، وإنّما سيرتهم على الرجوع إليه عملاً عند الحاجة، فعلينا في غير الأمور الفقهية على الأقل أن نعمّم ثقافة أنّ كلّ من يقول رأياً فعليه أن يبيّن دليله، لا أن يقول بأنّني أذهب لهذا الرأي لأنّ الشيخ الفلاني أو الدكتور الفلاني أو العالم الفلاني يقول به، فهل هذه حجّة بينه وبين الله؟! أليس هذا هو التقليد الذي منعوه في غير الفقه؟ نعم لو حصل لي من قول هذا العالم أو ذاك اطمئنان وعلم بالموضوع فلا بأس، وكذا لو اقتنعت بأدلّته، أمّا أن تكون الحجّة هي مجرّد قوله بصرف النظر عن الدليل والاقتناع الشخصي فهذا غير صحيح. وقد قلت مراراً بأنّ من لا يقدر على حسم رأيه وسط الخلافات اليوم، فعليه أن لا يرجّح رأياً.
ثانياً: لقد أشرت في جوابي حول التسقيط إلى أنّ كلامي ليس فقهيّاً، فحتّى لو فرضنا جواز التسقيط وأنّه حصل أن مورس في الكتاب والسنّة في مواضع محدودة جدّاً خلال ثلاثة قرون من عصر النبيّ وأهل بيته، فهذا غير تحويله إلى ثقافة تحكم الخلافات في الداخل الإسلامي وبين المؤمنين أنفسهم، وقبل أن ننسب شيئاً إلى أهل البيت علينا التأكّد تاريخيّاً وتوثيقيّاً من نسبته إليهم، ودراسة الظروف والملابسات.