السؤال: قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، لماذا سأل نبيّ الله إبراهيم عليه أفضل الصلاة والسلام الله أرني كيف تحي الموتى؟ ولماذ وضعهم على جبل؟ ولماذا أربعة من الطيور؟ وما هي أسماؤهم؟ ولماذا ختم الله الآية بقوله: واعلم أنّ الله عزيز حكيم؟ (أبو علي طحنون).
الجواب: الظاهر من الآية الكريمة أنّ إبراهيم عليه السلام كان معتقداً بإحياء الله للموتى ومؤمناً ومصدّقاً بذلك، ولكنّه أراد ما هو فوق التصديق النظري، وهو حالة الطمأنينة القلبيّة والروحية. يقول العلامة الطباطبائي عند تفسيره لهذه الآية الكريمة: (فقد ظهر أنّ وجود الخطورات المنافية للعقائد اليقينية لا ينافي الإيمان والتصديق دائماً، غير أنّها تؤذي النفس، وتسلب السكون والقرار منها، ولا يزول وجود هذه الخواطر إلا بالحسّ أو المشاهدة، ولذلك قيل: إنّ للمعاينة أثراً لا يوجد مع العلم) (الميزان في تفسير القرآن 2: 374). وأمّا وضعه الطيور على جبل، أو سبب كونها من الطيور، أو أسماؤها، فهذه من الأمور التي لا نعرف عنها شيئاً من نفس الآية الكريمة، وقد وردت بعض الروايات في تسمية الطيور، وأنّها النسر والبطّ والطاووس والديك (الصدوق، التوحيد: 132) أو الهدهد والصرد والطاووس والغراب (الصدوق، الخصال: 265)، وورد أنّ الجبال كانت عشرة، وغير ذلك ممّا يصعب الوثوق واليقين به، كي لا نذهب ناحية التخرّص والرجم بالغيب. وأمّا التعبير بالعزّة والحكمة فهو متناسب مع سياق الآية الكريمة؛ لأنّ الحدث يبدي الله قويّاً عزيزاً مقتدراً قلّ نظيره بل انعدم، وكذلك يبديه حكيماً مدبّراً للأمور في الخلق والبعث، بلا فرق بين تفسيرنا للآية بأنّ إبراهيم قطّع الطيور إلى أجزاء، ثم وضع كلّ جزء على جبل، كما هو رأي مشهور المفسّرين، أو تفسيرنا لها بأنّه طلب منه تربيتها حتى تأنس به، ثم وضعها حيّةً على الجبال، ثم دعوتها إليه بعد ذلك، كما يميل إليه بعضهم، وإن كان التفسير خلاف الظاهر فيما نرى. والله العالم.