السؤال: 1 ـ في معرض الحديث عن الولاية التكوينيّة لأهل البيت عليهم السلام، يقول أحد العلماء: (قد يراد منها: إنّ الله جعل لهم الولاية على الكون، بمعنى أنّ زمام أمر العالم التكويني بأيديهم، ولهم السلطة التامة على جميع الكائنات بالتصرّف فيها كيفما شاؤوا إعداماً وإيجاداً، ولهم أن ينقلوا الشمس من المشرق إلى المغرب وأن يزيلوا الجبال.. إلا أنّ هذا ما لم يقم عليه دليل). لكن يعلّق البعض على هذا بأنّ أهل البيت عليهم السلام لا يمكن أن يتحرّكوا إلا في خطّ مشيئة الله ورضاه، وهذا ما لا يختلف فيه إثنان، والله عز وجل يقول: (ﻭَﻣَﺎ ﺗَﺸَﺎﺀُﻭﻥَ ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻥْ ﻳَﺸَﺎﺀَ ﺍﻟﻠَّﻪُ)، فما ردّكم على هذا، وكنّا قد قرأنا لكم أنّ هذا المفهوم للولاية التكوينيّة لم يثبت عندكم أيضاً؟
2 ـ ذكرتم في جواب سابق أنّكم لا تعتقدون بالولاية التكوينيّة، وأنّ الذي يُثبتها هو المطالَب بالدليل، لكنّ ثبوت الولاية وعدم ثبوتها يحتاج معاً إلى دليل، فيكف نفيتموها بلا دليل أيضاً؟!
3 ـ نقلتم عن السيد الحائري أنّه لا يرى الولاية التكوينية بمعنى الواسطة في الفيض وإدارة العالم وتسييره أمراً ثابتاً، فهل يمكن أن تحيلونا على مصدر لهذا الكلام؟
الجواب: يمكن الجواب عن الأسئلة الثلاثة على الشكل الآتي:
1 ـ هذه المناقشة للكلام الذي نقلتموه أعلاه عن أحد العلماء غير صحيحة بنظري القاصر؛ وذلك أنّ مجرّد كون فعل النبي والأئمّة بأمرٍ من الله لا يثبت أنّهم صاروا يملكون قدرة التأثير في العالم، فأنت الآن لا يصدر منك تكويناً إلا ما يمكّنك منه الله سبحانه، ولو شاء لسلبك قدرتك في لحظةٍ واحدة؛ إذ لا حول ولا قوّة إلا به جلّ وعلا، لكنّ هذا لا يُثبت أنّ الله منحك قوّة رفع ألف طنّ من الحديد بيديك مثلاً، فنحن لا نبحث في أنّ النبي وأهل البيت هل يمكنهم أن يسيّروا الجبال بإذن الله، فهذا ممكن، بل أنت يمكنك أن تسيّر الجبال والسماوات لو أذن الله بذلك، فلو أذن الله لك لكان معنى هذا أنّه وفّر لك القدرة على ذلك، إنّما الكلام في أنّ الله هل أقْدَرَ النبيَّ وأهلَ البيت وأذن لهم تكويناً وأعطاهم المُكنة أن يسيّروا الجبال والكواكب وغير ذلك أو لا؟ هذا هو محلّ البحث والذي ينبغي إقامة الدليل عليه.
ولكي أوضح أكثر، فإنّ ما قاله هذا العالم يقصد منه أنّه لم يثبت أنّ الله منح أهل البيت قدرة التحكّم في العالم، فلا يصحّ أن نجيبه بأنّ قدرة تحكّمهم تكون بإذن الله، فنحن نبحث في هذا الإذن نفسه هل صدر أو لا؟ وهذا الإذن ليس إذناً تشريعيّاً، فنحن لا نبحث هنا في الفقه، وإنّما المراد منه الإذن التكويني والتمكين والإقدار الفعلي الواقعي على ذلك، وهذا يحتاج لدليل، فإذا لم يثبت بدليل أنّ الله أقدرهم قلنا لم يثبت لهم هذا المعنى للولاية التكوينيّة.
2 ـ وبناء عليه، فأيّ معنى أخذنا للولاية التكوينية، فنحن أمام ثلاث حالات:
أ ـ أن نعثر على دليل يثبت هذه الولاية، بهذا المعنى أو ذاك، وهنا نتبنّى القول بالولاية التكوينيّة بمقدار ما أثبته الدليل.
ب ـ أن نعثر على دليل ينفي الولاية التكوينية بهذا المعنى أو ذاك، فهنا نتبنّى القول بعدم الولاية التكوينيّة بمقدار ما نفاه الدليل، وهذا هو الثابت عندي للولاية التكوينية التي تكون بمعنى الواسطة التامّة في الفيض، فإنّ النصوص القرآنيّة ومعها جملة من النصوص الحديثية تنفي هذا المعنى، وقد سبق أن ألمحتُ لذلك في بعض المواضع مثل ما ذكرتُه عند الحديث عن علم الغيب للنبي والإمام. بل إنّ بعض العلماء ـ مثل السيد كاظم الحائري ـ يرى أنّ الدليل القرآني قد قام على عدم امتلاك النبيّ وأهل البيت قدرة فعل ما يريدون في العالم، حيث يقول حفظه الله: (.. أمّا لو أراد القائلون بالولاية التكوينيّة أنّ المعصوم عليه السلام، يتمكّن دائماً أن يفعل ما يريد، أي لا يعجز عن أيّ شيء، فهذا خلاف صريح القرآن..) (كاظم الحائري، الإمامة وقيادة المجتمع: 148 ـ 149).
ج ـ أن لا نجد دليلاً يُثبت الولاية التكوينية، ولا نجد في المقابل أيّ دليل ينفي هذه الولاية، وفي هذه الحال يلزمنا عدم الاعتقاد بالولاية التكوينيّة، إذ لا دليل على تبرير هذا الاعتقاد، كما يلزمنا ـ للسبب نفسه ـ عدم الاعتقاد بعدمها، وعليه فالمطلوب هو القول بأنّها صفة أو سمةٌ لم تثبت للنبي أو للإمام، ولهذا قلتُ في جوابي السابق بأنّ القائل بالولاية التكوينية هو المطالَب بالدليل؛ لأنّه يدّعي حيثية وجوديّة إضافيّة، ولأنّه لو لم يُقم دليلاً على ادّعائه وجود هذه الخاصية الوجودية الإضافية في النبي أو الإمام، فإنّ الأصل العلمي هنا هو عدم ثبوتها، فنحن هنا وإن لم نقدر على نفيها في هذه الحال، لكنّ القائل بها غير قادر على إثباتها، فيكون الموقف العملي لصالح النافي أكثر منه لصالح المثبت؛ لأنّ النافي يمكنه أن يقول لم تثبت هذه الخاصية الإضافية للنبي، فلا يلزمني الاعتقاد بها، ولا يمكنني نسبتها للدين بلا دليل، فتبقى مجرّد احتمال واقعي لا أكثر.
3 ـ إنّه يمكن مراجعة مواقف السيد كاظم الحائري رعاه الله في موضوع الولاية التكوينية في كتابه المعروف (الإمامة وقيادة المجتمع: 135 ـ 153)، وقد ذهب ـ إضافة إلى نفيه المعنى المتقدّم للولاية التكوينية كما نقلنا نصّه ـ ذهب إلى عدم ثبوت الولاية التكوينية بمعنى الواسطة في الفيض وعدم ثبوت عدمها، حيث قال أيضاً: (.. قد يكون المراد بالولاية التكوينيّة أنّ الله عزّ وجلّ فوّض العالم وما يجري فيه إلى الإمام عليه السلام، فالإمام هو الذي يُسيّر الأحداث، فإن كان هذا هو مقصود القائل بالولاية التكوينيّة، فعندئذ نقول: إنّ هذا ينقسم إلى قسمين أو يحتمل فيه احتمالان: إمّا أن يفترض أصحاب هذا الرأي أنّ الإمام يسيّر الأحداث وفق عللها الغائبة عنّا والتي عرّفها له الله تبارك وتعالى، فالإمام وفق العلل يسيّر الأحداث، وإمّا أن يفترض ـ ما يشبه مقولة المفوّضة ـ أنّ الله تبارك وتعالى كأنّما فوّض الاُمور إليهم، وبدلاً عن إرادة الله.. تحلّ إرادة الأئمّة عليهم السلام ويقع ما يريدون، فهم الذين يريدون الحياة لمن يحيى ويريدون الموت لمن يموت، وهكذا، وبالإرادة مباشرةً يفعل الإمام ما يريد. فإن فُرض الأوّل ـ وهو: أنّ الله تبارك وتعالى أرشد الأئمّة عليهم السلام إلى علل الحوادث والأحداث، فيتصرّفون في العالم وفق تحريك العلل ـ فهذا كلام في الوقت الذي لم أجد دليلاً عليه لا في كتاب ولا في سنّة، لا يوجد دليل مخالف ومعارض له في الكتاب والسنّة، ولا توجد لدينا ضرورة دينيّة تمنع عن القول بذلك. أمّا لو قصدوا المعنى الثاني ـ وهو: أنّ الله فوّض إليهم الاُمور، فكما أنّ الله تبارك وتعالى يفعل ما يريد وما يشاء وبإرادته يُسيّر العالم كذلك نفترض الإمام عليه السلام، وكأنّه يحلّ محلّ الله تبارك وتعالى، وبإذنه سبحانه ومشيئته ـ فهذا في روحه يرجع إلى التفويض، أو إلى شِقٍّ من شقوق التفويض الذي ننكره كما ننكر الجبر ونقول: لا جبر ولا تفويض) (الحائري: الإمامة وقيادة المجتمع: 148 ـ 149).
✨الحقيقة المحمدية✨
الحقيقة المحمدية عند الشيخ الأحسائي على أحد وجهين:
الوجه الأول :إنها عبارة عن عالم الأمر وآدم الأول،وهي أعلى ما يحصل في الإمكان الراجح،وهي المثل الذي خلقه الله آية له،لايدل على غيره تعالى.
ويلزم من هذا الوجه :أن الحقيقة المحمدية هي محل للمشيئة ووعاء لها،كما جاء عن الإمام الحجة عليه الصلاة والسلام:(……بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله،فإذا شاء شئنا….)فإذا كانت الحقيقة المحمدية محلا ووعاء للمشيئة،فيكون قيامها إذن بالمشيئة قيام ركن،أي تحقق.
الوجه الثاني : أول صادر من مشيئة الله،وهي العنصر الأول لكل محدث،والمادة الأولى التي خلق الله كل شيء من شعاعها،وهي في هذا الوجه انفعال المشيئة،أي أثرها،فنسبتها إلى المشيئة كنسبة الانكسار إلى الكسر،ولذلك فالحقيقة المحمدية هنا قائمة بالمشيئة قيام صدور.
والفرق بين الوجهين :أن المشيئة في الوجه الأول في مقام الفعل،وفي الوجه الثاني في مقام الانفعال. وعليه فإن من اللازم لمن يريد استيعاب مايقصد الشيخ من الحقيقة المحمدية أن يفرق بين الوجهين ليتمكن من معرفة مايترتب على القول بأحدهما،أو على القول بالآخر من مطالب فلسفية عالية.
وغالبا مايدل سياق الكلام الذي يورده الشيخ على مراده، ولكن يفتقر المرء إلى أنس باصطلاحاته حتى يفهم المقصود.
?مدخل إلى فلسفة الشيخ أحمد الأحسائي،تأليف الميرزا حسن فيوضات،ص٩٧.
سؤال ..يطرح ..هل يوجد في العالم شي يتحرك من الله سبحانه مباشرة ..؟؟
بمجرد نظرة بسيطة لﻻيات القرانية نجد ان هناك عمال فلنسميهم كما سماهم القران بالمﻻئكة ..وحتى خزنة الجنة والنار هم من المﻻئكة ..
فهل الله سبحانه القادر يحتاج الى هوﻻء المﻻئكة لينفذوا وهل في كل مرة يقوم الملك بفعل يستاذن الله سبحانه ام ان خريطة عمله موجودة لديه ..
بعد كل هذا اقول ان اﻻنسان هو اعلم من المﻻئكة وهو خليفة الله في اﻻرض وﻻيوجد في البشر من هو اعلى من محمد وال محمد ليكونوا هم مدبرين هذا العالم
استفسار للسائل الأول الذي تكلم عن الحقيقة المحمدية…ففي مقام الرد نقول أن الصادر الأول سواء كان منفعلا أو فاعلا فإنه يكون بسيطا وغير معينا ومتعينا بعد، ولهذا لا يمكن نسبته إلى الحقيقة المحمدية لانها لاتتشخص إلا بتركيبات كثيرة، إطلاق كلمة الحقيقة على “محمد” لا يحولها أو يجعلها بسيطة، فقولنا الحقيقة المائية أو البساطة المائية لا يجعل الماء بسيطا. كما أن الصدور الأول خلق منه الكون كله فلا يمكن تشخيصه لمركب واحد فقط يأتي فيما بعد. وهذأ الفهم للكون يسير عليه عالم الشهود أيضا وليس فقط عالم الحقائق. ومتابعة قليلا للبحوث المعاصرة سوف يعرف المطلع أن تكون الفلسفات قد انحرفت على ما انبنى الكون عليها وكل مافي الأمر أن عالم الشهود نبذ وهمش فضاعت البوصلة علينا.
بالنسبة للسائل الثاني أن أخذ الأذن من الله عزوجل لا يتم دائما وإنما خطة العمل موجودة عند بعض البشر.
فالاستغراب في هذا الأمر هو كيف يمكن أن يحتوى المتناهي أمرا من اللامتناهي؟ كيف يمكن لإرادة إنسانية احتواء الإرادة الإلهية أو المشيئة ؟ (لا يفرق كثيرا في هذا المقام من أي بدأت ).
الأشكال الكبير في هذا الفهم أخي الكريم هو توقيف و سد للإرادة الالهية، كان الله عزوجل توقفت إرادته وهو لم يرد شيئا جديدا بعد؟ أو لا يمكنه ؟ لأنه إذا أراد فأما أن يكون موضوعا في خطته السابقة الموجودة في المعصوم أو يطور أو يغير بالخطة السابقة.
ربما في معرض الرد علينا يمكن القول إن الإله لا يعمل كالبشر فهو لأ تطرأ عليه التغييرات ولكن في الجواب نقول أي اله يكون اقدر وأمكن على فعل شيء ، تصوركم له الذي يحكم بخطة سابقة أو تصورنا الذي يبقى مهيمنا على الأحداث في أي وقت شاء هو لا عندما يشاء عبده طاعة لمشيئته؟
إن جعل إرادة الإله موضوعة في إرادة أخرى هو في حقيقته نفي لإرادته سبحانه وتعالى، وأي تمعن لقلب سليم لمعنى وحقيقة الإرادة والمشية سوف يدرك أن تحويل صدورها إلى كأئن آخر هي نفي لها وسلب لحقيقتها، فهل ترغب أخي العزيز في هكذا اله؟