السؤال: ما هو حكم الأكل في نهار شهر رمضان للحائض المنقطع عنها الدم في تمام الساعة الرابعة عصراً قبل أذان المغرب بساعتين، ولم تغتسل، وواصلت الأكل؛ لأنّها تعتبر أنّها لم تصم اليوم، وتأخّرت بالغُسل؛ لوجود طلاءٍ على أظافرها وعدم توفّر المزيل، وفيما بعد أزالت الطلاء، وتمّ الغسل، وأمسكت عن الأكل؟ (فاطمة).
الجواب: وجوب الصوم ـ بل صحّته أيضاً ـ مشروط عند الفقهاء بالنقاء من الحيض والنفاس، فإذا جاء الحيض أو النفاس ولو في بعض الوقت من النهار لم يعد هناك وجوب للصوم حتى لو عرض النقاء بعد ذلك أو قبله، بل حتى لو صامت في هذه الحال لا معنى لصومها ولا يصحّ منها الصوم حتى لو لم تكن قد تناولت أيّ مفطر من قَبْلُ خلال النهار.
وقد وردت مجموعة من الأحاديث الدالّة على هذا الحكم مثل:
أ ـ صحيحة عِيص بن القَاسم قالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه عليه السلام عَن امرَأةٍ تَطْمَثُ في شَهْر رَمَضَان، قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْس؟ قَال: (تُفْطِرُ حِينَ تَطْمَثُ).
ب ـ صحيحة محمّد بن مسلم، قال: سَألتُ أبا جَعفَرٍ عليه السلام عن الْمرأَةِ تَرَى الدَّمَ غُدْوَةً أَوِ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ أو عِنْدَ الزَّوال؟ قَالَ: (تُفْطِرُ..).
وغيرهما من الروايات التي فيها المعتبر وغير المعتبر، وقد عارضتها بعض الروايات التي تفصّل بين عروض الحيض قبل الزوال وبعده، لكنّها خضعت عندهم لمناقشات متنيّة وصدوريّة. وعلى هذا ادُّعي اتفاق كلمات الفقهاء، ولهذا يعبّر بعضهم هنا بالقول بأنّ من شروط وجوب الصوم وصحّته الخلوّ من الحيض والنفاس في مجموع النهار أو في تمام النهار. نعم، وردت بعض الأحاديث التي تحثّ المرأة على البقاء ممسكةً بقيّة النهار، لاسيما مع عدم وقوعها في أيّ مفطر خلال النهار.
وبناء على ما فهمه الفقهاء من هذه النصوص، فإنّ هذه المرأة (في السؤال أعلاه) ما تزال غير صائمة، والصوم لم يجب عليها بعدُ، وإنّما يجب في اليوم التالي مثلاً، ولا يلزمها الإسراع بالاغتسال؛ لعدم وجود دليل على ذلك، ما لم تؤخّر الصلاة عن وقتها، فإنّ صلاة الظهرين ما تزال في وقتها، وحيث إنّها طهرت قبل نهاية وقت الظهرين فهذا يعني أنّ صلاة الظهرين صارت واجبةً عليها، فعليها الغُسل الصحيح، ثم الصلاة قبل غروب الشمس.