السؤال: ذكرت في جواب لك عن سؤال سابق عدم اعتقادك بوجود الشيطان بصفته كائناً مخلوقاً. إذاً بماذا تفسّر ذكر الشيطان في موارد كثيرة جداً في القرآن الكريم، وكلّها تدلّ على أنّ له كيانه وهويّته الخاصّة؟ مثلاً عندما استكبر عن السجود لآدم؛ لأنّه مخلوق من عنصر أرقى بنظره، وهو النار، وغيرها من الآيات الكثيرة جداً في ذكر الشيطان.. فهل يعقل أن يتحدّث الخالق عن الشيطان بهذه الكيفيّة من التفصيل وبهذا التواتر ثم لا يكون موجوداً؟! ألا يعدّ الحديث عن شيء وهو ليس موجوداً ضرباً من العبث؟ ثم ما المانع العقلي إن كان الخالق قد قرّر تلبية طلبه بأن يؤخّره إلى يوم البعث وأن تكون له خاصّية إغواء الآخرين، فهذا ليس غريباً؛ لأنّه ليس من جنس الإنسان؟!
الجواب: لو راجعتم السؤال والجواب السابق مرّةً أخرى، وحتى العنوان الذي وضع لهما، للاحظتم أنّني لا أنفي وجود الشيطان، كيف والقرآن الكريم تحدّث عن وجوده، إنّما السؤال كان عن أنّه لو غضضنا الطرف عن الأدلّة النقليّة من الكتاب والسنّة، فهل يمكن أن نعثر على دليلٍ عقلي على وجود الشيطان (بوصفه المخلوق المُوَسْوِس للإنسان) أو لا؟ وعلى هذا الأساس كان الجواب بأنّ العقل لوحده لم يتمكّن حتى الآن ـ من وجهة نظري المتواضعة ـ من إقامة دليل على الموضوع، لهذا يلزمنا الاستناد إلى نصّ الكتاب الكريم لإثبات وجود الشيطان، فما نفيتُه هو الدليل العقلي على وجود الشيطان، وليس نفس وجود الشيطان.
بل يمكن أن نضيف بأنّ عدم وجود مانعٍ عقلي أمام وجود الشيطان لا يُثبت وجودَه، بل يثبت إمكانَ وجوده، ومن الواضح أنّ إثبات إمكان وجود شيء لا يعني أنّنا أثبتنا بالفعل وجود هذا الشيء، بل إنّ بعض الباحثين خلال القرن الأخير كانت لهم قراءات تأويليّة لموضوع الشيطان في الكتاب والسنّة، ولكنّني سوف أغضّ النظر عن هذه القراءات التي يمكن لبعضها ـ إذا صحّت ـ أن تُعجزنا عن الاستدلال بالكتاب والسنّة أيضاً على وجود الشيطان؛ لأنّ لها ضرباً من التأويل والتجوّز في استخدام القرآن لهذا الموضوع.
أرى أن طرح هذا العنوان هو إهدار للوقت حيث أرى فيه محاولة لإثبات أمرا كان مثبتا و مسلما به في الكتاب و السنه ، أما عن نفي وجود الإثبات لدى العقل البشر بوجود الشيطان أم لا فقد أثبته الكتب المنزلة على رسل الله قبل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و هو من المسلمات الراجحة و ايضا برغم عدم و جود المانع العقلي لا يعني بعدم و جود الشيطان لأن المصرح بذلك هو الخالق و ليس الكاتب ..شكرا